بقلم: محمد توفيق القباب لا شك في أن تنامي الاحتجاج الجماعي ببلادنا دليل على إدراك شرائح واسعة من المواطنين و المواطنات للزائف من السياسات المعتمدة لحد الآن وتعبير عن طبيعة الشعور السياسي والتظلم الاقتصادي والاجتماعي لديهم وتنديدهم بسياسات أضحت ترهن المواطن وتقتات على مصالحه وطموحاته .. من المؤسف أننا أهدرنا زمنا سياسيا ظل معه الأفق الوطني والسياسي منحصرا في قضايا خاضها الأجداد و الآباء من قبيل المطالبة بإقرار الديمقراطية واحترام الحقوق و الحريات وضمان التعليم والصحة والتشغيل .. فهاته أصبحت اليوم قضايا مفروغا منها لا تقوم قائمة للدولة بدونها . الحكومة مسؤولة عن تحرير المواطن من التخلف السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي .. وخلق الانفراج السياسي المطلوب عبر توفير شروطه من ضمان للحقوق و الحريات وتعزيز للمكتسبات و محاربة للفساد بجميع تمظهراته و تجلياته ووضع حد له و تحقيق المنفعة الاجتماعية للأمة وهي منفعة لابد و أن تقوم على أساس من العدالة الاقتصادية والاجتماعية وحتى تزرع الأمل في مستقبل أسعد للوطن و المواطن. و معلوم أن الحكومة و حتى تنجح في إصلاح الأوضاع لابد وأن تمتلك المذهب والبرنامج والسند الشعبي ولابد و أن تربط بين أعضائها رابطة تنظيمية سياسية من ذات المذهب و البرنامج و حتى تتجه إلى إصلاح الأوضاع في مختلف الميادين و تجاوز الانحرافات التي تشوبها و اقتراح البدائل و الحلول التي تعالج الأزمة من أساسها في وقتها المناسب ..و قبل أن يفوت أوان نفعها .. ومفروض في عضو الحكومة أن يتسم بصفة القائد السياسي الذي لديه حس أفضل بمصالح الجماعة ويستنتج شكوى الشعب من واقع حياته ويطرح الإصلاح المناسب لتجاوز هذا الواقع ويحرص على جعل سلطة الدولة في خدمة مصالح الشعب ولا يدخر جهدا من أجل اجترار المنافع له ودفع المضار عنه ويتفادى مماحكته ومجاذبته للتغطية عن أخطاء أو زلات قد تفضح ما هو عليه من قلة المقدرة وأن يمتلك الشجاعة لمراجعة التصورات. عندما تعجز الحكومة على تحقيق هاته الغايات، فإنها تكون غير مؤهلة لتجاوز التردي السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي و غير قادرة بالتالي على الحفاظ على التماسك الاجتماعي و على تحقيق المصالحة الوطنية بكل أبعادها فتتسم أعمالها بالاضطراب و اللامسوؤلية و إداك تنتفض الحياة بالأفعال و بردود الأفعال .. فالصبر عن الظلم جريمة و الرضى به معصية .. وعلى حد قول الشاعر" وكم قد رأينا من رجال دولة … فبادو جميعا مسرعين وزالوا ". الحكومة تستمد ركائز نجاحها من سلامة العملية الديمقراطية التي أفرزتها.. و أن فساد هاته العملية و تدجينها .. ينتج حصادا سياسيا لا يعكس فكرا سياسيا واضحا .. ولتظل الأسباب نفسها تنتج النتائج نفسها .. ونكون أمام إصرار واضح على إجهاض مسار تحقيق الديمقراطية كما يتوق إليها شرفاء هذا البلد .. وهو ما لا يرضاه أحد منهم.