المحجوبي أحرضان أصدر الجزء الأول من ثلاثة أجزاء تتكون منها مذكراته، وخلال الجزء الأول يروي تفاصيل مرحلة مهمة من تاريخ المغرب منذ 1942 إلى 1961 و"كل ما تم تدوينه في هذا الجزء هو الحقيقة بلا زواق »٫ يقول المحجوبي أحرضان أو الزايغ كما يلقبه البعض. أحرضان قال بأن هاجسه خلال كتابة هذه المذكرات لم يكن إطلاق الأحكام على الناس٬ بقدر ما هو شهادة حول كل ما عشته٫ و"أنقله لهذا الجيل٫ وأنقل لهم أخطاء الطبقة السياسية خلال تلك الفترة وتاريخها لأننا ضيعنا الكثير من الوقت ويجب الاستفادة من الأخطاء".
أحرضان تحدث خلال حفل تقديم كتابه٫ عن رأيه في الكثير من الشخصيات٫ التي طبعت تاريخ المغرب الحديث٫ ومن بينهم الجنرال أوفقير٫ الذي وصفه بأنه "رجل وطني وكان عسكريا من أعلى مستوى"، قبل أن يتحدث عن قصة جمعته بأوفقير خلال مرحلة نفي الملك محمد الخامس من المغرب، أحرضان قال بأنه توجه رفقة خمسة ضباط آخرين إلى بيت أوفقير وأقسموا أمامه بأنه إذا تعرض الملك محمد الخامس لأي مكروه٫ فإنهم مستعدون للتضحية بحياتهم فداء له، لكن أوفقير قال بأنه لا علم له بأي جديد وفي حالة عرف شيء سيخبرهم.
رجل آخر كان من بين الرجال الكبار الذين مروا في تاريخ المغرب وهو المهدي بن بركة٫ الذي مازال اختفاؤه يطرح علامة استفهام كبيرة في المغرب، المهدي بن بركة حسب أحرضان "كان صديقا لي وكان يمكن للمغرب أن يستفيد منه أكثر لو جرت الأمور بشكل آخر، وحكي أحرضان قصة جمعت بينه وبين المهدي بن بركة وعباس المسعدي، حيث أن بن بركة طلب من أحرضان أن يتحدث مع عباس المسعدي٫ حتى لا ينعت المهدي بالخائن ٫ »توجهت إلى عباس وقلت ما مشكلتك مع المهدي فأجابني عباس بأنه بعد أن تم إطلاق سراحه (توجه إلى المهدي من أجل مساعدتي في المرة الأولى استقبلي ووعدني بأنه سيساعدني٫ وفي المرة الثانية لما توجهت إلى بيته استقبلتني خادمة وأخبرتني بأن المهدي يقول لي إما أن أنصرف من البيت أو يطلب الشرطة)، يقول أحرضان الذي ينقل على لسان عباس المسعدي بأنه كاد أن يقتل المهدي بن بركة. لغز آخر لم يحل إلى الآن وهو اغتال عباس المسعدي، لكن أحرضان يحكي بعض تفاصيل عميلة الاغتيال ويقول: "عندما وصل عباس المسعدي إلى فاس قيل له أن الحجاج ينتظرك من أجل الغذاء معه٬ وعندما وصل إلى بيت الحجاج قاموا باختطافه٫ الحجاج لم يقتل عباس ومن أشرف على عملية الاغتيال مازال على قيد الحياة وتم اغتياله بمسدس صغير". أحرضان تحدث أيضا عن نقل جثمان عباس المسعدي من فاس إلى أجدير ٫ وهي العملية التي كادت تنتهي نهاية دموية٫ وعن هذا الحدث يقول أحرضان، "قمت بجمع قادة جيش التحرير في شاطئ الرباط٫ وقررنا بأن ننقل جثمان عباس إلى أجدير٫ وقمنا بإخبار وزير الداخلية آنذاك وذهبنا إلى فاس٫ أنا والخطيب حيث كان الملك٫ وكنا نريد مقابلته لكن لم نتمكن من ذلك، وعندما ذهبنا إلى المقبرة جاء شخص ٫ وقال للخطيب بأن شخصا يطلبه"، وفي نفس الوقت انعقد مجلس وزاري ترأسه الملك وحملوا المسؤولية لأحرضان والخطيب، ليفاجأ أحرضان ورفاقه بأن السخيلي مفتش الداخلية آنذاك مصحوبا بوالي مدينة فاس ومئات من المخازنية مسلحين يطوقون المقبرة٫ وقالوا لأحرضان بأن الملك يطلب منهم التوقف. الأمور ستتطور بعد ذلك لتصل فرقة من الجيش الملكي إلى المنطقة٫ وكاد أن يحدث اشتباك بين الجيش وعدد من ريافة٫ الذين قاموا بتطويق المقبرة٫ لكن "لحسن الحظ أن هذه الفرقة كان يرأسها الشبلي٫ وهو كان صديقا لي في الجيش الفرنسي٫ وقال لي أن أتكفل بريافة٫ وهو سيتكلف بالجيش حتى لا تتطور الأمور". وحتى بعد نقل رفات عباس إلى أجدير سيتم إلقاء القبض على الخطيب وعلى أحرضان الذي سيقضي ليلتين في السجن قبل الإفراج عنه. أما عن حرب الريف وعلاقة سكان الريف مع ولي العهد آنذاك مولاي الحسن٫ قال أحرضان بأن "ريافة كانو زايغين وكانوا يرفعون شعار جمهورية الريف٬ هذا سبب احتكاكهم مع ولي العهد آنذاك". أحرضان لم ينس رفيقه في جيش التحرير٫ وكذلك في الحركة الشعبية الديمقراطية المرحوم الخطيب الذي وصفه أحرضان بأنه "أفضل رفيق وأوفى رجل عرفته في حياتي٫ وتقاسمت معه نفس السرير في السجن لمدة أربعة أشهر".