قال وزير الصحة، خالد آيت الطالب، إن المنظمة الصحية في المملكة تعاني نقصا مزمنا في الموارد البشرية، يضاف إلى غياب التّوازن الجهوي في توزيع المناصب، ما اعتبره تحدياً كبيرا للقطاع الصحي. وسجل آيت الطالب، في لقاء مع أعضاء مجموعة العمل الموضوعاتية المكلفة بقطاع الصحة في مجلس النواب، أن الوضعية الراهنة تشهد عجزاً بنيوياً كمّياً، ونوعياً في مهنيّي الصحة بحاجيات تتجاوز 97 ألف مهني (32.522 من الأطباء و65.044 من الممرضين)، حيث لا تتعدى الكثافة الحالية 1,7/1.000 نسمة (ما يعني خصاصاً مُهوِلاً يصل إلى 2,75/1.000 نسمة طبقا للغايات المحددة في أهداف التنمية المستدامة). وأضاف آيت الطالب أن استعمال المناصب المالية بالنسبة إلى الأطقُم الطبية، والتمريضية، والتّقنية لا تتجاوز في بعض الأحيان حاجز 30 في المائة، الأمر الذي يستدعي البحث عن حلول مستعجلة لهذا الإشكال، كما سجل تراجع القيمة الاعتبارية للمهن الصحية في البلاد، وانعدام العدالة في التوزيع الجغرافي لها، وعدم تكافؤ العرض الصحي، الذي لا يستجيب لتطلعات المواطنين. كما نبه آيت الطالب إلى ما أثاره تقرير لجنة العمل الموضوعاتية بشأن محدودية تمويل القطاع الصحي، الذي يَعتمِد، بشكل رئيسي، على المساهمة المباشرة للأسر، التي تصل إلى 50,7 في المائة (مقارنة بالمعايير الدولية المحددة في 25 في المائة)، وضعف التمويل التأميني، والتّعاضدي، الذي لا يتجاوز 25 في المائة، إضافة إلى محدودية الميزانية المخصصة للقطاع الصحي، التي لا تتجاوز نسبة 6 في المائة من الميزانية العامة للدولة (بينما توصي منظمة الصحة العالمية ب12 في المائة). وبعدما أرجع السبب وراء هذه الوضعية إلى فشل، واستنفاذ برامج الإصلاح السابقة، قال آيت الطالب إن وزارته تشتغل على إعداد برنامج إصلاحي مهيكِل للمنظومة الصحية، خصوصا أن واقع التغطية الصحية الأساسية سيغطي مستقبلا مستفيدين جدد، يتجاوز عددهم 22 مليون نسمة، الشي الذي سيرفع من الضغط على النظام الصحي الوطني، بشِقيه العام، والخاص. وأشار المسؤول الحكومي إلى أن الإصلاح الجديد يستند على مرتكزات، من بينها "تثمين الموارد البشرية عبر مراجعة القوانين المتعلقة بمزاولة المهنة، وفتحها أمام الأطباء الأجانب، واستقطاب الكفاءات الوطنية بالخارج، وإحداث وظيفة عمومية صحية عبر مراجعة القانون في المنظومة الصحية، وتحسين جاذبية القطاع الصحي العمومي، وتحفيز العنصر البشري، مع إصلاح التكوين في المجال الصحي". كما يرتكز مشروع الإصلاح على تأهيل العرض الصحي، عبر تدعيم البعد الجهوي، وإحداث خريطة صحية جهوية، وتأهيل المؤسسات الصحية، واعتماد مقاربة جديدة لصيانة البنايات، والمعدات الطبية، وإقرار إلزامية احترام مسلك العلاجات، وفتح رأسمال المصحات أمام المستثمرين الأجانب. كما أشار الوزير إلى إحداث نظام معلوماتي مندمج لاستغلال جميع المعطيات الأساسية الخاصة بالمنظومة الصحية، بما فيها القطاع الخاص، وتدبير الملف الطبي المشترك للمريض، وتحسين نظام الفوترة في المؤسسات الاستشفائية.