ما يزال الغموض والجدل يلفان الجريمة المروعة التي هزت قرية "تازوكارت" ضواحي مدينة بوذنيب بإقليم الراشيدية الأحد الماضي، التي راح ضحيتها الطفل أكرم البالغ من العمر 3 سنوات، بعدما أقدم شاب ثلاثيني على ذبحه من الوريد إلى الوريد وأطلق ساقيه للريح، لكن عناصر الدرك، وبمساعدة من سكان القرية، تمكنوا من الوصول إلى مخبئه واعتقاله دون أن يبدي أي مقاومة في مواجهتهم. واستنادا إلى المعلومات التي حصلت عليها "أخبار اليوم" من مصادر قريبة من الموضوع، فإن عناصر الدرك بمدينة بوذنيب، والذين كلفوا بإجراء الأبحاث التمهيدية في هذه الجريمة المروعة، واجهوا الصعاب في استنطاق الشاب الجاني، الذي تم إخضاعه منذ مساء يوم الأحد الماضي لتدابير الحراسة النظرية، وذلك بغرض الحصول على معطيات وتصريحات منه قد تفيد أبحاثهم، للكشف عن جميع ظروف وملابسات وخلفيات ودوافع إقدامه على مطاردة الطفل والإمساك به وذبحه من الوريد إلى الوريد. وأضافت المصادر عينها بأن الصعاب نفسها في دفع الثلاثيني المشتبه فيه للبوح بتفاصيل جريمته المروعة، واجهتها النيابة العامة لدى محكمة الاستئناف بمدينة الراشدية، والتي أحيل عليها الشاب في حالة اعتقال أول أمس الثلاثاء، بعدما قضى مدة الحراسة النظرية في ضيافة مركز الدرك الملكي بمدينة بوذنيب، حيث بدا المشتبه فيه في وضعية غير سليمة، فسرتها محاضر المحققين بناء على معطيات حصلوا عليها من عائلته، على أنه يعاني من اضطرابات نفسية وإدمان مفرط على المخدرات والأقراص المهلوسة، وهو ما دفع النيابة العامة إلى إحالته في حالة اعتقال على قاضي التحقيق بنفس المحكمة لأجل تعميق أبحاثه معه، للكشف عن خلفيات ودوافع اقترافه للجريمة المروعة في حق طفل صغير. وعلمت "أخبار اليوم" بأن الثلاثيني الذي يواجه جناية "القتل العمد مع سبق الاصرار والترصد"، اكتفى خلال جميع أطوار البحث والتحقيق معه أمام عناصر الدرك والنيابة العامة وقاضي التحقيق في أول جلسة للاستماع إليه ابتدائيا يوم أول أمس الثلاثاء، (اكتفى) بالاعتراف بالفعل الجرمي المروع المنسوب إليه، لكنه صام عن الكلام بخصوص استنطاقه عن الأسباب والدوافع والخلفيات، قبل أن يعود إلى هلوسته وسلوكاته المضطربة، وهو ما حذا بقاضي التحقيق إلى إصدار أمر بإيداعه سجن "توشكة" بمدينة الراشدية في انتظار مثوله أمام جلسة لاحقة لاستنطاقه، خصوصا أن عائلته طالبت بإخضاعه للخبرة الطبية والتأكد من قدراته العقلية في التصرف والإدراك، وهو ما قد يجبر قاضي التحقيق خلال الجلسة المقبلة على عرض الثلاثيني المعتقل على مصلحة الأمراض العقلية والنفسية بالمستشفى الجهوي بالراشدية، للتأكد من إصابة الشاب بخلل عقلي من دونه، وذلك قبل أن يحسم في مصيره ومسؤوليته الجنائية في جريمة القتل التي وجهها له الوكيل العام للملك. هذا وتضاربت الروايات والمعلومات التي جمعها المحققون حول الشاب من عائلته وجيرانه وأهل قريته "تازوكارت" بجماعة "وادي النعام" ضواحي مدينة بوذنيب، حيث قالت عائلته إنه يواجه خللا عقليا واضطرابات نفسية منذ عودته إلى القرية في مارس من العام الماضي قادما إليها من مدينة وجدة، حيث كان يشتغل هناك في إحدى الشركات التي سرحت عمالها بسبب تداعيات جائحة كورونا، ما تسبب في عطالته عن العمل وإدمانه على تناول الأقراص الطبية المهلوسة وأنواع اخرى من المخدرات، وهو ما غير مجرى حياته بحسب رواية عائلته وبعض من جيرانهم، بعدما بات يظهر سلوكات عدوانية وعنيفة كانت بدايتها من وسط عائلته، لما حاول الاعتداء على أبيه بواسطة سكين، وتعريض والدته لاعتداء مشابه تسبب لها في جروح غائرة على مستوى الفخذ، لكنها رفضت تقديم شكوى في مواجهته بسبب مرضه العقلي. وفي هذا السياق أفاد أحد جيران العائلة بقرية "تازوكارت"، بأن حالة الشاب المتسمة بالعنف ضد الغير مهما كانت درجة قرابته، شاعت بين أهل القرية شهورا قليلة قبل أن يقترف يوم الأحد الماضي جريمته المروعة، لما أقدم الثلاثيني المعتقل على ذبح حمار من الوريد إلى الوريد، بعدما اعترض طريقه بإحدى الحقول الزراعية، ونفس المصير لقيته حيوانات أخرى كالقطط وكل ما يجده الشاب في طريقه، قبل أن يفاجئ الجميع بتنفيذه بالطريقة عينها لجريمته التي راح ضحيتها الطفل أكرم، فيما قالت روايات أخرى، مصدرها بعض جيران الشاب ومن سكان قريته، إنه بعد عودته من مدينة وجدة وضياعه لفرصة عمله بسبب كورونا، حمل معه إدمانه على تناول الأقراص المهلوسة من نوع "الإكستازي"، لكنه يبدو في وضعية عقلية سليمة لا تظهر اختلالا أو اضطرابا في قدراته العقلية، ودليلهم على ذلك أنه كان يشتغل بإحدى الضيعات الفلاحية بضواحي مدينة بوذنيب، وهو ما زاد من حدة الغموض والجدل اللذين يلفان الجريمة المروعة التي اقترفها في حق طفل بريء، والتي تعزيها المعطيات الأولية للتحقيق إلى إصابته بخلل عقلي وإدمانه على المخدرات، مما أفقده قدراته العقلية في التصرف والإدراك. من جانبه، قال والد الطفل أكرم، والذي ينتظر أن يستمع إليه قاضي التحقيق خلال الجلسة المقبلة، بعدما تعذر ذلك يوم أول أمس الثلاثاء، بسبب الحالة النفسية المتأزمة للأب المكلوم وانشغال العائلة بمراسيم دفن صغيرهم وتلقي العزاء، (قال) في حديثه للجريدة والكلمات تعلق بحلقه وهو يحاول تجميع فصول الجريمة المروعة التي أفقدته طفله الصغير، إن "أكرم رحمه الله كان برفقة أخيه الذي يكبره بثلاث سنوات، متجهين صوب منزل جدتهما الذي يوجد على مسافة قريبة من سكن العائلة، حيث تفاجأ الصغيران باعتراض طريقهما من قبل الشاب الثلاثيني الذي شرع في الركود وراءهما، إذ تمكن من الإمساك بالطفل أكرم فيما نجح أخوه في الفرار نحو بيت الجدة". وزاد الأب أن الجاني لم يترك لابنه الأكبر في ربيعه السادس متسعا من الوقت لإخبار جدته وجيرانها بحادث اختطافه للطفل أكرم والإسراع لنجدته، حيث أقدم مختطفه في وقت قصير جدا على إحكام قبضته على الطفل وأسقطه أرضا وقام بذبحه من الوريد إلى الوريد بواسطة سلاح أبيض يحتفظ به بمعطفه ولا يفارقه أبدا، وهو نفس السكين من الحجم الكبير الذي سبق له أن استعمله في ذبح حمار بأحد الحقول الزراعية، حيث سبق لأهل القرية، يردف أب الطفل، أن نبهوا السلطات المحلية الى خطورة هذا الشاب وسلوكياته العنيفة لكنهم لم يبالوا بهذه الشكايات، "فكانت النتيجة ذبحه لطفلي بشكل مروع، تاركا إياه يصارع الموت مثل الشاة بعدما قطع بواسطة سلاحه الأبيض الأوعية والأنسجة المحيطة بعنق صغيري، ستظل هذه الصورة المروعة والصادمة منقوشة في ذهني وعصية على النسيان لي ولزوجتي، التي سارعت إلى حمل صغيرنا من على الأرض وحضنته والدماء تفور من عروق رقبته". هذا وعاشت مدينة بوذنيب، منذ يوم الأحد الماضي، احتجاجات قوية لسكان قرية "تازوكارت" بجماعة "وادي النعام" ضواحي مدينة بوذنيب، حيث رفعوا شعارات نددت بغياب الأمن بقريتهم، التي يكتفي عناصر مركز الدرك ببوذنيب على زيارتها كلما وقعت جريمة ما، بحكم عدم توفر القرية على مركز للدرك أو القوات المساعدة، فيما حمل المتظاهرون السلطات مسؤولية ما تعرض له الطفل أكرم، بعدما سبق لهم أن وضعوا شكايات لدى سلطات بوذنيب بخصوص التصرفات العدوانية للشاب المعتقل..