يتواصل الجدل بين وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والمكتب الوطني للأعمال الجامعية الاجتماعية والثقافية من جهة، والطلبة وعائلاتهم من جهة أخرى، بسبب استمرار إغلاق الأحياء الجامعية بالمغرب منذ انطلاق الموسم الجامعي الحالي في أكتوبر الماضي، بالنظر إلى تدابير حالة الطوارئ الصحية، وهو الوضع الذي أدخل آلاف الطالبات والطلبة المغاربة في قلب معاناة حقيقية، بعدما وجد غالبتهم المتحدرون من المناطق الجبلية ومدن وقرى المغرب العميق أنفسهم بدون مأوى جامعي. وفي هذا السياق، أحرج موضوع استمرار إغلاق الأحياء الجامعية إدريس إعويشة، الرئيس السابق لجامعة الأخوين بإفران والوزير الحالي المنتدب لدى وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي المكلف بالتعليم العالي، خلال أول ظهور له مساء أول أمس الثلاثاء بمجلس المستشارين منذ استوزاره، حيث واجه بالجلسة العامة المنقولة على المباشر، انتقادات من الفرق والمجموعات البرلمانية بالغرفة الثانية، بسبب عدم كشف الوزارة حتى الآن عن جدولة زمنية محددة لفتح الأحياء والمطاعم الجامعية، وإنهاء معاناة الطلبة وعائلتهم مع المصاريف المكلفة لكراء غرف بأثمنة خيالية بغرض البقاء قريبين من كلياتهم ومعاهدهم العليا لمواكبة الدروس وحضور حصص الأشغال التطبيقية. ورد الوزير إعويشة بأن قرار إبقاء الأحياء والمطاعم الجامعية مغلقة بجميع التراب المغربي، اتخذته وزارته بتنسيق مع وزارتي الداخلية والصحة، حفاظا على سلامة الطلبة وجميع المرتفقين بهذه المؤسسات الجامعية؛ من إداريين وأعوان وعمال، مشددا على أن هذا القرار سينجلي مع تحسن الحالة الوبائية بالمغرب. واستحضر الوزير في جوابه عن الانتقادات الموجهة إليه من الفرق البرلمانية بمجلس المستشارين، دفاعا منهم عن الطلبة المتحدرين من أسر تعيش الهشاشة والفقر، والذين يشكلون أغلبية ساكنة الأحياء الجامعية، (استحضر) قرار الإغلاق الشامل للأحياء والسكنيات الطلابية، الذي تبنته جل الجامعات الدولية بسبب الظروف الصحية الاستثنائية التي فرضتها كورونا، وتبني هذه الجامعات، كما يقول الوزير إدريس إعويشة، نظام الدراسة عن بعد باستثناء حصص الأشغال التطبيقية التي يسمح فيها للطلبة بحضورها، وهي نفس التدابير التي تبناها المغرب في جامعاته موازاة مع حالة الطوارئ الصحية التي فرضتها السلطات العمومية والصحية. واشتكى الوزير إدريس إعويشة من التحديات التي يفرضها البروتوكول الصحي الموصى به من قبل وزارة الصحة والسلطات العمومية بالأحياء الجامعية، حيث يسمح بإيواء طالبين اثنين فقط بكل غرفة، والحال أن جل الغرف بالأحياء الجامعية، يوضح الوزير المكلف بالتعليم العالي، تأوي أكثر من 4 طلاب بأحياء الذكور ونفس العدد بغرف أحياء الطالبات، وقد تتعداها إلى 6 أشخاص بسبب استقبال الطالبات لأصدقائهن والطلبة لزملائهم بنفس الغرفة، ما جعل الوزارة ورؤساء الجامعيات ومدراء الأحياء الجامعية يواجهون صعوبات في المعايير المعتمدة لانتقاء الطلبة المسموح لهم بالسكن الجامعي طبقا للبرتوكول الصحي، علما أن إقصاء البعض منهم سيشعل احتجاجات بالجامعات، وهو ما جعلنا نفضل إبقاء الأحياء الجامعية مغلقة، في انتظار ظروف أفضل مع تحسن الحالة الوبائية بالمغرب. وبخصوص الإطعام، أفاد الوزير بأن المكتب الوطني للأعمال الجامعية الاجتماعية والثقافية، التابع لوزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، بصدد وضع اللمسات الأخيرة على مقترح يسمح بتوفير الوجبات المحمولة بنفس الأثمان التفضيلية التي كانت تعتمدها المطاعم الجامعية، خصوصا لفائدة الطلبة الملزمين بحضور حصص الأشغال التطبيقية بالكليات والمعاهد العليا. وفي مقابل الانتقادات الموجهة إلى وزارته، أشاد الوزير المكلف بالتعليم العالي بالمنجزات على الأرض التي تواكب، كما قال، حرص الوزارة بتنسيق مع المكتب الوطني للأعمال الجامعية الاجتماعية والثقافية، على احترام ظروف حالة الطوارئ الصحية وكافة التدابير الاحترازية لتجنب تفشي الفيروس التاجي بالجامعات ومرافقها، حيث ذكر الوزير بما هيئته مصالح وزارته استعدادا للدخول الجامعي في أكتوبر الماضي قبل اتخاذ الوزارة لقرار التدريس عن بعد، منها إحداث المنصة الإلكترونية لانتقاء المستفيدين من السكن الجامعي، وتعميم بطاقة إلكترونية خاصة بوجبات المطاعم الجامعية. وفي موضوع البنيات الجامعية التحتية، أفاد الوزير بأنه يحرص على رفع الطاقة الاستيعابية للإيواء، عبر فتح حيين جامعيين جديدين بكل من أكادير وتطوان، وتوسيع الحي الجامعي بالراشيدية، واستئناف أشغال بناء أربعة أحياء جامعية بمدن الناظور وتازة والقنيطرة والرباط، فيما ستنطلق مشاريع بناء أحياء إضافية بفاس والحسيمة والمحمدية وسطات، كما وقعت الوزارة برسم الموسم الجامعي الحالي على 14 اتفاقية شراكة مع الخواص لبناء قاعات جامعية متعددة التخصصات بعدد من الجامعات المغربية التي تعاني من الاكتظاظ، قبل أن يختم الوزير عرضه لمنجزات وزارته بحديثه عن نجاحه، كما قال، في الوصول إلى اتفاق مع "الوكالة الوطنية لتقنين الاتصالات" والشركات الخاصة الفاعلة في القطاع، للحصول على أفضل عرض لتوفير خدمة "الويفي" بجودة عالية بالجامعات المغربية، وتمكين الطلبة انطلاقا من مقر سكنى عائلاتهم من الولوج إلى المنظومة الإلكترونية للجامعة، والتواصل مع مختلف مصالحها وتلقي الدروس عن بعد، وهو المشروع الذي سيمول، حسب ما كشف عنه الوزير إدريس إعويشة بالجلسة المباشرة لمجلس المستشارين مساء أول أمس الثلاثاء، من الصندوق المخصص للخدمات الإلكترونية الموجهة لفائدة الجامعات، الذي تساهم فيه شركات الاتصالات بالثلثين ووزارة التعليم العالي بالثلث..