رفع الوضع الوبائي المقلق بمجموعة من المحاكم في الدارالبيضاء درجة الاحتقان في صفوف موظفي وزارة العدل، الذين انتشر فيروس كورونا المستجد في صفوفهم، واختطف رفاقا لهم في كتابة الضبط وفي جسم القضاء والمحاماة، في موجة قاسية خلفت مئات الإصابات، سواء المعلن عنها أو المخفية، وهو ما دفع إلى مطالبة وزارة العدل بالكشف عن الأرقام الحقيقية لعدد الإصابات بالفيروس التاجي والوفيات أيضا. وحسب مصادر "أخبار اليوم"، فإن مدينة الدارالبيضاء، التي تعرف ارتفاعا صاروخيا في أعداد الإصابات والوفيات معا، نتيجة المواجهة القاسية مع جائحة "كوفيد 19" العالمية، تعيش محاكمها ذعرا وتخبطا وهلعا، نتيجة سقوط ضحايا للفيروس القاتل في صفوف قضاة ومحامين وكتاب الضبط، إذ ودع الأسبوع المنصرم الجسم القضائي محاميين وقاضيين وكاتب ضبط، بينما لازالت هناك حالات ترقد بأقسام الإنعاش. وكشفت المصادر ذاتها، حسب معطيات تقريبية، أن المحكمة الزجرية الابتدائية بعين السبع يفوق عدد الإصابات فيها 60 حالة، بينما المحكمة المدنية فتقارب 80 حالة إصابة بفيروس كورونا المستجد، فيما أصيب أزيد من 20 موظفا في محكمة الاستئناف بالفيروس التاجي، في حين قدرت المصادر ذاتها عدد الإصابات المسجلة في المحكمة الاجتماعية ب30 حالة، غير أن وضع المحكمة التجارية، التي تتسم ظروف الاشتغال فيها بالصعوبة، خصوصا في ظل الجائحة الوبائية، لوجود مكاتب في الطابق تحت أرضي، وغياب التهوية، وتكدس الموظفين في المكاتب المفتوحة، كلها عوامل جعلت من الصعب حصر عدد الحالات الإيجابية المصابة، وهو ما رفع منسوب القلق والاحتقان في صفوف الموظفين، مطالبين بالإسراع في تفعيل حلول آنية للوضعية الخطيرة بمحاكم الدارالبيضاء، التي تعيش انتشارا سريعا للوباء وتفشيا جماعيا تسبب في ارتفاع عدد القتلى بشكل كبير خاصة في نونبر الجاري. وأضافت المصادر عينها أن المحكمة الإدارة، التي كانت محصنة وتعرف إجراءات مشددة، تسلل إليها الفيروس التاجي، وشهدت حالات الإصابة بدورها، إضافة إلى ظهور 5 حالات إصابة بالفيروس في المديرية الفرعية الإقليمية لوزارة العدل، دون إحصاء الإصابات في عدد المخالطين، وهو ما يشير إلى تدهور الوضعية الوبائية بالمحاكم البيضاوية. وفي هذا الصدد، أوضح العربي البغدادي، نائب الكاتب العام للنقابة الوطنية للعدل، أن الموظفين بمحاكم الدارالبيضاء يعيشون على الخوف والترقب، خصوصا وأن الأمر قد يتعدى الإصابة الجسدية للموظفين ويتنقل إلى عائلاتهم، وهو ما وقع لأحد الموظفين الذي أصيب بكورونا ونقل العدوى إلى والدته التي توفيت جراء مضاعفات الفيروس اللعين، وهو وضع نفسي وكارثي ومأساوي. وأضاف البغدادي، في اتصال مع "أخبار اليوم"، أن المكتب النقابي طالب وزارة العدل بالكشف عن عدد الإصابات والوفيات جراء المواجهة مع الفيروس التاجي، مشددا على ضرورة إغلاق بعض المحاكم بالدارالبيضاء، خاصة المحكمتين الزجرية والمدنية، بسبب ارتفاع نسبة الإصابة بالفيروس فيهما، وعدم اعتماد العمل بالتناوب، وأيضا لغياب شرط التباعد، مشيرا إلى أن هذه المحاكم لا زالت تشتغل بالوتيرة العادية التي كانت عليها قبل ظهور الجائحة الوبائية، بالرغم من الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الحكومة، واعتبرت الدارالبيضاء مدينة مغلقة بسبب الوباء، إضافة إلى تعليمات سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، بإمكانية العمل عن بعد دون التأثير على السير العادي للعمل. وشدد نائب الكاتب العام لنقابة العدل على أنه في المرحلة الانتقالية، في انتظار مرور الموجة الأولى للتلقيح ضد "كوفيد 19′′، يجب اعتماد التناوب في المكاتب بكتابة الضبط كإجراء أولي، واعتماد مسطرة المقرر في المساطر الكتابية، وتقليص عدد الملفات الرائجة في الملفات، خاصة الجنحية والجنائية، مشيرا إلى إدراج أعداد كبيرة من الملفات في الجلسة الواحدة قد تصل إلى 100 ملف، وبالتالي فلا يمكن لقاعة الجلسات أن تحتضن هذا الكم الهائل من المحامين والقضاة والموطنين في جلسة واحدة، وهو ما يفرض اعتماد التفويج في الملفات وفي حضور المحامين داخل القاعات. وعقد المكتب المحلي للنقابة الوطنية للعدل، المنضوية تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، جلسة مستعجلة، في ظل ارتفاع منسوب الإصابة بالوباء في صفوف هيئة كتابة الضبط، وباقي الشركاء في العملية القضائية، وتزايد عدد الحالات الحرجة، وكذا عدد الوفيات، معبرا عن قلقه من استمرار العمل بمحاكم الدائرة، وانعقاد جلساتها بالوتيرة العادية في ظل مدينة مغلقة، وبإجراءات احترازية استثنائية ممددة، مسجلا قلقه حول الوضع الوبائي بمحاكم الدائرة والمديرية الفرعية، وتزامنه مع نوع من التراخي في التعاطي مع الحالات المصابة وحصر لوائح المخالطين، بعد ارتفاع نسب الإصابة يوميا وظهور حالات الوفيات. وأكد المكتب النقابي المحلي، في بيان له، أن الوضع الوبائي بالمحكمة الزجرية والمدنية يستوجب الإغلاق، وبالمحكمة الاجتماعية والتجارية والاستئناف والإدارية والمديرية الفرعية، يجب اعتماد التناوب حفاظا على حياة المرابطين في التقديم والجلسات والصناديق والمكاتب الخلفية، في ظل عجز مكاتب الواجهة عن الحد من تدفق المرتفقين إلى عمق المحاكم، داعيا السلطة القضائية ووزارة العدل إلى إغلاق مؤقت للمحكمة الزجرية والمدنية باعتبارهما بؤرة وبائية تفاديا للأسوأ؛ إذ إنه في ظل ارتفاع معدل الإصابة، "تفتقت عبقرية" مسيريها إلى فتح الأبواب لاستقبال العموم بالمكاتب الداخلية، والضغط على ذوي الأمراض المزمنة، وكأن حياتهم لا تقل قدسية عن حياة المشتغلين في قصر العدالة والمديرية الفرعية بالرباط أو الناظور وطنجة، التي سجلت فيها نسب أقل مما هو مسجل في هاتين المحكمتين وتم إغلاقها.