حكم قضائي غير مسبوق أصدرته الغرفة الجنحية باستئنافية مراكش، الاثنين المنصرم (24 فبراير الجاري، قضى بالموافقة على منح السراح المؤقت لمتهم مع إخضاعه لتدابير المراقبة القضائية، بأداء كفالة مالية قدرها مائة مليون درهم (10 ملايير سنتيم) وسحب جواز سفره وإغلاق الحدود في حقه، وشدد الحكم على أن يوضع مبلغ الكفالة، التي أكدت مصادر قانونية متطابقة بأنها الأكبر من حيث القيمة المالية في تاريخ القضاء المغربي، بصندوق المحكمة نفسها داخل عشرة أيام من تاريخ صدور الحكم، تحت طائلة إبقاء المتهم تحت الاعتقال الاحتياطي. وقد جاء الحكم المذكور على خلفية الطعن بالاستئناف الذي تقدم به أحد المحامين أمام الغرفة الجنحية، برئاسة القاضي عبد الكريم قابيل، ضد الأمر الصادر عن قاضي التحقيق بابتدائية مراكش، بالمتابعة في حالة اعتقال لموكله «م.ب» (35 سنة)، الذي يخضع لتحقيق إعدادي في إطار الملف عدد 5/2020، منذ 19 يناير الفارط، بناءً على ملتمس من النيابة العامة بالابتدائية نفسها بإجراء تحقيق في مواجهته، في حالة اعتقال، للاشتباه في ارتكابه جنحا متعلقة ب «النصب، خيانة الأمانة، السرقة، التصرف في مال مشترك بسوء نية، المشاركة في تزوير محرر عرفي، والمشاركة في استعماله، وإساءة استعمال أموال مشتركة»، المنصوص عليها وعلى عقوبتها في الفصول 505، 540، 547، 523، 542، 129و359 من القانون الجنائي، وبعد أن أيّد قاضي التحقيق، في ختام جلسة الاستنطاق الابتدائي للمتهم، ملتمس النيابة العامة بوضعه رهن الاعتقال الاحتياطي محرّرا أمرا مكتوبا بإيداعه سجن «الأوداية»، قرّر دفاعه اللجوء إلى الغرفة الجنحية (غرفة المشورة)، باعتبارها الهيئة القضائية الموكول إليها قانونيا الفصل في الاستئنافات المرفوعة ضد أوامر قضاة التحقيق، وقد تم تسجيل الملف بالغرفة تحت رقم 53/2526/2020، بتاريخ الجمعة 21 فبراير الجاري، ليتحدد الاثنين 24 من الشهر ذاته تاريخا للجلسة الأولى، التي قضت فيها بإلغاء الأمر الصادر عن قاضي التحقيق، والأمر بتمتيع المتهم بالسراح المؤقت مع إخضاعه لتدابير المراقبة القضائية المذكورة. وأرجعت مصادر قانونية تقييد الغرفة منحها السراح المؤقت للمتهم بأدائه كفالة مالية مرتفعة القيمة المالية وسحب جواز سفره وإغلاق الحدود في وجهه، إلى «خطورة الأفعال المرتكبة من طرف المتهم»، الذي كان يملك محلا للمأكولات الخفيفة بمراكش قبل أن يصبح وسيطا عقاريا ثم مالكا لشركة متخصصة في البناء، والذي يوجد معه موضوع تحقيق إعدادي في الملف عينه متهمان آخران معتقلان احتياطيا، ويتعلق الأمر بكل من «ر.ل» (44 سنة)، موظف بجماعة «تسلطانت»، بضواحي مراكش، و»أ.ع» (38 سنة)، وهو موضوع مذكرات بحث على الصعيد الوطني من أجل النصب، ويُشتبه في أنه ينتحل صفة محام، فيما لازال مشتبه به آخر في حالة فرار. وقد جاء فتح أبحاث أمنية وقضائية في مواجهة المتهمين المذكورين على خلفية شكاية تقدم بها مهاجر مغربي بهولندا، يسمى «م.ع» (37 سنة)، حول تعرّضه للنصب وسلبه مبالغ مالية وصلت إلى 16 مليون و300 ألف درهم (مليار و630 مليون سنتيم)، موضحا فيها بأنه دفع أموالا مقابل اقتناء عقارات، واحد مساحته 6 هكتارات بمنطقة «النخيل» بمراكش بقيمة 600 مليون سنتيم، بالإضافة إلى عقارين بمنطقة «بوسكورة» بقيادة «النواصر»، تتجاوز مساحتهما هكتارين، بأكثر من 150 مليون سنتيم، وعقار بطريق «سيدي موسى» بمدينة الجديدة بمبلغ 90 مليون سنتيم، دون احتساب مصاريف التقاضي والتحفيظ والتسجيل، قبل أن يكتشف بأن هذه العقارات مثقلة بالنزاعات القضائية، بل إن العقار الواقع بمنطقة «النخيل» بمراكش هو في الأصل مملوك لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية. كما وجّه المهاجر المغربي، الذي يقول إنه يجهل اللغتين العربية والفرنسية بحكم ازدياده بمدينة «بريدا» الهولندية، شكاية أخرى حول تعرّضه للنصب في مشروع للسكن الراقي بضواحي مراكش، يتكون من 78 فيلا تبلغ مساحة كل واحدة منها 500 متر مربع، بثمن يصل إلى 360 مليون سنتيم للفيلا، ويوضح المشتكي بأنه دخل شريكا في هذا المشروع رفقة شخصين آخرين، بينهم المتهم موضوع الحكم بالكفالة المذكورة، وقد تكلف المشتكي بأداء ثمن العقار الممتد على مساحة 5 هكتارات، بمبلغ وصل إلى34 مليون درهم (3 ملايير و400 مليون سنتيم)، تشمل 500 مليون سنتيم تم أداؤها للممثل القانوني لإحدى الشركات مقابل التنازل عن تقييد احتياطي (تعرّض) ضد العقار المذكور، و600 مليون سنتيم للرسوم الخاصة بالتجزئة ورخص البناء، فضلا عن اقتنائه 15 فيلا في اسم شقيقه وأحد أقاربه لتشجيع المشروع وتوفير السيولة المالية لتغطية تكاليفه. هذا، وعلمت «أخبار اليوم» بأن المشروع، الواقع بالمجال الترابي لجماعة «تسلطانت»، تم إنجازه في إطار جمعية للأعمال الاجتماعية، رغم أنه يتعلق بفيلات سكنية راقية.