أنهت الغرفة الزجرية التلبسية بالمحكمة الابتدائية عين السبع بالدارالبيضاء مناقشة ملف «نصاب القريعة»، الذي سطا على تجار أحد أكبر الأسواق التجارية بالمغرب في مبالغ مالية قدرتها المصادر بأزيد من مليار سنتيم، بعد أن حاز ثقتهم وسلموه مبالغ مالية وسلع مقابل «كمبيالات»، ثم اختفى عن الأنظار، إلى أن تم القبض عليه من طرف الشرطة القضائية الولائية بتنسيق مع جهاز «ديستي». وعرفت الجلسة الثالثة من المحاكمة مرافعات دفاع المتهم الذي أكد أنه تعرض لخسارة فادحة في تجارته، بعد تعرضه لأزمة مالية كبدته خسارة 70 إلى 80 في المائة، وهو ما صعب عليه إرجاع الأموال إلى أصحابها، على اعتبار أن السلع قد تنخفض قيمتها بين الفينة والأخرى، وهو ما جعله يسقط ضحية إفلاس كبير، وتعذر عليه الحفاظ على التزاماته مع التجار. وفي المقابل أصر دفاع الضحايا المنتصبين كمطالبين بالحق المدني، على تعرضهم للخداع من طرف المتهم الذي كان يسدل لحيته ويؤم التجار في الصلوات بسوق القريعة، الذي يتوفر على محل تجاري به، كما جرى ائتمانه على أموالهم التي يساهمون بها في الحصص المعروفة والمتداولة بطريقة «دارت»، غير أنه اختفى بعد جمعه مبالغ مالية كبيرة، والتي بلغت في محاضر الشرطة القضائية مبلغ 680 مليون سنتيم، بينما يتجاوز الرقم الحقيقي ذلك بكثير. وأكد دفاع عشرات الضحايا أن نية المتهم كانت غير سليمة لأنه إذا تعرض لكساد في التجارة كما ادعى، فكان بمقدوره إعادة الأموال التي جناها ولو بالخسارة، والتجار معروف عليهم تضامنهم في هذا المجال، غير أنه فضل الاختفاء عن الأنظار، وهو ما دفع السلطات الأمنية إلى إصدار مذكرة بحث في حقه، قبل أن يتم القبض عليه يوم 19 يناير الماضي. وحسب مصادر من الدفاع، فإن هناك ضحايا آخرين من التجار لم يتقدموا إلى السلطات الأمنية والمحكمة بشكاياتهم، وبالتالي لم يتقدموا كمطالبين بالحق المدني، مشيرة إلى أنه كان قد سحب سلعا كثيرة من التجار مقابل «كمبيالات» إضافة إلى أموال كسلف، علاوة مع مجموع مبالغ حصص «القرعة» أو ما يطلق عليها «دارت»، لأنه كان محط ثقة بين التجار، خاصة وأنه كان دائم الحديث معهم في أمور الدين والموعظة، ويؤمهم في الصلوات. وبعد انتهاء مرافعات الطرفين والنيابة العامة، قررت هيئة الحكم بالمحكمة الابتدائية عين السبع إدخال الملف، الذي يتابع فيه المتهم بتهم تتعلق ب»النصب والاحتيال، والسرقة والتزوير»، إلى مرحلة التأمل قصد النطق بالحكم في الأسبوع المقبل، لتسدل الستار على قضية استأثرت باهتمام الرأي العام الوطني. وكانت المصلحة الولائية للشرطة القضائية بالدارالبيضاء، بتنسيق مع مصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، تمكنت صباح الأحد 19 يناير المنصرم، من توقيف المتهم الذي يبلغ من العمر 39 سنة، والذي كان يشكل موضوع مذكرة بحث على الصعيد الوطني، وذلك للاشتباه بتورطه في ارتكابه عملية نصب واحتيال واسعة استهدفت تجارا بسوق «القريعة» بمدينة الدارالبيضاء. وحسب المديرية العامة للأمن الوطني، فإن مجموعة من تجار الملابس الجاهزة بسوق «القريعة»، سبق وتقدموا بشكايات إلى مصالح الشرطة القضائية بالدارالبيضاء، تفيد تعرضهم للنصب والاحتيال من قبل المشتبه فيه، الذي سلبهم مبالغ مالية بمئات ملايين الدراهم. مضيفة أن التحريات التي باشرتها مصالح الشرطة القضائية بالدارالبيضاء، مكنت من ضبط المشتبه فيه، أثناء تواجده بمحطة المسافرين «القامرة» بمدينة الرباط. وأشارت إدارة الأمن إلى أن الموقوف كان قد استولى على هذه المبالغ المالية في عمليات شراء بضائع بالجملة قصد إعادة تصريفها مقابل أداء ثمنها باستعمال كمبيالات، أو تسلم مبالغ مالية من تجار الجملة والتقسيط بغرض استثمارها في استيراد بضائع أجنبية وإعادة بيعها في الأسواق الوطنية، فضلا عن إدارته لعمليات ادخار جماعية لفائدة التجار «دارت».