دخل العمال الفرنسيون، منذ صباح الخميس، في إضراب عام، شمل كل القطاعات، من بينها المواصلات، والتربية، والصناعة، والتجارة، وغيرها، احتجاجات على إصلاح نظام التقاعد في البلاد. ويعد إضراب الشغيلة الفرنسية، اليوم، الأوسع نطاقا، خلال السنوات الأخيرة، ويعتبر تصعيدا حقيقياً في المواجهة بين الرئيس “إيمانويل ماكرون”، والنقابات. وأعلنت أغلب شركات النقل عن تعطل خدماتها، اليوم، ورشحت أن يستمر هذا التعطيل إلى غاية، يوم غد الجمعة، خصوصا أن الشكوك تحوم حول استمرار الإضراب العام، إلى ما بعد اليوم، في حال إصرار حكومة الوزير الأول “إديوار فيليب” على تطبيق إصلاح نظام التقاعد. وأعلنت الشركة الوطنية للسكك الحديدية “SNCF” توقيف 90 في المائة من القطارات السريعة عن العمل، فيما علق العمل في أغلب قطارات الأنفاق في العاصمة باريس. من جهتها، أعلنت الخطوط الجوية الفرنسية إلغاء بعض الرحلات فيما حذرت بعض الشركات الجوبة الأخرى من اضطرابات على خطوطها المتوجهة، والقادمة من فرنسا، وألغت شركة “إيزي جيت” 250 رحلة جوية داخلية. وفي قطاع التربية، أعلنت الوزارة الوصية إغلاق حوالي 50 في المائة من المدارس، منها 70 في المائة في باريس. والإضراب المفتوح، الذي قد يستمر إلى أيام يحمل أوجه شبه مع المواجهة، التي وقعت بين نونبر، ودجنبر من العام 1995 بين الحكومة، والنقابات، التي شلّت البلاد لنحو ثلاثة أسابيع. وخرج الفرنسيون، منذ صباح اليوم، في مظاهرات عديدة للتعبير عن رفضهم للإصلاحات، التي تنوي الحكومة إجراءها على أنظمة التقاعد، فيما أشارت وزارة الداخلية إلى أن 245 مظاهرة مماثلة يرتقب أن تشهدها البلاد اليوم. ولمواجهة هذا الإضراب، دعت الحكومة الفرنسية العمال إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لتجنب الشلل في العمل، حيث ناشدت وزيرة العمل “موريال بينيكو” أرباب العمل في فرنسا لاعتماد تسهيلات مع العمال في حال الغياب، أو التأخر، وكذلك تعزيز مبدأ العمل من المنازل، وتخصيص حافلات خاصة لنقل الأشخاص، أو تشارك السيارات، أو استئجار الدراجات. ويشكل الإضراب اختباراً حقيقياً ل”ماكرون”، الذي فاز بالرئاسة إثر حملة انتخابية، وعد فيها بإجراء تحوّل في فرنسا، وبإعادتها إلى مكانتها الرائدة على الساحة الدولية، ولقدرته على تنفيذ مشروعه. ودعت نقابات عديدة لوسائل النقل المشترك العاملين فيها إلى الإضراب لإنقاذ نظام التقاعد، الخاص بهم، الذي يفترض أن ينتهي في إطار إصلاح يريده “ماكرون”. ويعتبر عمال السكك الحديدية، والمعلمون، والطلاب، والشرطة، والمحامون معنيون بهذه التعبئة، إلى جانب النقابات، وأحزاب المعارضة، و”السترات الصفراء” ضد إصلاح نظام التقاعد، الذي تصمم السلطة التنفيذية على استكماله. الإضراب، الرافض لإصلاحات نظام التقاعد، والذي تدعمه حركة “السترات الصفراء”، يشمل قطاعات السكك الحديدية (SNCF، RATP)، والخطوط الجوية (الخطوط الجوية الفرنسية وإيزي جيت، EasyJet) والنقل البري، والخدمة العمومية (المدارس، والصحة)، وبعض قطاعات القطاع الخاص، من بينهم المحامون، ومصافي تكرير النفط، وعمال السيارات، وسائقي سيارات الإسعاف، وسيارات الأجرة. وتعارض النقابات “النظام الشامل والموحد للتقاعد”، الذي تنوي الحكومة تبنّيه في المستقبل، ومن المفترض أن يعوض الأنظمة القائمة، البالغ عددها 42 نظاماً. ويريد بعض إعادة ما جرى في العام 1995، إذ واجهت فرنسا ثلاثة أسابيع من الإضرابات ضد إصلاح الأنظمة الخاصة. ونتيجة للإضراب، أغلق 11 خط مترو في باريس، وألغي أكثر من 90 في المائة من القطارات، و30 في المائة من الرحلات الداخلية، و15 في المائة من رحلات الخطوط الجوية الفرنسية متوسطة المدى. وقد تعاني بعض الطرق أيضاً من اضطرابات، وعوائق، بسبب بعض الاحتجاجات، كما أن هناك تخوف من المصافي، ومستودعات النفط، التي قد تسبب مشاكل في توفر البنزين، والكزوال في المحطات.