كشف محمد بنشعبون، وزير المالية والاقتصاد، في لقاء مع المركزيات النقابية، أول أمس، عن بعض معطيات مشروع قانون المالية لسنة 2020، أبرزها إحداث 20 ألف منصب شغل في الوظيفة العمومية، علاوة على 15 ألفا في إطار التوظيف بعقود في الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين. اللقاء ضم رئيس الحكومة ووزير الشغل والتكوين المهني ووزير الاقتصاد والمالية، علاوة على الأمناء العامين للمركزيات النقابية، ووفد يمثل الاتحاد العام لمقاولات المغرب. وألقت استقالة صلاح الدين مزوار من رئاسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب بظلالها على اجتماع الحكومة مع المركزيات النقابية، خصوصا بعدما تأخر الوفد الذي ترأسه هشام زوانات، ما أدى إلى تأخر انطلاق الاجتماع قليلا. وبحسب مصادر نقابية، فإن الاجتماع بين الحكومة والنقابات ظل في حدود اطلاع النقابات على توجهات مشروع القانون المالي، والنقاش حول فرضياته وتوجهاته. ومن بين فرضيات مشروع القانون المالي، كما صادق عليه المجلس الوزاري قبل أسبوع، نمو سعر البترول في حدود لا يتجاوز 67 دولارا للبرميل، لكن الوزير نفسه لم يكشف أمام المركزيات النقابية عن نسبة النمو المتوقعة للسنة المقبلة. وركز بنشعبون، بحسب مصادر نقابية، على التحديات التي تواجه إعداد مشروع قانون مالية لسنة 2020، منها ارتفاع كتلة الأجور إلى ما يزيد عن 120 مليار درهم، ثم محدودية الاستثمار العمومي حيث تعبئ الدولة نحو 190 مليار درهم، لكن في التنفيذ لا يتجاوز 70 في المائة في أحسن الأحوال، علاوة على إشكالات تتعلق بإحجام البنوك عن تمويل الاستثمار العمومي، هذا في الوقت الذي تواجه الحكومة ارتفاع الطلب الاجتماعي على الخدمات العمومية، مثل الشغل والتعليم والصحة. واعتبر بنشعبون أن مشروع القانون المالي واجه تحديات عالمية كذلك، منها وجود انكماش اقتصادي عالمي، والخوف من عودة الأزمة المالية لسنة 2008 مرة أخرى. لكن المركزيات النقابية اعتبرت أن ارتفاع كتلة الأجور ليس أمرا سلبيا بالنسبة إلى الميزانية العامة، بل هي “استثمار استراتيجي في الموارد البشرية، وتعزيز لدينامية الاستهلاك، واستثمار في الاستقرار والسلم الاجتماعي، وهو مدخل أساسي للتنمية. كما ركزت مداخلات ممثلي النقابات على أولوية تعزيز الجوانب الاجتماعية في مشروع القانون المالي، وخصوصا إعادة الاعتبار للطبقة الوسطى، التي باتت تواجه الفئات الدنيا منها ضغوطا اجتماعية واقتصادية تجرها إلى دوائر الفقر، ومدى الالتزام بالاتفاقات السابقة بين الحكومة والمركزيات النقابية بشأن الزيادة في الأجور، والترقية، وتخفيض الضريبة على الدخل بالنسبة للموظفين والمستخدمين، وكذا معاشات المتقاعدين. لكن الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، عبّرت في بلاغ لها، “عن استغرابها من إعادة الحكومة إنتاج الخطاب نفسه) الإكراهات، الأزمة، التحكم، أولويات..)، حين يتم التطرق لمسألة تحسين الدخل والمعاش والرفع من القدرة الشرائية، للطبقة العاملة، وعموم المواطنين”. واعتبرت الكونفدرالية أن أجوبة الحكومة “غير مقنعة”، في ظل “تآكل الطبقة المتوسطة كرافعة في التنمية الاجتماعية، فضلا عن مسألة التشغيل كأولوية في خلق مناصب الشغل، واحترام الحريات النقابية، وتطبيق مقتضيات مدونة الشغل”. عبدالإله دحمان، الكاتب الوطني للجامعة الوطنية لموظفي التعليم، قال ل”أخبار اليوم” إن الجديد في اجتماع الحكومة والمركزيات النقابية هو “سعي رئيس الحكومة إلى تقاسم الفرضيات والتوجهات التي أعد مشروع القانون المالي على أساسها مع المركزيات النقابية، قبل وضعه على سكة مسطرة التشريع، وتعبير الحكومة عن استعدادها للتفاعل مع مقترحات النقابات وآرائها”. ولم تصادق الحكومة بعد، في مجلسها، على مشروع القانون المالي، لكن يتوقع أن يتم ذلك خلال الأيام المقبلة، خصوصا وأن القانون يلزم الحكومة بضرورة وضع المشروع لدى مجلس النواب قبل 20 من الشهر الجاري.