خاض دفاع توفيق بوعشرين، مؤسس “أخبار اليوم” و”اليوم 24″، أول أمس الثلاثاء، تحديا خاصا خلال مرافعاته بعد إصدار المحكمة لقرارها برفض طلب السراح المؤقت الذي تقدم به الدفاع، وعدم حصولهم على القرار التمهيدي الخاص بالدفوع الشكلية والطلبات الأولية. تحد فتح المواجهة بين النيابة والعامة ودفاع الطرف المدني من جهة، ودفاع بوعشرين من جهة ثانية، ليقرر القاضي رفع الجلسة للمداولة قبل أن يأمر بتأجيل الملف لتمكين بوعشرين ودفاعه من الاطلاع على القرار التمهيدي. وشهدت جلسة أول أمس الثلاثاء، توقف المحاكمة ثلاث مرات، كانت أولاها بعد أن جاوزت عقارب الساعة الرابعة عصرا، حين أعلن القاضي لحسن الطلفي بالقاعة 7 بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، عن الحكم بخصوص طلب السراح المؤقت الذي تقدم به دفاع بوعشرين في الجلسة السابقة، ليطلب الدفاع التخابر مع بوعشرين، وهو ما جعل القاضي يرفع الجلسة لتمكينهم من ذلك، محددا مدة التخابر في 5 دقائق. وانطلقت المحاكمة من جديد، وقبل أن يشرع القاضي في استنطاق بوعشرين، تقدم دفاعه بملتمس تأخير الجلسة بسبب عدم اطلاعهم على القرار التمهيدي الذي أصدرته المحكمة بخصوص الدفوع الشكلية والطلبات الأولية في يوليوز المنصرم، حيث أخبر مولاي الحسن العلاوي عن هيئة دفاع بوعشرين المحكمة، بأن كاتب الضبط أكد لهم أن القرار التمهيدي غير جاهز، وأن من حق الدفاع الاطلاع على القرار والتخابر مع موكلهم للنظر في طريقة التعامل مع الملف بناء على تعليلات الحكم، وهو الطرح نفسه الذي سار فيه تدخل النقيب محمد زيان، غير أن تدخل محمد الحسيني كروط عن دفاع الطرف المدني بضرورة الحصول على الكلمة للحديث حول الموضوع، أثار حفيظة زيان، وأوضح له بأن السجال القانوني دائر بين ممثل النيابة العامة ودفاع بوعشرين، وأن لا دخل للطرف المدني في ذلك ولا يحق لهم طلب الكلمة، وهو مما حول جلسة المحاكمة إلى صراخ وجدال بين الطرفين، اضطر معه القاضي لحسن الطلفي إلى رفع الجلسة لعدم احترام هيبة المحكمة. وبعد دقائق انعقدت الجلسة للمرة الثالثة، والتي شهدت مبارزة قانونية، استهلها محمد مسعودي ممثل النيابة العامة بأن مرحلة الاستنطاق قد انطلقت في الملف، والتي تحكمها الفصول 305 و321 من قانون المسطرة الجنائية، موضحا أن بوعشرين أبدى رغبة قوية لإسماع صوته، وأن المحكمة وعدته بمنحه الفرصة لذلك، مشيرا إلى أن بوعشرين يتمتع بالشجاعة الكافية للإجابة عن كافة أسئلة المحكمة. ومن جانبه، أوضح المحامي محمد الحسيني كروط أن الطرف المدني له مصالح في القضية، وأن التأخيرات المتتالية تضر بهم، موضحا أن الحكم صدر حضوريا، ولا يمكن الاحتجاج بعدم الاطلاع عليه، وبالتالي فإن المحكمة ملزمة بالاستماع لبوعشرين، خاصة وأن تعليل تأخير المحاكمة في الجلسة السابقة انبنى على علة وضعه الصحي وليس على عدم الاطلاع على القرار التمهيدي، مشيرا إلى أن المحكمة كانت شرعت فعلا في الاستنطاق بقراءة الحكم الابتدائي على بوعشرين وسردت عليه التهم التي يواجهها، وبالتالي فلا مبرر لتأخير الجلسة. واستهل النقيب محمد زيان مرافعات دفاع توفيق بوعشرين بخصوص طلب تأخير الملف للاطلاع على القرار التمهيدي، موضحا أن المحكمة اتخذت قرارا مهما جدا يتعلق برفض السراح المؤقت الذي تقدم به الدفاع، مضيفا أنه رغم تقدم الدفاع برفع حالة الاعتقال التعسفي لم تعبر المحكمة عن أي موقف بخصوص ذلك إلى اليوم، وأنه مادامت المحكمة قررت الاستمرار في محاكمة بوعشرين في حالة اعتقال، فهذا معطى يلزم الدفاع بالحصول على وقت كاف للرجوع إلى تعليلات القرار السابق، لاتخاذ موقف وتحديد وسيلة الدفاع، موجها قوله لهيئة الحكم “قررتم استمرار محاكمة بوعشرين في حالة اعتقال.. دعونا نستوعب الأمور.. نحن أمام وضعية جديدة، ولم أكن أتصور أن متابعة بوعشرين ستكون في حالة اعتقال، والآن تأكدت من ذلك..”. وتدخل مولاي الحسن العلاوي عن هيئة دفاع بوعشرين، ليرد على تعليلات النيابة العامة ودفاع الطرف المدني، الذي يقول إن المحكمة شرعت في استنطاق بوعشرين ولا يحق لها التراجع عن ذلك، بأن الإشعار بالتهمة ليس استنطاقا، والقانون واضح في ذلك، لأن الاستنطاق هو سؤال المتهم عن المعلومات الشخصية الخاصة به، والمشرع نبه إلى ذلك ووضع كل فصل في مكانه، مشيرا إلى أن الفصل 319 من قانون المسطرة الجنائية المتعلق بالهوية ليس هو 320، مؤكدا أن بوعشرين ودفاعه أكبر المتضررين من التأخيرات في الملف، معللا طلبه لتأخير الملف بأهمية الاطلاع على القرار التمهيدي، موجها تساؤله للنيابة العامة ودفاع الطرف المدني، “نحن أمام القانون، فلماذا تخافون أن يطلع بوعشرين على الحكم التمهيدي وتعليلاته..” ومن جهته، أبرز عبد المولى الماروري عن هيئة دفاع بوعشرين، أهمية المرحلة التي وصل إليها الملف، ووصفها بالمفصلية، وأنها انعطاف حساس في الملف، خاصة وأنه بصدد مناقشة الجوهر، وبالتالي فلا بد من الإعداد للمرحلة. وناقش الماروري في مرافعته أن محمد مسعودي ممثل النيابة العامة استشهد بالفصلين 305 و321 من قانون المسطرة الجنائية، لتوضيح طلبه في استنطاق بوعشرين في الجلسة ذاتها، أن تراتبية المواد القانونية بالمسطرة الجنائية لها تأثير على الفهم الصحيح للقانون، ولا يجب القفز على المواد وانتقاء بعضها لإضفاء لبس قانوني الجميع في غنى عنه، مفصلا أن 305 من قانون المسطرة الجنائية من خلال استهلاله لا يتكلم عن إجراء الدخول في المحاكمة، بل يتحدث عن كيفية إدارتها، وعن عناصر إجرائية للمحاكمة، أما التطبيق الفعلي للمناقشة فيبتدئ من الفصل 315، مضيفا أن الغريب في الأمر أنه لا يمكن تطبيق الفصول 319 و321 دون الرجوع للفصل 305، لأنه دليل العمل وتبيين العناصر، وأن تطبيقها يبتدئ من الفصل 319. وخلص الماروري إلى أن إعمال ممثل النيابة العامة للفصل 305 في تعليلها بضرورة مواصلة الاستماع إلى بوعشرين، يتعارض مع فلسفة قانون المسطرة الجنائية، مؤكدا أن قراءة تعليلات المحكم في القرار التمهيدي من شأنها أن تجعل الدفاع يهيئ نفسه ويحدد استراتيجية الدفاع، كما أن بوعشرين من حقه أن يطلع على الأحكام الصادرة في حقه، وأنه إن كانت مصالح الطرف المدني على المحك، فإن حرية بوعشرين أيضا على المحك. وتجدر الإشارة إلى أن النقيب محمد زيان أعلن خارج قاعة المحاكمة عن انسحابه من هيئة الدفاع عن توفيق بوعشرين، خاصة بعد أن أصدرت المحكمة قرارها برفض السراح المؤقت الذي تقدم به الدفاع في الجلسة السابقة، معللا قراره بالانسحاب لأنه كوزير حقوق الإنسان سابقا، لا يمكنه الاستمرار في محاكمة تأكد أنها غير عادلة، وأنها لم تحترم المواثيق والعهود الدولية، بعدم تطبيق قرار الفريق الأممي القاضي بإطلاق سراح بوعشرين وتعويضه فورا، لأن اعتقاله كان تعسفيا وخارج الضوابط القانونية الدولية.