يبدو أنّ توصيات الملك محمد السادس عقب خطابه في الذكرى ال20 لتربعه على العرش لرئيس الحكومة قصد إيجاد “كفاءات جدد” قد تعصف بعبد القادر اعمارة، وزير التجهيز والنقل واللوجيستيك والماء مع بداية الدخول الاجتماعي القادم، من التشكيلة الحكومية التي يقودها حزب العدالة والتنمية، إذ أن تعثر مشروع الميناء الجديد لآسفي، والذي صرفت له 4 ملايير درهم دونَ احتساب الخسائر الجديدة، يرخي بضله من جديد عن “الزلزال السياسي” الذي أعفى فيه الملك سابقا، وزراء بسبب فشل مشاريع منارة المتوسط للحسيمة. وللمرة الثانية على التوالي، يعود المجلس الحكومي لتغيير المرسوم المتعلق بإحداث مديرية مؤقتة بوزارة التجهيز والنقل للإشراف على إنجاز الميناء الجديد بأسفي، علما أن المجلس الحكومي سبق وصادق برئاسة سعد الدين العثماني، على مشروع مرسوم رقم 2.17.387 بتغيير المرسوم رقم 2.13.743 من أجل التمديد في عمل المديرية المؤقتة لميناء آسفي إلى غاية 30 يوليوز 2019 كموعد لنهاية الأشغال، غير أن ذلك لم يتحقق مجددًا، وجرى تأجيل نهاية الأشغال إلى أكتوبر من عام 2020 بعدما تمت المصادقة أمس الخميس، على مشروع مرسوم رقم 2.19.617، بتغيير المرسوم رقم 2.13.743 الصادر في 3 ذي الحجة 1434 (9 أكتوبر 2013) الملك محمد السادس وخلال تدشينه لهذا المشروع عام 2013، اطلع على حيثيات إنجاز المشروع، وبعدها أعلنت وزارة التجهيز والنقل وحتى أمام الملك، أن الميناء الجديد سيتم افتتاحه رسميا متم سنة 2018، غير أن ظهور أعمال غش محتمل وتصدعات وانهيارات ضخمة، خاصة في المنطقة البحرية الخاصة بالسفن ورصيف الفحم الحجري تسببت في تأجيل هذا المشروع ل3 مرات متتالية، واضطر عبد القادر اعمارة إلى زيارته وتفقد الميناء في ثلاث مناسبات. وبسبب هذا التأخر، سيضطر المكتب الوطني للكهرباء ONEE إلى تكبد المزيد من الخسائر المالية بفعل عمليات نقل الفحم الحجري من خلال الشاحنات قدرتها مصادر “اليوم24” بحوالي 300 مليون درهم، وفي مقابل كل ذلك، يبيع الONEE الطاقة الكهربائية للجارة الإسبانية بأثمة هزيلة جدًا مما فجر جدلا في أوساط الإتحاد الأوربي من جهة أخرى، باعتبارها طاقة “ملوثة”. حماة المال العام: المشروع يلفه الغموض والقضاء حفظ “الملف” ! وقالت الجمعية المغربية لحماية المال العام إن مشروع ميناء آسفي الذي كلف الدولة أزيد من 4 ملايير درهم، يعرف اختلالات كبيرة في الأشغال بسبب عيوب تقنية وهندسية في ورش البناء. وسبق للجمعية وأن تقدمت بشكاية في الموضوع لدى الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف في مراكش سنة 2018، بعد أن ظهرت شقوق ضخمة في البنايات وفي جوانب عدة من مرافق المشروع، مع تحطم قطع اسمنتية ضخمة، قال عنه رفاق الغلوسي إنه نتيجة غش وارد في أدوات البناء، مما يثبت احتمال مسؤولية الشركة المكلفة بإعداد الإسمنت المسلح وهي الشركة العامة للأشغال بالمغرب، أو مسؤولية المختبر العمومي للتجارب والدراسات أو الشركة التركية للبناء. واستغربت الجمعية عدم محاسبة المسؤولين عن هذا المشروع بعد أن توقف من أجل البحث والتحقيق في ظروف إسناد الصفقات والتغييرات التي طالت دفتر التحملات، بعد إسناد هذه الصفقات. وأشار المصدر ذاته إلى أنه سبق وأن أدلى للشرطة القضائية للجرائم المالية والاقتصادية بمراكش، بوثائق وبفيديوهات تؤكد الاختلالات الواردة في الشكاية، إلا انه تم حفظ الملف تحت ذريعة عدم إتمام الأشغال في حين أن الجمعية طالبت بمصير الأموال التي تم تبديدها ومحاسبة كل من ساهم في عدم إتمام المشروع. وأوضح أن هذا المشروع كان سيساهم في التنمية المحلية والجهوية والوطنية، لكن ظهور مجموعة من التشققات الكبيرة أصبحت تهدد المشروع بكامله وسلامة رواده من سفن وأشخاص، وهو ما يتناقض والمعايير الدولية لبناء وتجهيز الموانئ طبقا للمدونة الدولية لأمن السفن والمرافق المينائية في العالم، كما يتناقض الاتفاقية الدولية لسلامة الأرواح في البحار. وأبرزت الجمعية أن مشروع ميناء آسفي دشنه الملك سنة 2013، وكان من المفروض أن تنتهي أشغاله في 2018، لكن اتضح فيما بعد أن تسلميه لن يكون إلا في سنة 2020، رغم أن تكلفة خسائره بلغت 500 مليون درهم.