خلصت نتائج الدراسة التي أعدتها وزارة التشغيل والشؤون الاجتماعية حول وضعية التشغيل إلى أن بلادنا تواجه تحديات ورهانات فيما يخص قضية التشغيل بارتباطها مع التحولات الديموغرافية والاقتصادية والاجتماعية. وحددت الدراسة التي تم عرض خلاصاتها صباح اليوم في ندوة صحفية، عقدها وزير التشغيل عبد السلام الصديقي، مكامن الخلل التي تطبع منظومة التشغيل بالمغرب في "التباين الكبير بين مستوى طلب وعرض فرص الشغل اللائق والمنتج، حيث أن حجم تزايد الطلب يفوق بكثير حجم خلق مناصب شغل جديدة؛ وضعف دينامية إحداث فرص شغل بالنظر لتطور الطلب الاجتماعي على الشغل المنتج واللائق؛ إلى جانب تفشي البطالة ذات طابع هيكلي وخصوصا عند الشباب ومعظمهم من طالبي العمل لأول مرة وكذا البطالة الطويلة الأمد في صفوف حاملي الشهادات؛ فضلا عن ضعف مستوى مؤهلات السكان النشيطين وتباينه حسب وسط الإقامة وحسب الجنس، مما ينعكس سلبا على جودة الشغل وعلى مردودية المؤسسات الإنتاجية و على تنافسية الاقتصاد الوطني". ومن مكامن الخطط اليت حددتها الدراسة "هيمنة الشغل الهش خاصة بالقطاع غير المنظم الذي يؤدي إلى إضعاف الرأسمال البشري، وتجزأ سوق الشغل بين ثلاثة قطاعات (القطاع العام ذو القدرة الاستيعابية المحدودة - القطاع الخاص المنظم - القطاع الخاص غير المنظم) مع هيمنة للشغل الهش والأقل إنتاجية". ولقد أثبتت الدراسة التشخيصية أن التشغيل شهد معالجة تغلب عليها المقاربة الظرفية على حساب الرؤية الإستراتيجية، مما أدى إلى عدم استغلال الفرص المتاحة لتوفير الشغل المنتج واللائق. كما أثبتت الدراسة أن السيناريو الحالي "غير قادر على إيجاد حلول دائمة لهذه الإشكاليات"، بل "يظل غير منسجم مع الأهداف التنموية للبلاد وقد يكون مصدر أخطار تهدد التماسك الاجتماعي"، هذا بالإضافة إلى كون السياسة العمومية التي تم نهجها حتى الآن لم تتمكن من عكس اتجاه السيناريو الميولي، حيث ركزت على إشكالية تدبير مرحلة الحصول على أول شغل بالنسبة لحاملي الشهادات، في حين أن التحدي يكمن في تدبير مختلف وضعيات الحركية في سوق الشغل". وقال وزير التشغيل عبد السلام الصديقي، بناء على نتائج الدراسة المقدمة إنه "آن الأوان للمغرب أن يقوم بإعداد إستراتيجية وطنية للتشغيل تؤسس لمعالجات جذرية ومعمقة تستأصل مواطن العلل و تجعل من التشغيل الهدف المشترك الأول في الخيارات التنموية و الاقتصادية الكلية و القطاعية و الاجتماعية". وتبقى أهم مرحلة متبقية في مسلسل اعداد الاستراتيجية هي المتمثلة في التخطيط الإستراتيجي أي اعداد وثيقة البرمجة الاستراتيجية بالاتفاق بين كافة المتدخلين والتي تحدد الرؤية المشتركة للأولويات والتوجهات، بالإضافة الى تحديد آليات التنفيذ والتتبع والتقييم والتي تليها فيما بعد مرحلة البرمجة العملية من خلال وضع برنامج عمل واضح المعالم. وقد تمحورت هذه الدراسة حول ثلاثة محاور همت أثر السياسات الماكرو اقتصادية على التشغيل وتجزئة سوق الشغل، وحصيلة برامج إنعاش التشغيل، وحكامة سوق الشغل. ومكن هذا التشخيص من توفير قاعدة معطيات محينة عن سوق الشغل للوقوف على التحديات الرئيسية التي تواجه بلادنا في أفق اقتراح الحلول الممكنة وتحديد الأولويات بالنسبة للسياسة العمومية في مجال التشغيل.