شرع قضاة المجلس الأعلى للحسابات، في تدقيق حسابات جمعيات المجتمع المدني، على الصعيد الجهوي، والتي تحصل على دعم المجالس المنتخبة ومشاريع مبادرة التنمية البشرية. وحسب المصادر ذاتها، فإن جطو عمد إلى مراسلة مجالسه الجهوية، من أجل شروعها في إجراء افتحاص شامل للجمعيات والتأكد من أوجه صرف الدعم المقدم لها، مطالبا رؤسائها بتزويد قضاته بالوثائق والمستندات المثبتة لحسابات الاستعمال خلال خمس سنوات الأخيرة. ومن المنتظر أن يفتحص قضاة جطو، كيفية صرف الجمعيات 1370 مليارا حصلت عليها، خلال ثلاث سنوات، من قبل الحكومة، وأزيد من 200 مليار توصلت بها من قبل المقاولات العمومية، وملايير أخرى من الخارج. وسيطالب قضاة المجلس الأعلى للحسابات، من جمعيات المجتمع المدني، بتقديم البيانات والمعلومات التفصيلية المتعلقة بوضعها المالي والمحاسباتي. وكانت حكومة بنكيران قد دعت ي وقت سابق، إلى موافاة المجلس الأعلى للحسابات بقوائم الجمعيات المستفيدة من الإعانات التي تمنح لها، وناشد منشور سابق لبنكيران، المجلس الأعلى للحسابات، بضرورة إدلائها بالحسابات المتعلقة باستخدام الأموال والمساعدات العمومية التي تستفيد منها. وأكدت الحكومة أن 95 بالمائة من الجمعيات المغربية لا تقدم بيانات بخصوص ماليتها، وأن حوالي 0.3 من الجمعيات تستحوذ على 36 بالمائة من مجموع الاعتمادات الموجهة للشراكة بين الدولة والمجتمع المدني، مشيرة إلى أن 80 بالمائة من الاعتمادات المالية المخصصة لدعم المجتمع المدني تذهب إلى 20 بالمائة من الجمعيات فقط. وارتباطا بافتحاص دعم الجمعيات، أعلن مصطفى الخلفي، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، الناطق الرسمي باسم الحكومة، وهو يكشف تفاصيل التقريرين السنويين حول الشراكة بين الدولة والجمعيات برسم سنتي 2016 و2017، أن المبلغ الإجمالي للتمويل العمومي الذي تخصصه القطاعات الوزارية والمؤسسات والمقاولات العمومية سنويا لفائدة الجمعيات، انتقل من 4.2 مليار درهم سنة 2015 إلى 4.3 مليار سنة 2016، ليبلغ 5.1 مليار درهم خلال 2017 بما مجموعه 13.7 مليار درهم خلال هذه السنوات الثلاث. وأوضح الخلفي أن هذا التمويل العمومي بلغ 9.4 مليار درهم برسم هذه الفترة (2016-2017)، مؤكدا الحاجة لمضاعفة هذه الإمكانيات، لاسيما وأن التمويل الذاتي للجمعيات يناهز، وفق نتائج الحسابات الوطنية الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط، قيمة الدعم العمومي بمساهمة تقدر بحوالي 5 مليار درهم. وبخصوص التمويل المرتبط بمجالس الجهات، فقد تمت تعبئة 210 ملايين درهم سنة 2016، مقابل 258 مليون درهم في 2017. كما كشف المسؤول الحكومي، أن عدد الاتفاقيات الموقعة والمؤطرة للدعم بلغ 5084 سنة 2016 مقابل 7759 اتفاقية سنة 2017، مما يؤكد الطموح المتزايد لترسيخ ثقافة التعاقد. ولاحظ الوزير الخلفي الاعتماد المتنامي على المنصات الرقمية في تيسير الولوج إلى التمويل العمومي، إذ أن هناك 51 قطاعا حكوميا ومؤسسة عمومية تنشر طلبات العروض المتعلقة بالدعم العمومي على منصة "شراكة" التي تشرف عليها الوزارة، معتبرا أن اعتماد المنصات الرقمية يكرس التوجه نحو ضمان تكافؤ الفرص بين الجمعيات في الولوج إلى التمويل العمومي، والشفافية عبر الإعلان عن طلبات العروض المتعلقة بذلك، فضلا عن مواصلة العمل من أجل تبسيط المساطر المرتبطة بالولوج إلى الدعم العمومي. وشدد الوزير الخلفي أيضا على ضرورة مراجعة عميقة لمنشور الشراكة الصادر سنة 2003، لاستيعاب المستجدات القانونية والتوصيات الصادرة عن مؤسسات الحكامة ونتائج تقييم عدد من القطاعات الحكومية لهذا المنشور، خاصة بعد صدور القوانين التنظيمية الخاصة بالجماعات الترابية، والتي أرست خيار الشراكة مع المجتمع المدني. كما أعلن أن وزارته حددت دفتر تحملات يهم دعم الجمعيات، ويحدد شروط الاستفادة ومجالات الدعم ومعايير تقديم طلبات التمويل وآجال وضع الملفات وسحبها، على أساس إعلان نتائج الدعم في بداية شتنبر المقبل، مشيرا إلى أن الوزارة أصدرت مذكرة تتعلق بالنظام الضريبي المطبق على جمعيات المجتمع المدني، وهي وثيقة بمثابة دليل مبسط في مجال الضريبة لفائدة الجمعيات، فيما سيتم إصدار وثيقة تتعلق بالنظام المحاسباتي الخاص بالجمعيات.