الخطاب عينه، ذلك الذي كررته نبيلة منيب، الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد، في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر منظمة شباب حزبها يوم الجمعة الماضي بالدار البيضاء وبالمصطلحات ذاتها، وهي تقدم تشخيصا لأوضاع المغرب. منيب قالت: “إن المغرب يعرف أزمة مركبة، وعودة إلى الاستبداد”. مذكرة بشعار “ما لا يأتي بالنضال، يأتي بمزيد من النضال” كواجهة لمقاومة الانزياح نحو السياسات الخاطئة. وحذرت زعيمة الحزب الاشتراكي الموحد، من تأثير تسارع الأحداث الدولية والإقليمية التي يعرفها العالم على المغرب، وهي التغيّرات السياسية التي توقعت منيب أنها ستؤثر على المغرب لا محالة، وبشكل مباشر في الأيام المقبلة. هذا التأثير يقتضي في نظرها “ضرورة مستعجلة للتحليل العميق وقراءة الأوضاع بآليات جديدة من أجل فهم العالم الذي نعيش فيه ومدى قدرتنا على التأثير في مجرى الأحداث خدمة لمصلحة شعوبنا، بدءا بالإلمام بالتوجهات الكبرى، والتحديات، والرهانات، وما يهدد حياة الإنسان والطبيعة وتطورات أزمة النظام الليبرالي الرأسمالي، والأزمة المناخية، والحروب المفتعلة والثورات والثورات المضادة، وقضايا السلم والأمن وخطط الثنائي الصهيو أمريكي وابتزازه المتواطئة التي تتسم بالبؤس والتأزم، والتي تخسر المليارات للحفاظ على عروشها والتسلح، وما الهرولة لمؤتمر البحرين المقبل إلا جزء من صفقة القرن التي تسعى إلى تصفية القضية الفلسطينية، والتي بوحدة الصف الفلسطيني وبتضامن شرفاء العالم لن نتركها تمر ولن تمر”. وشددت منيب على أن “سياسة المصالح الجيواستراتيجية تعمل على تركيع الشعوب تحت ثقل المديونية ودفع الدول التابعة إلى تطبيق سياسات التقشف على شعوب مضطهدة أصلا، وجعلها تتخلى عن دورها في رعاية السياسات العمومية من صحة وتعليم والعمل على خوصصتها. وانتقدت الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد، السياسات الحالية، مؤكدة على أنها تهيئ “لأبنائنا مدرسة العبودية والتخلف والتبعية”. وحذرت منيب، التي كانت تتحدث وسط المئات من شبيبة حزبها، الذين حجوا إلى قاعة سينما ريالطو بالبيضاء، من” انهيار منظومة القيم وتنامي الفردانية والفرد المستهلك السلبي وتراجع مفهوم المواطنة المتنورة، وعدم استيعاب خطورة الإنتاجية المفرطة التي أدت إلى دين إيكولوجي”، وهو الأمر الذي يتطلب “تغييرا في المشروع التنموي الذي يتمركز اليوم، حول ضرورة تغيير جذري لسلوكياتنا ولسياساتنا تجاه البيئة وطريقة التعامل معها ونسج علاقات جديدة بين الإنسان وبينها كي تستمر الحياة على كوكبنا”. وفي القوت الذي بشرت فيه منيب بالدور السياسي لليسار الجديد، والذي اعتبرته هو “القادر على مقاومة الليبرالية المتوحشة والغطرسة الإمبريالية والصهيونية والاجتهاد في تقديم البديل لعالم أكثر عدلا واحتراما للإنسان و للبيئة”، فإنها ذهبت في المقابل بعيدا وهي تنتقد تجربة اليسار اليوم، مخاطبة شباب حزبها بقولها “أين هو اليسار الحامل للمبادئ الرفيعة للتحرر والأنسنة والتضامن”، مستشهدة بمنظري وزعماء الفكر اليساري، “كارل ماركس الذي يؤكّد على قيمة العمل”، و”طوماس بيكيتي” الذي يؤكّد على ضرورة التوزيع العادل للثروة ليس فقط، للتقليص من الفقر، ولكن للتقليص من الفوارق الاجتماعية والمجالية”. الحنين الذي عبرت عنه منيب قادها إلى طرح سؤال صادم على مرأى ومسمع أطر حزبها، الذين قادوا العمل اليساري بالمغرب من أمثال بنسعيد آيت إيدر، قائلة: “ماذا يعني أن تكون يساريا اليوم؟ وما هو المشروع البديل لتجاوز الأزمة ذات الأبعاد المتعددة؟ وما هو دور الشباب اليوم، في عصر الذكاء الاصطناعي والنانو والنوروسيانس والإيبيجنتيك والتواصل الاجتماعي، و”عصر clic” والتقدم العلمي والتكنولوجي و5G”. وتساءلت منيب، أيضا، كيف يمكن لليسار الجديد، “الاستفادة من الثورات المواطنة بأمريكا اللاتينية وبأوروبا من بوديموس وسيريزا، واستخلاص الدروس من حركة الغاضبين والقادمين الجدد، ومن الحراك بالمغرب والجزائر والسودان لتحقيق التغيير الديمقراطي للخروج من دوامة الفوضى الهدامة وتمنيع أوطاننا وتجاوز زمن الترددات والإخفاقات إلى زمن الفعل النضالي المتواصل والمعبئ والقادر على خلق ميزان قوى جديد و معه الأمل بأن للسياسة دور، ولكن هذا الدور يجب أن يتجدد ليلتحق بالحراكات الشعبية ويصبح المعبّر السياسي عنها ويصبح مؤهلا لقيادة التغيير الجذري للدولة والمجتمع”.