كيف تقرؤون قرار دولة السلفادور في سحب اعترافها بجبهة البوليساريو؟ وفي أي سياق يتم ذلك؟ يرتبط ذلك بالتغيير السياسي المهم الذي عرفته السلفادور، مؤخراً، في أعلى هياكل الدولة. البلاد دخلت مرحلة تاريخية لم تعرف مثلها منذ نهاية الحرب الأهلية، بحيث وصل إلى السلطة رئيس لا ينتمي إلى أي من الحزبين التقليديين. شاب في الثلاثينات من العمر، لم يكن يُراهن عليه أحد، أسس حزبا جديدا اكتسح من خلاله المشهد السياسي في زمن قياسي، وذلك بفضل برنامج انتخابي طموح وقابل للتحقيق، إذ جعل من بين أولوياته على المستوى الداخلي، تحسين الوضع الاقتصادي ومحاربة الفساد، وعلى المستوى الخارجي، إعادة النظر في عدد من الملفات التي أشرفت عليها الحكومات السابقة. وفي هذا الصدد، تبين للرئيس الجديد ولحزبه أن الواقعية السياسية تقتضي سحب الاعتراف بالبوليساريو. ينبغي التذكير، كذلك، أن الدبلوماسية المغربية اشتغلت بهدوء وتأن في هذا الموضوع، ذلك لأن الرئيس نجيب أبو كِيلة، فاز في الانتخابات في فبراير الماضي، ولكنه لم يتول السلطة إلا منذ أقل من أسبوعين، وكانت واحدة من أولى القرارات التي اتخذها وهو في مهامه الجديدة، سحب الاعتراف بالبوليساريو. وهنا أظن أن هذه الخطوة تسمح لنا، أيضا، بفهم التوجه الذي ستسير عليه سياسته الخارجية، وبالضبط حُيال العالم العربي الذي يعني له الكثير، باعتباره مرتبطا عاطفيا بأرض أجداده فلسطين. كيف يمكننا بناء علاقات استراتيجية مع هذا البلد الصغير في أمريكا الوسطى (7 ملايين نسمة)، وأن لا تتغير بتغير الحكومات؟ صحيح أن الأمر يتعلق ببلد صغير من حيث عدد سكانه ومساحته، ولكن له أهمية استراتيجية كبرى، ذلك لأنه يعد بمثابة جسر على غرار بلدان أخرى بمنطقة الكاريبي بين الولاياتالمتحدةوأمريكاالجنوبية. وبسبب هذا الموقع الاستراتيجي تراهن عليه أمريكا. ثم إن هذا الحزب السياسي يوجد اليوم في الحكم في إطار نوع من “التحالف الكبير من أجل الوحدة الوطنية”، كما يدل على ذلك اسمه “حزب الأفكار الجديدة”، إضافة إلى أنه يسعى لصنع ما يسمى ب”السياسة الجديدة”، التي يعمل لتمتد إلى بلدان أخرى بالمنطقة تطمح هي، كذلك، إلى التغيير. أظن أن الظرفية التي تعرفها السلفادور اليوم، تقتضي أن يدعم المغرب العلاقات مع هذا البلد. الرئيس الجديد ستمتد ولايته إلى غاية 2024، وهي مدة زمنية كافية ليتموقع المغرب من خلال هذا الحليف الجديد بشكل أكثر فاعلية في تلك المنطقة. وفي تقديري يمكن أن يتم ذلك من خلال اعتماد استراتيجية تقوم على ثلاث ركائز: أولاها: إظهار بالحجة والدليل، ومن خلال الدبلوماسية متعددة الوسائط، عدالة قضية وحدة المغرب الترابية؛ ثانيها: تقوية العلاقات بأشكالها المختلفة مع السلفادور لتكون داعمة لقضية وحدة المغرب الترابية في محيطها الإقليمي، وبين شركائها في أمريكا الوسطى والجنوبية؛ ثالثها: دعم التعاون الاقتصادي بين البلدين، خصوصاً وأن هناك تكاملا بينهما يمكن الاستفادة منه، في إطار معادلة: رابح رابح. لنعد إلى أمريكا اللاتينية بشكل عام، قبل محاولة ملامسة مستقبل المغرب في كل بلد على حدة. هل الاختراقات المغربية الأخيرة هي تحصيل حاصل لخطة عمل معتمدة سلفا ومدروسة، أم إنها نتيجة مباشرة للمتغيرات والاضطرابات الدولية والإقليمية، لا سيما في بعض الدول الأمريكية اللاتينية المعادية للمغرب (فنزويلا وكوبا ونيكاراغوا)، والتي كانت تضغط على دول أخرى لتجنب أي تقارب محتمل لها مع المغرب؟ في المقابل، هناك من يرى أن انكماش الإيديولوجية اليسارية الثورية الشعبوية لعب في مصلحة المغرب وقضيته الترابية؟ وهل أي سقوط محتمل للنظام الفنزويلي بقيادة نيكولاس مادورو سيحدث شرخا في النواة الصلبة للمعسكر الداعم للبوليساريو بالقارة، والمسمى «المحور البوليفاري»، المكون من فنزويلاونيكاراغوا والإكوادور بدعم من كوبا؟ أظن أن استراتيجية المغرب في التعامل مع بلدان أمريكا اللاتينية، عرفت تطوراً واضحاً منذ مطلع القرن الحالي. وساهم في ذلك، التحولات التي عرفها السياق الدولي، ولكن هناك حدثا بالغَ الدلالة ساهم في نجاح هذه الاستراتيجية، هو زيارة جلالة الملك إلى هذه القارة سنة 2004؛ فمنذ ذلك التاريخ أبدت عدد من بلدانها تفهما أكبر لقضية وحدة المغرب الترابية، وسحبت اعترافها بالبوليساريو. وفي الوقت الحاضر يمكن أن نقسم بلدان أمريكا اللاتينية في تفاعلها مع قضية الصحراء المغربية إلى ثلاث مجموعات: المجموعة الأولى: تضم بلداناً موقفها واضح وهي تدعم الوحدة الترابية للمغرب، وتتبنى الطرح المغربي المتمثل في مقترح الحكم الذاتي، ثم إن هذه المجموعة لم يسبق لها أن اعترفت بالبوليساريو. خصوصية هذه المجموعة الأساسية أنها تضم بلدانا لها ثقل مهم على المستوى القاري، وعلى رأسها البرازيل، وهي أهم بلد في أمريكا اللاتينية وخامس أهم دولة في العالم، سواء من حيث السكان أو المساحة. وتلعب البرازيل، كما هو معروف، دوراً ريادياً في مختلف التكتلات السياسية والاقتصادية التي تضم بلدان الجنوب، كما تسعى إلى ضمان مقعد دائم في مجلس الأمن. من البلدان الأخرى، في هذه المجموعة، نذكر الأرجنتين والشيلي. دافع بلدان هذه المجموعة في قبول الطرح المغربي، اقتناعها بالنموذج الفدرالي، ذلك لأن أغلب نظامها فدرالي. ويبقى لدعم الشيلي لمقترح الحكم الذاتي المغربي، دلالة رمزية كبيرة، ذلك لأن برلمان هذا البلد بغرفتيه صوت لصالح المقترح. المجموعة الثانية: تضم بلداناً اعترفت بالبوليساريو منذ بداية ثمانينيات القرن العشرين وبعدها، وذلك في ظرفية تاريخية مختلفة عن التي يعرفها العالم اليوم. وقد حققت الدبلوماسية المغربية بها في السنوات الأخيرة نجاحاً محموداً سمح بسحب هذا الاعتراف كما قلنا. بعض هذه البلدان مؤثرة على مستوى القارة ( كولومبيا والبيرو)، والبعض الآخر أقل أهمية: (الباراغواي وجمهورية الدومينيغ وغرينادا وكوستاريكا وبنما وجامايكا، بالإضافة إلى السلفادور). ما يسجل على سحب هذه البلدان لاعترافها بالبوليساريو، أنه كان مرفوقاً باستعداد ورغبة لدعم العلاقات مع المغرب. المجموعة الثالثة: تضم بلداناً لازالت تعترف بالبوليساريو، محركها الرئيس في ذلك، هو العامل الإيديولوجي. إذ لازال خطابها ينتمي إلى مرحلة الحرب الباردة، خطاب لا يختلف إلا ضمنياً عن خطابات الأنظمة الشيوعية الشمولية في الماضي؛ فالعدو، حسب تصورها، هو الإمبريالية والرأسمالية. وكل حليف أو صديق للولايات المتحدة يعتبر خصماً لها. ثم إن قادة هذه البلدان لازالوا يتحدثون عن حركات التحرر عبر العالم، لكن بالطريقة التي تروقهم هم وليس بالطريقة التي تروق الشعوب. جل هذه البلدان تنضوي تحت تكتل إقليمي يسمى “التحالف البوليفاري لشعوب أمريكا اللاتينية ALBA”. أغلبها يوجد بأمريكا الوسطى والكاريبي، وهي غير مؤثرة دولياً بسبب توجهاتها الراديكالية، وبسبب تواضع الإمكانيات الاقتصادية لأغلبها. موقفها الإيديولوجي سوف يستمر إلى عودة الديمقراطية، ذلك لأنه وكما تعرف، فالإيديولوجية هي قضية متحركة، وليست قضية ثابتة. الأنظمة في هذه البلدان، استعملت الإيديولوجية بطريقة شعبوية للوصول إلى الحكم، من خلال الثورة أحياناً، ومن خلال الانتخابات، في أحايين أخرى. ولكن مع وصولها إلى الحكم، ترفض اللعبة الديمقراطية (حالات، نيكاراغوا، وبوليفيا وفنزويلا لجِدّ معبرة). علاقات المغرب وتفهم قضاياه، رهين بعودة الديمقراطية، وهو ما توحي المؤشرات بحدوثه مستقبلاً. كيف يمكن أن يساهم التعاون الاقتصادي في دعم العلاقات مع بلدان أمريكا اللاتينية، خدمة لقضية وحدة المغرب الترابية، ودعماً للمصالح المشتركة؟ في إطار التوجه الذي يرمي إلى دعم التعاون جنوب جنوب، شهدت العلاقات الاقتصادية بين المغرب وأمريكا اللاتينية تطوراً غير مسبوق في العقد الأخير، غير أننا نسجل تفاوتاً واضحاً في حجم هذا التعاون، بحيث يمكن أن نميز هنا، كذلك، بين ثلاث مجموعات من البلدان: المجموعة الأولى: تضم ثلاثة بلدان هي المكسيكوالبرازيلوالأرجنتين. وينتمي الأخيران إلى “مركوسور”، وهو أهم تكتل اقتصادي في أمريكاالجنوبية. هذه البلدان الثلاثة تمثل أكثر من 90 في المائة من حجم المبادلات التجارية التي للمغرب مع أمريكا اللاتينية (تحتل البرازيل المرتبة الأولى، تليها الأرجنتين، ثم المكسيك). غير أن هذا التعاون الاقتصادي هو بالأساس في المبادلات التجارية، أما الاستثمارات فتبقى محدودة للغاية. المجموعة الثانية: وهي التي شهد حجم تعاونها التجاري مع المغرب تطوراً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، مثل الشيلي والبيرو وكولومبيا. بعض هذه البلدان مثل البيرو، فتحت مكتباً تجارياً لها في المغرب، الغاية منه هي تقديم دراسات عن الإمكانيات التي توفرها السوق المغربية للإنتاج البيروفي، وكذا تسهيل المبادلات التجارية بين البلدين. المجموعة الثالثة: تضم أكثر من نصف بلدان القارة. عند الاطلاع على أهم المواد التي تنتجها هذه البلدان في القطاعين الفلاحي والمعدني، نجد هناك تكاملاً اقتصادياً بينها وبين المغرب، غير أن ذلك لم يتم استغلاله لحد الآن بالشكل الكافي لدعم التعاون معها. وتعي عدد من بلدان أمريكا اللاتينية، أن المغرب قد يشكل جسراً لوصولها إلى الأسواق الإفريقية التي تعتبر مصدر إغراء بسبب أهميتهما، وهنا يجب على المغرب أن يستفيد أولاً من موقعه الاستراتيجي، وثانياً من التطور الحاصل في حضوره الاقتصادي والسياسي بالقارة الإفريقية. لكن مهمة المغرب يجب أن تتجاوز دور الوسيط، وهذا أمر ضروري بالنسبة إلى المقاولات المغربية حتى تنخرط في المشروع. ويمكن في هذا الإطار للمقاولات المغربية التي لها استثمارات في إفريقيا جنوب الصحراء، أن تقدم عروضاً للمقاولات الأمريكية اللاتينية، خصوصاً ذات الشهرة الكبيرة، لتكون شريكاً لها سواء في الاستثمار أو في التجارة بإفريقيا، وفي المقابل تقدم المقاولات الأمريكية اللاتينية نفس العروض للمقاولات المغربية، لتصل هي الأخرى إلى الأسواق الأمريكية اللاتينية. كما يمكن أن يلعب المغرب، كذلك، دوراً في دعم التعاون بين أمريكا اللاتينية والعالم العربي، وهنا لا يجب أن يقتصر التعاون على المبادلات التجارية، وإنما يجب أن يمتد إلى الاستثمار. ويمكن في مرحلة أولى أن يدخل الاستثمار الأمريكي اللاتيني كشريك للمقاولات المغربية أو العربية الموجودة في المغرب. كل هذا يعني أن الدبلوماسية الاقتصادية والدبلوماسية متعددة الوسائط بشكل عام، أصبحت اليوم السبيل الأنجع، لإنجاح أي علاقات بين الدول مهما كانت الغاية الفعلية من هذه العلاقات. في إطار التوجه الذي يرمي إلى دعم التعاون جنوب جنوب، شهدت العلاقات الاقتصادية بين المغرب وأمريكا اللاتينية تطوراً غير مسبوق في العقد الأخير، غير أننا نسجل تفاوتاً واضحاً في حجم هذا التعاون، بحيث يمكن أن نميز هنا، كذلك، بين ثلاث مجموعات من البلدان: المجموعة الأولى: تضم ثلاثة بلدان هي المكسيكوالبرازيلوالأرجنتين. وينتمي الأخيران إلى “مركوسور”، وهو أهم تكتل اقتصادي في أمريكاالجنوبية. هذه البلدان الثلاثة تمثل أكثر من 90 في المائة من حجم المبادلات التجارية التي للمغرب مع أمريكا اللاتينية (تحتل البرازيل المرتبة الأولى، تليها الأرجنتين، ثم المكسيك). غير أن هذا التعاون الاقتصادي هو بالأساس في المبادلات التجارية، أما الاستثمارات فتبقى محدودة للغاية. المجموعة الثانية: وهي التي شهد حجم تعاونها التجاري مع المغرب تطوراً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، مثل الشيلي والبيرو وكولومبيا. بعض هذه البلدان مثل البيرو، فتحت مكتباً تجارياً لها في المغرب، الغاية منه هي تقديم دراسات عن الإمكانيات التي توفرها السوق المغربية للإنتاج البيروفي، وكذا تسهيل المبادلات التجارية بين البلدين. المجموعة الثالثة: تضم أكثر من نصف بلدان القارة. عند الاطلاع على أهم المواد التي تنتجها هذه البلدان في القطاعين الفلاحي والمعدني، نجد هناك تكاملاً اقتصادياً بينها وبين المغرب، غير أن ذلك لم يتم استغلاله لحد الآن بالشكل الكافي لدعم التعاون معها. وتعي عدد من بلدان أمريكا اللاتينية، أن المغرب قد يشكل جسراً لوصولها إلى الأسواق الإفريقية التي تعتبر مصدر إغراء بسبب أهميتهما، وهنا يجب على المغرب أن يستفيد أولاً من موقعه الاستراتيجي، وثانياً من التطور الحاصل في حضوره الاقتصادي والسياسي بالقارة الإفريقية. لكن مهمة المغرب يجب أن تتجاوز دور الوسيط، وهذا أمر ضروري بالنسبة إلى المقاولات المغربية حتى تنخرط في المشروع. ويمكن في هذا الإطار للمقاولات المغربية التي لها استثمارات في إفريقيا جنوب الصحراء، أن تقدم عروضاً للمقاولات الأمريكية اللاتينية، خصوصاً ذات الشهرة الكبيرة، لتكون شريكاً لها سواء في الاستثمار أو في التجارة بإفريقيا، وفي المقابل تقدم المقاولات الأمريكية اللاتينية نفس العروض للمقاولات المغربية، لتصل هي الأخرى إلى الأسواق الأمريكية اللاتينية. كما يمكن أن يلعب المغرب، كذلك، دوراً في دعم التعاون بين أمريكا اللاتينية والعالم العربي، وهنا لا يجب أن يقتصر التعاون على المبادلات التجارية، وإنما يجب أن يمتد إلى الاستثمار. ويمكن في مرحلة أولى أن يدخل الاستثمار الأمريكي اللاتيني كشريك للمقاولات المغربية أو العربية الموجودة في المغرب. كل هذا يعني أن الدبلوماسية الاقتصادية والدبلوماسية متعددة الوسائط بشكل عام، أصبحت اليوم السبيل الأنجع، لإنجاح أي علاقات بين الدول مهما كانت الغاية الفعلية من هذه العلاقات. إلى أي حد يمكن القول إن الدبلوماسية الثقافية ساهمت في تغيير مواقف بعض حكومات هذه القارة ونظرة مواطنيها تجاه المغرب؟ نعرف أن الدبلوماسية الثقافية كآلية تقارب بين البلدان، عرفت تطوراً ملحوظاً على المستوى الدولي، حيث بدأ استعمال سلاح الثقافة بأشكاله المختلفة للوصول إلى الأهداف التي تسطرها الأمم. بالنسبة إلى حالة المغرب وأمريكا اللاتينية، يجب أن نشير أنه في الوقت الحاضر هناك اتفاقيات تعاون ثقافي للمغرب مع أكثر من نصف بلدان القارة. هذه الاتفاقيات شجعت دون شك وزارة الخارجية المغربية، على تنظيم أنشطة ثقافية كان لها وقع إيجابي. وأذكر على سبيل المثال “أيام الثقافة المغربية في الشيلي”، التي نظمت منذ أكثر من عشر سنوات، والتي تم من خلالها إخراج الثقافة المغربية بمظاهرها المختلفة إلى الشارع، وهو ما سمح بالتعريف بالمغرب وبقضية وحدته الترابية على نطاق المجتمع، ولم يقتصر على الدوائر السياسية فقط. كما يجب التذكير، كذلك، بالندوة الثقافية التي نظمتها نفس الوزارة بمراكش سنة 2005، على هامش انعقاد مؤتمر وزراء خارجية العالم العربي وأمريكاالجنوبية، والذي مهد للقمة العربية الأمريكيةالجنوبية الأولى التي عقدت نفس تلك السنة بالبرازيل. كذلك يجب التذكير بالندوة الدولية الكبرى التي نظمتها أكاديمية المملكة المغربية في السنة الماضية، تحت عنوان: “أمريكا اللاتينية كأفق للتفكير”. موازاة مع ذلك تقوم الجامعات المغربية من حين لآخر بتنظيم ندوات ثقافية عن العلاقات بين المنطقتين، كما هناك عدة ورشات ودروس “ماستر” حول أمريكا اللاتينية بعدد من هذه الجامعات. غير أن تأثيرها يبقى محدوداً وهي تهم فقط، جمهور الأكاديميين المتخصصين، كما أن العديد منها لا ينشر، أو ينشر في طبعات محدودة. وقد وقَّعت عدد من الجامعات المغربية اتفاقيات شراكة وتعاون مع جامعات أمريكية لاتينية. ارتباطاً بالجامعة دائماً، نسجل أن شُعب اللغة الإسبانية بالجامعات المغربية والتي تُدَرَّسُ بها عادة مواد متعلقة بأمريكا اللاتينية، أو تُنجز فيها بحوث حول هذه القارة، عرفت تطوراً مهماً في مسارها، بحيث عندما نتوقف عند أولى الأطاريح الجامعية التي نوقشت بها في ثمانينات القرن الماضي، كانت كلها حول الأدب الأمريكي اللاتيني، وهي مواضيع رغم جديتها، لا يمكن أن تضيف الكثير، لأن الباحثين في أمريكا اللاتينية سبقونا إلى دراسة مثل هذه القضايا. ولكن اليوم، أصبح البحث منصباً، كذلك، على قضايا أخرى تهم العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية بين المغرب وبلد من بلدان أمريكا اللاتينية، وكل هذا يدخل في خانة الدبلوماسية الثقافية.