بعد سنة ونصف من المقاومة، أعلنت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، اليوم الجمعة، استقالتها من رئاسة الحكومة، محددة جدولا زمنيا لخروجها من الحكومة والحزب على خلفية فشلها في أزمة “بريكست”. وتتوقع وسائل الإعلام البريطانية أن يكون وزير الخارجية السابق بوريس جونسون، المرشح الأوفر حظا لخلافة “ماي”، خصوصا مع استمرار موجة التأييد بين البريطانيين للخروج من الإتحاد الأوربي، الأمر الذي يعتبر جونسون أكثر الساسة تمسكا به، حيث توقع أن تكون نهاية الاتحاد الأوروبي مأساوية. ويشبه كثيرون جونسون، بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حيث تمتد أوجه التشابه بين الرجلين، من المواقف المتطرفة تجاه قضايا الهجرة، والحمائية، والمناخ وغيرها، فضلا عن الشبه الشديد بينهما على المستوى الفيزيولوجي، خصوصا تسريحة شعره الغريبة. ولد جونسون عام 1964 لفنانة إنجليزية ووالده عمل في البنك الدولي ثم البرلمان الأوروبي، وبدأ حياته المهنية كصحافي قبل أن يقتحم المجال السياسي. صحافي مطرود من التايمز كانت بداية جونسون الصحفية في صحيفة التايمز، ثم انتقل إلى ديلي تليجراف عام 1989حتى أصبح مراسلها للاتحاد الأوروبي، ثم نائب رئيس التحرير، وفي عام 1997 أصبح رئيس تحرير صحيفة “ذا سبيكتاتور”، ثم صحيفة “تايمز” بفضل علاقات أسرته الواسعة. ووقت عمله في صحيفة التايمز اعتبرته رئيسة الوزراء البريطانية آنذاك مارجريت تاتشر أنه “أفضل صحفي” من وجهة نظرها، وبعد فترة أُقيل من عمله في صحيفة التايمز بسبب عدم الدقة في نقل التصريحات. عداؤه للإسلام يمتلك جونسون رصيد كبير من المواقف والتصريحات المثيرة ضد الإسلام والمسلمين، أخرها وصفه النساء مرتديات “النقاب” أنهم “يشبهن صناديق البريد وسراق البنوك”، معلقًا على حظر الدنمارك ارتداء النقاب والبرقع في الأماكن العامة. ورغم دعوة رئيسة الوزراء تيريزا ماي، له بالاعتذار عن تلك التصريحات، إلا أنه دافع عن رأيه بقوة ورفض الاعتذار عن حديثه. وفي يوليوز عام 2005، عندما كان عضوًا في البرلمان، كتب مقال في صحيفة “سبيكتايتور”، يُعلق فيه على الهجمات الأربع الانتحارية في لندن التي أودت بحياة 52 شخص وإصابة العشرات، وهاجم خلال المقال الإسلام والمسلمين واعتبرهم سبب إنتشار الإرهاب حول العالم، الأمر الذي أثار قلق ورعب المسلمين المتواجدين في لندن، عقب فوزه بمنصب عمدة لندن عام 2008. داعم كبير للبريكسيت تقلد خلال مسيرته مناصب ووزارات عدة إلى جانب عمودية لندن، لكنه عاد إلى البرلمان عام 2015، ليعرف خلالها بمواقفه المتطرفة تجاه الإنسحاب من الإتحاد الأوربي وبأي كلفة، حيث كان أحد أهم من حركوا الدعوة لاستفتاء “البريسكسيت”، والذي أبان عن رغبة أغلب البريطانيين في مغادرة الإتحاد. بعد سقوط حكومة ديفيد كاميرون، سنة 2016، شغل جونسون منصب وزير الخارجية في حكومة تيريز ماي، لكنه لم يمكث كثيرا قبل أن يقدم استقالته بسبب خلافه معها إثر تعثر ال”بريكست”. فوزه برئاسة الحزب والحكومة شبه محسوم كما يتمتع جونسون بشعبية كبيرة داخل حزب المحافظين، ما يمهد لخلافته لتيريز ماي، التي قالت اليوم في خطاب التنحي أمام مقر رئاسة الحكومة في لندن، إنها ستبقى في المنصب حتى 7 يونيو المقبل، حتى تتيح الفرصة أمام حزب المحافظين، الذي تنتمي له لاختيار زعيم جديد للحزب، ليتولى تلقائيا رئاسة الحكومة.