تحل الذكرى الثانية عشر لوفاة أحد رموز الحركة الحقوق المغربية، الراحل ادريس بنزكري، واضع اللبنات الأولى لما سمي ب”العدالة الانتقالية” بالمغرب. وهي محطة للوقوف على مدى تقدم تنفيذ توصيات هيئة الانصاف والمصالحة، وأيضا للوضع الحقوق بشكل عام، خاصة بعد السنوات الأخيرة التي عرفت تراجعات كثيرة وبلغة الحقوقيين سنوات “الردة الحقوقية”، وسنوات “الرصاص” والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان” ولكن بصيغ ومقاربات جديدة. نشير منذ البداية أن منظومة حقوق الإنسان لم تضع بعد معايير نموذجية لقياس درجة تقدم أو تراجع وضعية حقوق الانسان في بلد ما، وكل من يتحدث عن مؤشرات، فهي منطلقات ذاتية ووجهة نظر شخصية، بما فيها كاتب هذه المقالة، ومع ذلك اجتهدت بعض الممارسات الفضلى في تبيان تشخيص عام للواقع الحقوقي في كل بلد انطلاقا من التزامات الدولة الدولية وتعهداتها الطوعية أمام هيئات الأممالمتحدة. وإن كانت منظومة حقوق الإنسان مرتبطة بمحددات أساسية وهي الممارسة الاتفاقية والبنية التشريعية والآليات والتدابير الحمائية، والسياسات العمومية ذات الصلة، وأخيرا الممارسة الميدانية، فإن المقالة ونظرا للحيز الضيق ستركز فقط على بعض المحددات، وسنؤجل الحديث عن المحددات الأخرى في مقالات لاحقة. أولا: سمة “التأخر” في الممارسة الاتفاقية تحاول الدولة كل مرة تسويق نموذج تفاعلها الإيجابي مع هيئات الأممالمتحدة المعنية بحقوق الإنسان، وذلك عبر قنواتها الرسمية سواء وزارة الدولة المكلفة بحقوق الإنسان أو المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان أو المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وهي بروباغندا يفندها الواقع. تشتغل هيئات الأممالمتحدة المعنية بحقوق الإنسان بعدة آليات، وخاصة منها الآليات التعاقدية المنبثقة من الاتفاقية الدولية أو الإجراءات الخاصة أو الاستعراض الدوري الشامل. * لجن المعاهدات فيما يتعلق بلجن المعاهدات، وعددها تسعة لجن، فإن الحكومة المغربية تعلن في كل مرة أنها تتفاعل وتقدم تقاريرها الوطنية بشكل دوري ومنتظم أمام هذه اللجن، إلا أن القاعدة العامة والممنهجة في تعاطي المغرب مع هذه الاليات هي “التأخر” على المواعيد المحددة، وهو ما انتبهت إليه لجنة حقوق الانسان في تقريرها الختامي حول التقرير الوطني السادس للمغرب بتاريخ 16 دجنبر 2016، أن المغرب “تأخر عن موعده بسبع (7) سنوات” (الفقرة 2 من التقرير). كما أن الدولة المغربية تلجأ في كثير من الأحيان إلى اعتماد ما يسمى بالتقارير الجامعة لثلاث أو أربع دورات كمثال على ذلك التقرير الوطني الجامع للتقريرين الدوريين الثالث والرابع المتعلق باتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة سنة 2008، والتقرير الجامع للتقريرين الدوريين الثالث والرابع المتعلق باتفاقية حقوق الطفل سنة أكتوبر 2014. أما اليوم فإن المغرب متأخر كثيرا في التزاماته الدولية، إذ أنه لم يقدم تقاريره الرسمية أمام هيئات الأممالمتحدة منذ سنوات، وتتعلق ب: * تأخر التقرير الوطني أمام لجنة القضاء على التمييز ضد المرأة، حيث كان من المفروض أن يقدمه بتاريخ 24 يوليوز 2014. * تأخر التقرير الوطني أمام لجنة القضاء على جميع اشكال التمييز العنصري، حيث كان من المفروض أن يقدمه بتاريخ 17 فبراير 2014. * تأخر تقديم التقرير الأولي أمام لجنة حماية الافراد من الاختفاء القسري، حيث كان من المفروض أن يقدمه بتاريخ 14 يونيو 2015. * تأخر التقرير الوطني أمام لجنة حماية العمال المهاجرين وجميع أفراد أسرهم، حيث كان من المفروض أن يقدمه بتاريخ 13 شتنبر 2018. الملاحظ أنه من أصل ثماني تقارير مبرمجة فإن المغرب متأخر إلى الآن على أربع مواعيد دولية، فأين هذا التفاعل الإيجابي؟ إن هذا التقييم متعلق فقط بمدى احترام الأجندة الدولية، دون الحديث حول الالتزامات والتعهدات التي قبلها المغرب طوعا في محطات سابقة، هل تم تنفيذها أم لا؟
* التعامل “المزاجي” مع الإجراءات الخاصة: ما فتئ الناطقون الرسميون باسم الدولة المغربية يتحدثون عن استقبال المغرب منذ سنة 2011 إلى الآن حوالي 12 إجراء خاص، من مقررين وخبراء مستقلين وفرق عمل. وإن كان هذا المعطى إيجابيا، إلا أنه يجب التذكير بكون المقرر الخاص المعني بحماية وتعزيز حرية الرأي والتعبير سبق وأن قدم طلبه لزيارة المغرب منذ سنة 2013، وقام بإعادة طلبه بشكل مكتوبة سنة 2015، وكل سنة يذكر في تقاريره السنوية الموجهة للأمين العام للأمم المتحدة بهذا الطلب. كما عرف المشهد الحقوق المغربي مؤخرا سوء التواصل بين المقرر الخاص المعني باستقلال القضاة والمحامين الذي ألغى زيارته قبل أيام معدودة من موعدها بسبب عدم التواصل الجيد مع الحكومة المغربية، إذ أن ترتيبات زيارته التي سطرها ووضعها المغرب كانت مقيدة لعمله حسب البلاغ الذي نشره. وأخيرا، فإن ردود الفعل الصادرة من الدولة المغربية على إثر التصريح الذي قدمه الفريق العامل المعني بالاعتقال التعسفي حول توفيق بوعشرين، بتوزيع توصيفات وصلت إلى حد تجريح الفريق وخبرائه، يبين المزاجية التي تتعامل بها الحكومة المغربية مع نظام الإجراءات الخاصة، فتارة تعتبرها مرجعا حقوقيا وآلية استراتيجية في منظومة حقوق الإنسان، وتارة تعتبرها مجرد هيئة استشارية لا قيمة لها.
* “تجزيئ” الاستعراض الدوري الشامل يتذكر الجميع الردود الرسمية بخصوص الملاحظات والتوصيات الصادرة في استعراض الدوري الشامل للتقرير الثالث للمغرب في شتنبر 2017، حيث وزعها على أربع أصناف، توصيات مقبولة وتوصيات في طور الإنجاز وتوصيات مرفوضة وتوصيات مقبولة جزئيا، فإن كانت التصنيفات الثلاث الأولى جار بها العمل، فإن التصنيف الأخير لا قيمة قانونية له بل معارض لمبادئ حقوق الإنسان، وخاصة منها أن الحقوق غير قابلة للتجزيء، فالقول بقبول جزء من التوصيات ورفض جزء آخر منها هو بمثابة رفض للتوصية من الأساس بشكل لبق، مما يجعل أن التوصيات غير المقبولة أكبر بكثير مما هو مصرح به أي فقط 44 توصية. وللإشارة فإن المغرب مقبل في نونبر من هذه السنة، على تقديم تقريره النصف الدوري الشامل الرابع، وهي عملية تتم في سرية تامة ودون إشراك مكونات المجتمع المدني في إعداده، مما يخالف مقتضيات القرار رقم 60/251 الصادر في 15 مارس 2016 (الفقرتين 6 و9)، والذي بموجبه تحولت لجنة لحقوق الإنسان إلى مجلس حقوق الإنسان، وهو القرار الذي وضع حزمة من آليات تتبع تنفيذ الالتزامات الدولية، وعلى رأسها الاستعراض الدوري الشامل، إذ ألزمت الدول المستعرضة إعداد تقاريرها “الوطنية”، التي حلت محل اسم التقارير “الرسمية”، بالتشاور والتنسيق مع مكونات المجتمع المدني. (الفقرة 15 من الوثيقة رقم A/HRC/RES/5/1 الصادرة سنة 2018).
ثانيا: تيه الهيئات الوطنية الرسمية ترتبط منظومة حقوق الإنسان بهيئات رسمية وأخرى مدنية، إن كانت هذه الأخيرة تسمى بأصحاب المصلحة من منظمات غير حكومية ومُحامين وعائلات … فإن الهيئات الرسمية في الحالة المغربية تتمثل في كل من وزارة الدولة المكلفة بحقوق الإنسان والمندوبية الوزارية لحقوق الإنسان والمجلس الوطني لحقوق الإنسان. * وزارة الدولة المكلفة بحقوق الانسان منذ تعيين السيد مصطفى الرميد وزيرا للدولة مكلفا بحقوق الإنسان، فإن خرجاته الإعلامية والمشاريع التي أعلنها اتسمت ب”التيه” حول أدواره ووظائفه، وهوما جسده تصريحه بكونه “وزير كل شيء ووزير لا شيء” في يوليوز 2017، وهنا مربط الفرص. إذا كانت كل القطاعات الحكومية تقدم خدمات عمومية، كوزارة الصحة تقدم الخدمة الصحية، ووزارة التعليم تقدم الخدمة التعليمية … فإنه من المفروض القطاع الحكومي المتصل بحقوق الانسان أن يقدم للمواطنات والمواطنين خدمات حقوقية. فما هي هذه الخدمة الحقوقية؟ وما غاياتها؟ وكيف يتم تصريفها؟ هي الأسئلة التي بقيت عالقة على الوزارة المعنية ولم تقدم لها أجوبة شافية، بل إنها لم تجب عن هذه الأسئلة حتى في التصريح الحكومي بمناسبة تنصيب حكومة الأستاذ سعد الدين العثماني. وإذا كان دورنا غير معني بالجواب على هذه الأسئلة، فإن الملاحظة العامة أن السيد الرميد حول القطاع الحكومي من جهاز للخدمة العمومية وفق قواعد القانون الإداري، إلى جهاز للخدمة الحزبية، فيرفع الراية الحمراء في وجه من يمس بحزبه ويفتح قنوات لولوج الجمعيات الدعوية والإحسانية التابعة لحزبه إلى الحقل الحقوقي، ويرفع الراية البيضاء في كل ما يتعلق باصطدام أو احتكاك بين الدولة والمجتمع، وآخرها ملف معتقلي الحسيمة وسجن الصحفيين وعلى رأسهم مدير موقع بديل أنفو حميد المهداوي. وتبقى الخطة الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان، والتي لا ترقى إلى مستوى خطة وطنية بقدر ما هي خطة حكومية رسمية، مجرد “حبر على ورق”، فرغم معركته من أجل نشرها في الجريدة الرسمية، حيث إلى الآن لم تنشر رغم مرور نصف ولايتها، فإنه لم يستطع بعد مرور 7 أشهر من وضع مخططها التنفيذي كما طلب منه ذلك الملك محمد السادس. وللتذكير فإنه منذ إعلان إطلاق الخطة الوطنية، تم إرفاقها بإصدار مرسوم تنفيذها وتتبعها وتقييمها، إلا أنه لم يصدر بعد، وبالمناسبة فهو مرسوم مخالف للدستور والقانون، لأنه تشريع ينتمي للمجال التنظيمي لرئيس الحكومة ولكن في نفس الوقت ينظم العلاقة بينها والبرلمان من جهة وبينها وبين مؤسسات وطنية من جهة أخرى، وهي علاقات ينظمها ويؤطرها الدستور والقوانين وليست المراسيم. (انظر جواب رئيس الحكومة حول الأسئلة الشهرية بتاريخ 2 يوليوز 2018، ص 9). إن ما سبق ذكره بخصوص وزارة الدولة المكلفة بحقوق الإنسان، يؤكد أنها مجرد قطاع حكومي أجوف، وعبء سياسي وحقوقي على الدولة والمجتمع، بالإضافة إلى الهذر المالي لوزارة لا دور لها، يتطلب التفكير في إلغائها والعودة إلى ما قبل سنة 2017.
* المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الانسان سبق لنا التفاعل مع تعيين المندوب الوزاري المكلف بحقوق الإنسان، في مقالة تحت عنوان “الرد الحقوقي والقانوني على ما جاء في حوار شوقي بنيوب”، ورغم ذلك، فقد بقيت نقط كثيرة عالقة في تصريحات وخرجات السيد شوقي بنيوب. نفس السمة التي عرفها قطاع الحكومة في مجال حقوق الإنسان، نجدها ملتصقة أيضا بالمندوبية الوزارية لحقوق الإنسان، وهي “التيه” حول أدوار ووظائف المندوبية. لا يخفى على أحد أن إحداث بنية بين حكومية معنية بمجال حقوق الإنسان، يعتبر من الممارسات الفضلى الدولية، إذ اعتبرتها المفوضية السامية لحقوق الإنسان على لسان رئيستها السابقة نافي بلاي أثناء زيارتها للمغرب في ماي 2014 ب”تطور يستحق التقدير”، وأن لقاءها بالملك عبر لها على “إطلاق العديد من المبادرات من بينها إحداث المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان المكلفة بالإشراف على جميع القطاعات الحكومية وتنفيذ الرؤية الملكية الخاصة بحماية حقوق الإنسان بالمغرب”. إن التوصيف الملكي لأدوار المندوبية في مجال حماية حقوق الإنسان، ترجمه السيد محجوب الهيبة المندوب الوزاري السابق في التفاعل مع الهيئات الأممية والتنسيق بين الحكومات والتعاون مع المجلس الوطني لحقوق الإنسان وتعزيز قدرات المجتمع المدني، إلا أن السيد شوقي بنيوب أعطى للرسالة الملكية، بمناسبة الذكرى 70 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، أبعادا أكبر من حجمه وتجاوز الاختصاصات المحددة له دستوريا وقانونيا. اعتبر السيد المندوب الحالي أن التكليف الملكي حدده له في البعد الحمائي، وأن هذا المجال أصبح حصريا له، وهي قراءة مغلوطة للرسالة الملكية التي قالت بصريح العبارة “ونهيب على وجه الخصوص، بالمندوب الوزاري، في إطار المهام الموكولة إليه، لإيلاء عناية خاصة لتعزيز الحماية في مجال حقوق الإنسان”. فالمندوب عليه أن يشتغل وفق “المهام الموكولة إليه” صراحة أي وفق مرسوم اختصاصات المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان، مع رفع من نسبة الاهتمام بتعزيز أي النهوض بأدوار الحماية (وفق ما هو محدد في المرسوم فقط وفقط) التي تقوم بها هيئات أصلية وهي المجلس الوطني لحقوق الانسان وهيئات المجتمع المدني، ولا يمكن وفق الرسالة الملكية ولا وفق المعايير الدولية أن تتحول المندوبية الوزارية إلى آلية حمائية، اللهم إذا أصبحت الحكومة تمثل دور الحكم والخصم في آن واحد أمام انتهاكات حقوق الإنسان. إن منظومة حقوق الإنسان تشتغل وفق مقاربتين، مقاربة تعزيز الحقوق ومقاربة حماية هذه الحقوق، هذه الأخيرة لها فاعلوها وأدوات ومساطرها المعترف بهم دوليا، والأولى أيضا وتتعلق بنفس الأدوار السابقة للمندوبية، أي التفاعل مع هيئات المتحدة، والتي سبق في هذا المقال الإشارة إلى النواقص والتأخر في عدد من تقارير لجن المعاهدات، والتنسيق بين القطاعات الحكومية ذات الصلة، والتعاون مع المجلس الوطني لحقوق الإنسان وتقوية قدرات عمل المجتمع المدني. ختاما، إذا كانت هناك قراءات متعددة للخطب والرسائل الملكية، فإنها تدفعني للقول إن: قول الملك في عهد السيد محجوب الهيبة أن “المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان .. تنفذ الرؤية الملكية الخاصة بحماية حقوق الإنسان بالمغرب” أقوى بكثير من ربط الحماية بالتعزيز في الرسالة بمناسبة 70 سنة على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ومع ذلك فإن المندوب السابق والخبير الدولي والأممي في مجال حقوق الإنسان لم يجرأ أن يقول أن “أنا المسؤول الأول على الحماية”.
* المجلس الوطني لحقوق الانسان
إن تقييم حالة وعمل المجلس الوطني لحقوق الانسان يتطلب أكثر من مجرد مجزوءة في مقالة، ولكن يمكن تسجيل عدة ملاحظات سواء المجلس خلال الولاية السابقة، أو ولايته الحالية. أجمع الفرقاء الحقوقيون كون المجلس خلال الولاية السابقة تحول تدريجيا من مؤسسة معنية بحماية حقوق الإنسان والنهوض بها، إلى مكتب دراسات، من خلال إيلاء أهمية للدراسات والتقارير على حساب الإجراءات الحمائية وتعزيز قدرات ومهارات المعنيين بمجال حقوق الإنسان. بالعودة إلى قراءة مضامين الظهير رقم 1.11.19 المحدث للمجلس الوطني لحقوق الإنسان في نسخته الأولى، يمكن تسجيل أن أصحابه تخلوا أو لم يمارسوا ثلثي الاختصاصات الموكولة إليه: * عدم إصدار أي تقرير سنوي طيلة ولايته الستة سنوات. * عدم زيارة أماكن الاحتجاز والاعتقال وسلب الحرية، باستثناء زيارات السجون، وهذه العملية الأخيرة مردها للإرادة الحسنة للسيد المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج بانفتاحه على مكونات الحركة الحقوقية، إذ عقد عدة شركات مع المرصد المغربي للسجون، وجمعية عدالة، بل إن طلبة كلية الحقوق بالمحمدية يزورون السجون أسبوعيا ويلتقون عشرات السجناء، وبالتالي فالزيارات التي يقوم بها المجلس الوطني لحقوق الانسان تأتي في هذا السياق، لهذا نجد “صفر” زيارة لكل من مخافر الشرطة والدرك ومراكز قوات الأمن، مناطق العبور بالمطارات الدولية، مراكز الاحتجاز العسكري … كما هي محدد في البروتكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب ومبادئ باريس. * عدم إصدار تقارير مرتبطة بالمحاكمات، خاصة فيما يتعلق بتظاهرات 20 فبراير، وعدم نشر التقرير الكامل لوفاة كمال العماري، أو تقرير الاحتجاج على “العفو” المجرم البيدوفيلي دانييال كالفان، رغم أن المجلس وعد بنشر تقرير عن ذلك. * عدم إجراء أي وساطات إبان الاحتجاجات أو الاحتقان، كما نص على ذلك الظهير المؤسس ومبادئ باريس، والوساطة الوحيدة التي حاول إجراءها وفشلها فيها، تتعلق بأحداث الحسيمة. * عدم إنشاء مراصد الحرياتوالحقوق كما نص على ذلك القانون. * عدم إحداث الجائزة الوطنية لحقوق الإنسان، كما نص على ذلك الظهير. * عدم قدرته على تحمل مسؤوليته الحقوقية والسياسية وفي التقرير المسرب والمتعلق بادعاءات تعذيب معتقلي الحسيمة. * عدم إصدار تقرير أو رأي يتعلق بالانتهاك التي تعرض له ناصر الزفزافي من خلال تسجيله عاريا. * عدم إصدار تقرير حول محاكمة توفيق بوعشرين، كما وعد بذلك. * عدم إصدار تقرير حول محاكمة معتقلي الحسيمة، كما وعد بذلك. * عدم إصدار منجز تنفيذ توصيات هيئات الإنصاف والمصالحة كما صرح ووعد بذلك منذ سنة دجنبر 2015. هذه مجرد لائحة أولية لما هو منصوص عليه صراحة في الظهير المحدث للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، والتي لم يتم تفعيلها. أما المجلس في صيغته القانونية الحالية، فهو حول كل آليات الحمائية إلى مجرد مصالح إدارية، وعملها رهين بإرادة المؤسسات الأخرى، أي أن الزيارات والتقصي مرتبط بنظام الترخيص وليس نظاما فجائيا. ومن حيث ممارسته الحالية حسب الاصداء التي تصل، ونذكر هنا ما نشره موقع كود بتاريخ 02 ماي 2019 بعنوان “حصلةبوعياش في CNDH”، فإنه يبين بجلاء التوجه الجديد للقيادة الجديدة للمجلس، وإن كان عنوانها “الحكامة” و”التقشف”، فإن بعض الأسئلة تبقى عالقة في هذا المجال: * هل تستطيع القيادة الجديدة نشر ميزانية تدبير المنتدى العالمي لحقوق الإنسان في نسخته الثانية بمراكش، كما وعد المجلس إبانها بنشرها بشكل مفصل على موقعه الاليكتروني؟ * هل تستطيع القيادة الجديدة نشر ميزانية تدبير منتديات التحضير للكوب 22 ، كما وعد المجلس بذلك؟ * هل تستطيع القيادة الجديدة نشر الميزانيات التي صرفت على عشرات التقارير التي لم ترى النور (تقرير العاملات الزراعيات، تقرير الأشخاص المسنين، تقرير الحقوق الاجتماعية للعمال …) والتي كان الغرض منها فقط “تبيض” تعويضات لبعض الأفراد والأعضاء؟ * هل تستطيع القيادة الجديدة ضبط حضيرة السيارات، التي عوض وضعها رهن إشارة الموظفين والأعضاء لزيارة السجون وإنجاز المهام، يتم استعمال السيارات الخاصة، لأن سيارات المجلس موضوع رهن إشارة زوجات بعض الرؤساء؟ * هل تستطيع القيادة الجديدة ضبط مقرات المجلس التي تحولت بعض مكاتبها إلى مقر لشركات خاصة لأفراد ومقرات لجمعيات لا علاقة لها بعمل المجلس؟ مرة أخرى هذه مجرد أسئلة أولوية، وسيتم طرح أسئلة أخرى ذات الصلة أكثر تدقيقا وأكثر خرقا لقواعد الشفافية والحكامة. بالعودة إلى موضوع عمل المجلس الوطني لحقوق الإنسان، إن كل المؤشرات توحي أن الناس فقدوا الثقة في مؤسسة كانت بمثابة أمل في الدفاع عن حقوقهم وحرياتهم، وأنها محاميها أمام الدولة، فتأكدوا أنها لا تقل عن كونها مؤسسة ريعية ومحامية الدولة، بل وإنها ناطقة رسمية باسم أجهزة الدولة، وآلية لتصريف المواقف وبعض الإجراءات التي تستحي الدولة الإعلان عنها فتدفع بها كذا “المؤسسة” للتعبير عنها.