«الموتى لا يموتون»، هو عنوان الفيلم الأخير للمخرج الأمريكي «جيم جارموش»، وهو يدخل في دائرة الأفلام التي تعمل على تخييل الرعب، ذاك الذي يتمحور حول الزومبي. الفيلم من بطولة سيلينا جوميز، أوستن بتلر، وآدم درايفر. انطلق مهرجان “كان” السينمائي من النهاية، هكذا علق الصحافي الفرنسي “طوماس سوتينيل” فيما كتبته في جريدة “لوموند”. إذ اختار القائمون على هذا المهرجان أن تفتتح أشغال دورته الثانية والسبعين، التي انطلقت الثلاثاء الماضي، بهذا الفيلم الذي يعود، مرة أخرى، إلى تيمة الزومبي ليسرد حكاية مرعبة، لكن كوميدية في الآن ذاته، تجري في بلدة أمريكية. تدور أحداث الفيلم في بلدة “سينترفيل” الهادئة، التي يتغير حالها ذات يوم، حيث يجد سكانها أنفسهم مهددين، بعد هجوم الموتى الأحياء عليهم. ووسط هذه الفوضى، يحاول كل من السائق بيل موراي، وعمدة المدينة آدم درايفر البقاء على قيد الحياة. لكن قبل ذلك، كان السكان قد بدؤوا يلاحظون قلقا شديدا على الحيوانات الأليفة كالقطط والأبقار والكلاب، قبل أن يخرج ميتان ذات مساء من قبريهما ويهاجمان المقهى الوحيد في البلدة لإشباع نهمهما من اللحم البشري. أول من سيكتشف الفظاعة التي يرتكبها هؤلاء الموتى الأحياء هو أحد رواد هذا المقهى الممثل داني غلوفر، حيث عثر هذا المتعود على قهوة الصباح في المقهى المذكور على جثتي صاحبة المقهى ومنظفته غارقتين في الدماء، وكانت آثار نهش جسديهما بادية عليهما، ما أصابه بالذعر. لم يكن أمام هذا الشاهد سوى خيار واحد هو إبلاغ الشرطة، التي حضر قائدها كليف روبرتسون، وهو الممثل الأمريكي بيل موراي، على جناح السرعة قبل أن يلتحق به مساعداه، لتبدأ الأسئلة حول من وراء هذه الجريمة المرعبة في التناسل. اعتبر الجميع أن جريمة من هذا النوع لا يمكن أن تنفذ إلا من قبل أحد الحيوانات المفترسة، دون أن يتمكن أي أحد من أبناء البلدة بما في ذلك رجال الشرطة تحديد نوعيتها، وإن كان شرطي، وهو الممثل آدم درايفر، قد تكهن بإمكانية وجود ما يعرف ب”الزومبي” أو الأموات الأحياء الذين يأكلون لحم البشر. ولم ينتظر قائد الشرطة كليف روبرتسون وفريقه طويلا لمعرفة من يقف وراء الجريمة، خاصة مع انتشار أحداث أخرى من النوع عينه وسط البلدة، أدت إلى قتل عدد من السكان بطريقة حيوانية، إلى أن تفاجأ يوما وهو في مكتبه بقيام جثة امرأة، كانت بداخل مركز الشرطة، بمهاجمته، ولم يكن أمامه إلا إطلاق النار عليها وتحديدا على مستوى الرأس للقضاء عليها. ويوم بعد آخر، تكاثر عدد الضحايا إلى أن تحولت المنطقة إلى بلدة أموات أحياء، حيث خرج الموتى من قبورهم، والتحق بهم الضحايا الجدد الذين نهشوا لحومهم، يطاردون أي شكل من أشكال الحياة الآدمية. ولم يعد في البلد إلا رجال الشرطة الثلاثة، لكنهم لم ينتظروا طويلا ليلقوا المصير عينه. وينتمي هذا الفيلم إلى أفلام الرعب، لكنه يميل إلى الكوميديا التي تتضمن رموزا كثيرة، منها ما يتعلق بعالمنا المعاصر وما آل إليه موضوع التغيرات المناخية، وما يمكن أن يحدث لكوكب الأرض نتيجة لذلك من مخاطر، ومنها ما يعبر عن رؤية مخرجه العبثية العدمية التي تتبدى في خلق مشاهد غير معتادة وتحكيم الاندماج والواقعية عن طريق الحوار الغريب، مع تعليقات كثيرة تتردد على ألسنة الشخصيات المختلفة تشير إلى ولع جارموش بأفلام معينة مثل “حرب النجوم” و”سايكو” وأفلام الرعب أو ما يعرف تحديدا بأفلام “الزومبي”، ويصل الفيلم في ثلثه الأخير إلى السريالية، كما يعكس، أيضا، سخرية جارموش من العلاقة بين صانع الأفلام والأفلام، وبين المخرج والممثلين وبين الممثلين بعضهم البعض. غير أن النقاد يؤاخذون على الفيلم، برغم طرافة فكرته، ضعف الحوار وهبوط الإيقاع نتيجة كثرة الانتقالات وتعدد الشخصيات وتكرار المواقف، بل وتكرار عبارات الحوار، إلخ. كما لم يتمكن سيناريو الفيلم من نقل الموضوع خطوة إلى الأمام مع تكرار عبارة عن القصة ستنتهي نهاية سيئة على لسان روني. ولكن عندما يسأله رئيسه كليف كيف عرف ذلك؟ يجيبه أنه عرف من السيناريو، وأنه قرأ النسخة الكاملة التي أطلعه عليها جيم جارموش، أي المخرج، وهو حوار عبثي بالطبع يتمادى فيه الفيلم عندما يقع ما يجعل روني يندهش، فيسأله كليف “ألم يكن هذا في السيناريو؟” فيجيب بالنفي.