أثارت مذكرة لوزير التربية الوطنية سعيد أمزازي، تقضي بمنع الأنشطة داخل الجامعات، جدلا وسط الأساتذة والطلبة، خاصة أن الوزير بررها تارة بتجنب “العنف“، وتارة بكون هذه الأنشطة تزرع أفكارا تزيغ عن الاختلاف وقيم الديموقراطية“. المذكرة موجهة إلى رؤساء الجامعات، وتحثهم على “عدم الترخيص لأي جهة خارجية“، باستعمال مرافق الجامعة أو المؤسسات التابعة لها من أجل تنظيم تظاهرات كيفما كان نوعها. وحتى بالنسبة للتظاهرات “العلمية“ المنظمة من طرف المؤسسات التابعة للجامعة، فقد طلب أمزازي أخذ رأي رؤساء الجامعات وموافقتهم “المسبقة“ قبل الشروع في تنظيمها، ودعاهم للسهر “بحزم“ على تطبيق هذه المذكرة. وعلمت “أخبار اليوم“، أن أطرافا داخل الحكومة أبدت امتعاضها من هذه المذكرة، خاصة أنه لم يسبق اتخاذ قرار بمنع الأنشطة التي يشارك فيها مؤطرون من خارج الجامعة، حتى في السنوات التي عاشت فيها الجامعة حالات عنف وقتل. وجاءت هذه المذكرة بعد منع عدة جامعات لأنشطة مؤخرا، فقد تم منع ندوة حول إصلاح التعليم في جامعة ابن زهر، نهاية الشهر الماضي، بمشاركة عدة أساتذة منهم عبد الصمد بلكبير، وأمينة ماء العينين، وسعيد بنيس، نظمتها منظمة التجديد الطلابي، كما تم منع استعمال قاعة في كلية علوم التربية لعقد ندوة أخرى حول التعليم نهاية الأسبوع الماضي، من تنظيم مجلس مقاطعة حسان، في إطار مهرجان “ربيع أكدال“، قبل أن يتم نقلها في آخر لحظة للمعهد الوطني للبريد والمواصلات بالرباط. كما تأتي المذكرة بعد حادث منع طلبة يساريين لمحاضرة يؤطرها أحمد الريسوني، رئيس الاتحاد العالمي لحقوق الإنسان في كلية في تطوان، نهاية الشهر الماضي حول “الاختيارات المغربية في التدين والتمذهب“، ضمن نشاط نظمه طلبة منظمة التجديد الطلابي. وأيضا بعد تدخل طلبة أمازيغيين لاستهداف محاضرة لأحمد ويحمان، “رئيس المرصد المغربي لمناهضة التطبيع“، في كلية في بني ملال وتهديده بالقتل. وخلفت مذكرة أمزازي انتقادات حادة في صفوف الطلبة والأساتذة، لكونها تضيق بشكل غير مسبوق على الأنشطة في الجامعة، ما دفع وزارة التربية لإصدار “بيان توضيحي“، بررت فيه موقفها بأن “هناك من يسعى منذ مدة إلى استغلال هذه الحرية من أجل التشويش على الفضاء الجامعي من خلال زرع أفكار تزيغ عن مبدأ الاختلاف وقيم الديموقراطية التي طالما كانت الجامعة خير مدافع عنها، مما يتسبب في إثارة زوابع إعلامية وفي حدوث مشاداة ومواجهات بين الطلبة“، وأكدت الوزارة أنها “لن تسمح باستغلال سماحة الطلبة وإدارات المؤسسات لممارسة العنف أو مناهضة التعدد الثقافي والفكري، باعتبار الجامعة قلعة فكر ومنار علم ومنبرا لحرية الرأي، وذلك في احترام تام للقوانين والتشريعات المعمول بها“. واعتبرت أن المذكرة تسعى بالأساس إلى “الدفاع عن الحرم الجامعي وعن دور الباحثين والطلبة داخله“. وينتظر أن يعرف هذا الموضوع تفاعلات سياسية داخل البرلمان.