برنامج نضالي تصعيدي يخوضه سكان الحي العسكري بمراكش، فبعد تظاهرة السبت 2 فبراير الجاري، نظموا وقفتين احتجاجيتين أخريين بالحي نفسه، الأولى عصر أول أمس الأحد، والثانية صباح أمس الاثنين، رفضا لعودة الحديث عن إخلائهم من منازلهم وترحيلهم إلى حي “العزوزية”، وللمطالبة بالاستفادة من الدور السكنية التي يقطنون فيها، منذ أكثر من أربعين سنة، بالحي المعروف لدى المراكشيين ب”بينلقشالي”، وإداريا بحي “يوسف بن تاشفين”. الوقفة الاحتجاجية الأخيرة، التي دعت إليها تنسيقية جمعيات ووداديات حي “بينلقشالي”، قدّر المنظمون عدد المشاركين فيها من متقاعدي القوات المسلحة الملكية، وقدماء مجاهدي جيش التحرير، وأرامل ويتامى الجنود الذين استشهدوا في المعارك ضد “البوليساريو” بالصحراء المغربية، بين 800 و1000 متظاهرة ومتظاهر. وقد رفع المحتجون شعارات من قبيل: “في بلادي ظلموني.. ومن السكن حرموني”، “في الحروب خدمتونا.. وللسّيدجي بعْتونا”، “الملك راضي علينا.. والمسؤولين كذبوا علينا”، “آش هاذ المهزلة.. ضاع حق الأرملة”، “إيلا بغيتوني ما نهضر.. فعّل معايا المحضر”، “جاري ملّكتو ليه.. وأنايا نكحاز لهيه”، “السنوات مشات وجات والحالة هي هي.. وحْنا هما الضحية”… وتطالب تنسيقية جمعيات ووداديات حي “بينلقشالي”، الممتد على حوالي أربعين هكتارا بمقاطعة “جليز”، بتفعيل مقتضيات المذكرة رقم 2642، التي كانت إدارة الدفاع الوطني وجّهتها، بتاريخ 14 شتنبر من 2002، إلى الملك محمد السادس من أجل إبداء وجهة نظره في تفويت السكنيات العسكرية بمختلف الأحياء العسكرية بالمغرب، والتي أشرّ عليها القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية بتوقيعه، وكتب ملاحظة بخط يده باللغة الفرنسية تقول: “أنا كنت دائما مع تخفيض أثمنة تفويت السكن”، وهي المذكرة التي يعتبرها سكان الحي العسكري بمراكش موافقة من أعلى سلطة في البلاد على تفويت منازل الحي لقاطنيها، بل إنهم يرفعون دائما في تظاهراتهم لافتات تطالب المسؤولين بتفعيل المذكرة تنفيذا للتعليمات الملكية. كما تطالب بتنفيذ بنود المحضر الموقع، بتاريخ 26 فبراير من 2011، من طرف والي مراكش الأسبق، محمد امهيدية، والقائد المنتدب السابق لحاميتها العسكرية، محمد وادي، وهو المحضر الذي وافق على مقترح ساكنة الحي المتعلق بإعادة الهيكلة، وعدم الترحيل، مع بحث كل الحلول الأخرى التي تراعي مصالحهم، منهيا احتجاجات سكان الحي نفسه، التي اندلعت يومي 25 و26 فبراير من السنة ذاتها، وتزامنت وقتها مع حراك 20 فبراير، وتحولت إلى مواجهات عنيفة مع القوات العمومية، أسفرت عن توقيف مجموعة من المتظاهرين. المتظاهرون يطالبون، أيضا، بالمساواة والإنصاف وعدم التمييز بين الجنود من سكان الحي، فقد سبق أن استفاد الضباط من الدور السكنية التي كانوا يقطنون بها، بين الثمانينيات والتسعينيات، وقد تراوح سعر التفويت بين 30 و51 درهما للمتر المربع الواحد، وهي الفيلات التي تحول معظمها حاليا إلى مشاريع عقارية واستثمارية راقية. ويعلل المحتجون مبرّرات استفادتهم من منازلهم، بأن المسؤولين ضيّعوا عليهم العديد من الفرص لامتلاك سكن خاص بهم في المدينة، موضحين بأن بداية الثمانينيات شهدت صدور قرار فرض عليهم القيام بإجراءات إدخال عدادات الماء والكهرباء، وربط هذه المنازل بشبكة التطهير السائل، وهي الإجراءات التي كلفت 15 ألف درهم لكل وحدة سكنية، في الوقت الذي كانت فيه أسعار البقع الأرضية بالتجزئات التابعة للشركة الجهوية للتجهيز والبناء “ليراك” (مؤسسة العمران حاليا)، لا تتجاوز، وقتئذ، 7000 درهم بأحياء “المسيرة” و”آزلي”. كما يقولون إنه تم حرمانهم من امتلاك بقع أرضية، إما عبر طلبات للولاية أو البلدية أو “ليراك”، بذريعة أن أي تفويت مفترض للحي العسكري ستُعطى الأولوية فيه لمن لا يتوفر على عقار بالمدينة، واضطر العديد منهم إلى وقف مسطرة اقتناء شقق أو بقع أرضية بمدن أخرى من وكالة المساكن والتجهيزات العسكرية وانتظار تفويت حي “بينلقشالي” بمراكش، لعدم إمكانية الاستفادة لمرتين من الوكالة نفسها.