يستعد الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي، “الكنوبس”، لاتخاذ قرار برفع الاشتراكات بالنسبة إلى المستفيدين من خدماته، الذين يتجاوز عددهم 3 ملايين شخص، وذلك لحل مشكلة الأزمة المالية الحادة التي تهدد توازنات الصندوق وتندر بتوقف خدماته. ولجأت الحكومة مؤخرا إلى تغيير وضعية الصندوق القانونية ليصبح مؤسسة عمومية، حتى يتسنى لها ترؤس مجلسه الإداري واتخاذ القرارات اللازمة لإصلاحه. تفاصيل الأزمة المالية الخانقة وخطة الإنقاذ، كشف عنه عبدالعزيز عدنان، مدير الصندوق، أمام لجنة القطاعات الاجتماعية، بمجلس النواب الاسبوع الماضي. موارد الصندوق أصبحت أقل من نفقاته، وبلغت الاشتراكات في الصندوق سنة 2018، ما مجموعه 4,94 مليار درهم، مقابل نفقات وصلت إلى 5,09 مليار درهم. وبلغت مصاريف الصندوق لفائدة المصابين بأمراض طويلة الأمد والمزمنة 2,5 مليار درهم في حدود دجنبر 2018، وهو ما يشكل 49 في المائة من نفقات الصندوق، وعدد هؤلاء وصل إلى أزيد من 180 ألفا، مقارنة مع حوالي55 ألفا سنة 2006، كانت نفقاتهم لا تتعدى حينها حوالي 800 مليون درهم. وكشف عدنان أن الصندوق فقد مبلغ 1,7 مليار درهم بسبب سياسة المغادرة الطوعية للموظفين، في عهد حكومة إدريس جطو، دون احتساب التقاعد النسبي. ولكن مؤشرات أخرى ساهمت في تدهور حال الصندوق، فقد انتقل معدل تغطية النشيطين لأصحاب المعاشات من 3,81 سنة 2006، إلى 1,82 سنة 2017، نتيجة محدودية التوظيف وشيخوخة الساكنة المغربية. كما سجل الصندوق ضغطا ماليا إضافيا للسنة الثانية على التوالي بقيمة 40 مليون درهم سنة 2017، بسبب استقبال مستخدمي المكتب الوطني للسكك الحديدية، الذي يعرف ارتفاع اصحاب المعاشات المصابين بأمراض مزمنة ومكلفة. وعموما، فإن تحولات ديموغرافية عامة كان لها دور، أيضا، في هذا التدهور، وتتمثل في انتقال المؤشر الديموغرافي من 12 نشيطا لكل متقاعد سنة 1986، إلى 2,32 سنة 2016. ويُرتقب أن يصل هذا المؤشر إلى 1,74 سنة 2024 بسبب استقرار التوظيفات على مستوى الإدارة المغربية. كما تحسن أمد الحياة، الذي ارتفع لأكثر من 30 سنة في ظرف ما يقارب نصف قرن، منتقلا من 42,9 سنة 1955 إلى 76,1 سنة 2017. وبالمقابل، فإنه على المستوى الوبائي ارتفعت نسبة الإصابة بالامراض المزمنة غير المعدية. وحسب إحصائيات 2017 يقول مدير “الكنوبس”، إن نسبة21 في المائة من سكان المغرب، مصابة بأمراض معدية. الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي “الكنوبس”، هو اتحاد لثمانية تعاضديات، يُوفِّر التأمين لأكثر من 3 ملايين موظف، يضاف إليهم التأمين الإجباري للطلبة وعددهم 288 ألفا، وتأمين ضحايا ماضي انتهاكات حقوق الإنسان، وعددهم 19 ألفا، ومستخدمو المكتب الوطني للسكك الحديدية، 45 ألف شخص. وبعد تغيير الوضع القانوني للصندوق بمرسوم قانون، ليصبح مؤسسة عمومية، ينتظر أن يتخذ أولى قراراته برفع قيمة الاشتراكات فيه، والتي لم تُراجع منذ 2005. حاليا، تبلغ نسبة الاشتراكات في الصندوق 5 في المائة من الأجر تتم مناصفة بين الموظف 2,5 والدولة 2,5، مع تحديد سقف لا يتعدى 400 درهم مهما بلغت أجرة الموظف، وهي وضعية يعتبرها عدنان غير طبيعية، علما أن المجلس الإداري للكنوبس سبق أن أوصى برفع الاشتراكات وحذف السقف. وبالمقارنة مع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، فإن نسبة الاشتراك محددة في 6,37 في المائة من الأجر وبدون سقف. عدنان أبلغ البرلمانيين أنه لا مناص من رفع نسبة الاشتراكات وحذف السقف لضمان ديمومة الصندوق، وهو القرار الذي ينتظر اتخاذه في المجلس الإداري للصندوق ويرتقب أن تصدره الحكومة بمرسوم.