لازالت علاقة الصداقة التي تجمع بين المملكة وبعض قدماء السياسيين المتقاعدين الإسبان، الذين تقلدوا مناصب رفيعة في بلدهم، تثير الكثير من الجدل في الجارة الشمالية، بَيْن مَن يَتَهمهم باستغلال هذه العلاقة للتدخل لدى الحاكمين في المملكة لتسهيل عملية استفادة شركات إسبانية بعينها من صفقات إنجاز مشاريع في المغرب على حساب شركات منافسة إسبانية أو أجنبية، وبين من يرى أن المغرب يستعين بخدمات هؤلاء السياسيين للدفاع عن قضاياه المشروعة مثل قضية الصحراء المغربية. هكذا، وبعد انتقاد البعض العلاقة التي تجمع رئيس الحكومة الإسبانية سابقا، فيليبي غونثاليز، وخوسي رودريغيز ثاباتيرو، والرئيس السابق لإقليم كتالونيا، جوردي يويول، وبعدهم، وزير خارجية خوصي أثنار إبان أزمة جزيرة ليليى، بالمغرب؛ جاء الدور اليوم، على الاشتراكي ميغيل آنخيل موراتينوس، وزير الخارجية في حكومة ثباتير (2004-2010)، “المتهم” بلعب دور “لوبي” إحدى أكبر الشركات الإسبانية للفوز بصفقة مغرية بالمغرب. ميغيل آنخيل موراتينوس، الذي حظي رفقة ابنه البكر، باستقبال ملكي أثناء استقبالهما، لمدة 45 دقيقة، في جو عائلي، في قصر مرشان بطنجة بمناسبة عيد العرش الأخير، يجد نفسه اليوم، في قلب زوبعة العمل في الظل من أجل تمكين “إيناغاز”، الشركة الإسبانية الرائدة دوليا في مجال البنية التحتية للغاز الطبيعي، والشركة الإسبانية “إلكنور”، المتخصصة في الهندسة والبناء، باعتباره مستشارا استراتيجيا لهما، من صفقة عقد بناء أنبوب للغاز في المغرب، وفق معطيات حصلت عليها صحيفة “الكونفيدينثيال”، والتي أشارت إلى أن العقد مرتبط بمدى نجاح شركة Sound Energy في استخراج الغاز من منطقة تندرارة شرق المملكة. المصدر بيّن أنه “في يونيو الماضي، حصلت Enagás و Elecnor على عقد لبناء خط أنابيب الغاز في المغرب. هذه الخطوة الصغيرة والمهمة للشركات الإسبانية المدرجة تستفيد في الظل من عمل ميغيل أنجيل موراتينوس، الذي يقدم الاستشارات الاستشارية الاستراتيجية للمجموعة”. وأوضحت أن بعض السياسيين الاشتراكيين الإسبان يقننون نشاطاتهم الخاصة عبر مراكز الاستشارات، حيث يتم استغلال خبرتهم الدبلوماسية الطويلة من قبل شركات متعددة الجنسيات إسبانية وأجنبية للفوز بصفقات في أسواق جديدة. المصدر نقل، عن مصادر مطلعة على حيثيات الصفقة، أن “تدخل موراتينوس كان حاسما في الحصول على الضوء الأخضر من وزير الطاقة والمعادن بالمغرب، وبالتالي فرضه (العرض الإسباني) على مجموعات مقاولاتية فرنسية). وبخصوص تفاصيل هذا العقد الذي يبقى رهينا بنجاح الحفر واستخراج الغاز بتندرارة، لم يتم الكشف عن الكثير منها، باستثناء أن الشركتين ستقومان ببناء وصيانة خلال 15 عاما خط أنابيب طوله 20 بوصة على طول 120 كيلومترًا من تندرارة إلى عين بني مطير، حيث سيرتبط بخط أنابيب الغاز المغاربي الأوروبي، القادم من الجزائر. كما أبرز المصدر ذاته أن نجاح الشركتين Enagás و Elecnor من التوغل في المغرب على يد موراتينوس، قد يؤدي إلى تنافس مجموعتين إسبانيتين على مشروع الغاز في المغرب، طارحا إمكانية أن تلجأ Enagás إلى منافسة الشركة العالمية الإسبانية “Naturgy”، والتي تعتبر منذ سنوات مساهماً قيادياً، إلى جانب شركة البترول والغاز البرتغالية Galp والمملكة المغربية في عقد خط الأنبوب المغاربي الأوروبي الذي يمر عبر الأراضي المغربية، وهو العقد التي تنتهي صلاحيته في عام 2021. وخوفا من دخول شركة ” Enagás” على خط الفوز بصفقة الأنبوب المغاربي الأوروبي، يضطر فرانسيسكو رينس، المدير التنفيذي لNaturgy لزيارة المملكة والتفاوض مع الجهات المختص، بعد زيارته إلى مصر والجزائر، حيث قامت شركة الطاقة الإسبانية بتجديد حقوق الإنتاج والتسويق التي لديها في كلا البلدين. لهذا يخلص المصدر إلى أنه “رغم أن الأمر يتعلق ببنيات تحتية مختلفة، إلا أن الدخول الناجح ل Enagás إلى الأراضي المغربية على يد موراتينوس، يوحي بأن الشركة تطمح إلى التنافس على امتياز خط الأنابيب الأوروبي المغاربي الذي يمر عبر المغرب، رغم حقيقة أن بقية حقوق خط الأنابيب من الجزائر لاتزال تملكها .