في سابقة من نوعها، أمرت النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية بطنجة بتنفيذ حكم الإفراغ عن طريق القوة العمومية، ضد أسرة تستغل رياضا مملوكا لورثة فرنسيين، قبل صدور قرار قضائي في النزاع العقاري الرائج أمام المحكمة نفسها، بين شبكة متخصصة في الاستيلاء على عقارات الغير باستعمال وثائق مزورة، وبين عائلة طنجاوية معروفة على الصعيد المحلي. وفوجئت السيدة فاطمة حمادي وزوجها، بعد زوال يوم الخميس الماضي، بإنزال أمني في محيط منزلها الكائن في طريق المنار بمدارة مدشر «النونويش»، حيث جرى إخبارهما شفهيا بأن هناك تعليمات من نائب وكيل الملك قصد تنفيذ حكم الإفراغ ضدهما، وقبل أن تبدي المرأة اعتراضها على القرار لأنه لا يستند إلى أي أساس قانوني، حسب قولها، شرع رجال الأمن في رمي أفرشة بيتها وممتلكاتها ومختلف أغراضها إلى الخارج، فأغمي عليها في عين المكان، ونقلت إلى المستشفى الجهوي محمد الخامس. وأضافت مصادر مقربة من العائلة، في تصريح ل«اليوم24»، أنه بعد ذيوع نبأ اقتحام الشرطة منزل المنفذ ضدها، هرع إلى عين المكان أشقاؤها وأقرباؤها الذين دخلوا في احتكاكات وتجاذبات شفوية مع رجال الأمن، ما أدى إلى تصفيد أيدي اثنين من أشقائها واعتقالهما مدة تسع ساعات في ولاية أمن طنجة، حيث أخلي سبيلهما في منتصف الليل دون تحرير أي محضر رسمي عن إجراء اعتقالهما طيلة المدة المذكورة. واستغربت المصادر نفسها تنفيذ قرار الإفراغ قبيل أيام قليلة من العطلة القضائية، ما يعني «جرجرة» المتظلمين أمام المحاكم خلال شهر غشت دون فائدة، حيث يتعين عليهم انتظار شهر كامل للتعرض على ما يصفونها بعملية «طرد قسري» من منازلهم، لصالح مافيا متخصصة في السطو على عقارات ذات قيمة، «بتواطؤ مع جهات نافذة في التزوير والتدليس». ويتعلق الأمر برياض تتعدى مساحته 3 آلاف متر، يتضمن بناية سكنية ومطعما وحانة وأرضا عارية، تعود ملكيته لورثة أحد الفرنسيين كان يقيم في مدينة طنجة في العقار نفسه، رفقة زوجته وأبنائه إلى أن توفي سنة 1994، وعندما كان على قيد الحياة وهب سدس أملاكه من الرياض نفسه لابنة أسرة مغربية كان أفرادها يعيشون معه ويسهرون على خدمته، حيث جرى توثيق عملية الهبة لدى المصالح الإدارية للقنصلية الفرنسية بطنجة. ومنذ أواسط تسعينات القرن الماضي، بعد هجرة أبناء المواطن الفرنسي إلى باريس واستقرارهم الدائم هناك، ظلت السيدة المسماة فاطمة حمادي مكلفة بالعقار المذكور، وأحدثت سجلا تجاريا لاستغلال المطعم والحانة، وسجلت الرسم العقاري في المحافظة العقارية، قبل أن تفاجأ في أحد أيام سنة 2007 بشخص يطرق بابها يدعى «حمادي زغدود»، يزعم أنه يتوفر على وكالة من طرف أحد أبناء المالك الأصلي، يطالب بنصيبه من الإرث. وحسب مصادر مقربة من السيدة القاطنة في الرياض، فإنها رحبت بهذا المقترح بشرط أن تحضر الوارثة بنفسها شخصيا لتسلم نصيبها من التركة، إلا أن المدعي ظل يتردد عليها كل وقت وحين ويهددها بإفراغها من العقار باعتبارها محتلة له بشكل غير قانوني، ثم رفع لاحقا دعوى لدى المحكمة التجارية يتنازع مع صاحبة العقار على أصل تجاري تشغل فيه مقهى وحانة، حيث انتهت الدعوى بعد سنوات من التقاضي لصالحه، وطردت منه بالقوة سنة 2016. ومع ذلك، لم تشبع الأطماع العقارية لهذا الشخص، وقدم دعوى أخرى لدى المحكمة الابتدائية مستعينا بوثائق تحوم حولها شبهة التزوير، إذ في الوقت الذي لايزال فيه ملف القضية رائجا أمام المحكمة، فوجئت المدعى عليها بإصدار أمر قضائي بإفراغها بالقوة من محل سكناها والعقار الذي تشغله، وذلك بطريقة تعسفية دون سند قانوني، بعدما كانت تمني النفس بإنصافها وحمايتها من مافيا العقار التي تتربص بالرياض، الذي يقع في موقع استراتيجي قرب شاطئ «المريسات».