لا يتوقف الزميل يونس مجاهد عن لعب أدوار سيئة في ملف الصحافي توفيق بوعشرين، حيث اختار الوقوف على المسافة نفسها مع مهندسي هذا الملف الذين يجاهدون لإخفاء حقيقتين ساطعتين، وهما أن بوعشرين معتقل بشكل تحكمي، لاقانوني، وأن العديد من النساء المستنطقات في هذا الملف نزعن قناع «الضحية ومغتصبها» الذي أريد لهن أن يلبسنه، فأدينت إحداهن، بشكل غير مسبوق في تاريخ القضاء المغربي، بالسجن النافذ، وجُرجرت الأخريات إلى المحكمة بالقوة العمومية لمجرد أنهن صرخن: بوعشرين لم يعتد علينا ولن نشهد زورا ضده مهما كلفنا الأمر. آخر «جهاد» قام به الزميل مجاهد، في هذا الصدد، هو جره رئيس الاتحاد الدولي للصحافيين (FIJ)، فيليب لوروث، إلى صياغة رسالة-فضيحة للتضامن مع بعض النساء المستنطقات، وصفتهن الرسالة بالزميلات العزيزات، رغم أن أغلبهن لسن صحافيات. الرسالة الفضيحة التي هندسها مجاهد، من إعداد اللقاء بمسؤولي الFIJ وترجمة مزاعم النساء المستنطقات، ومعهن عضوة بالمكتب التنفيذي للنقابة لا يسعفها لسانها بأكثر من ترديد «بونجور»، هي رسالة كتبت على مقاس موقف تيار سياسي داخل النقابة، لم يُخفِ يوما حنقه على الصحافيين المستقلين، وهو التيار الذي انخرط منذ اعتقال بوعشرين في حملة متحاملة للتشهير به، بل كان يسابق الشرطة والنيابة العامة لاستجماع كل ما من شأنه إدانته. أول مأزق أوقع فيه يونس مجاهد صديقه فيليب لوروث، هو أنه جعله يردد، حرفيا، ما سبق أن قاله الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، نجيم بنسامي، عن أن محيط توفيق بوعشرين مارس ضغوطا على النساء المستنطقات للتراجع عن تصريحاتهن. ولست أدري نوع المخدر الذي دسه مجاهد في كأس فيليب لوروث حتى جعله يلهج بلسان النيابة العامة، وهي خصم لزميله الصحافي توفيق بوعشرين. ولم ينتبه السيد لوروث إلى أن بوعشرين يمكنه أن يتابعه جنائيا، وليس مدنيا، على الاتهامات الخطيرة التي وجهها إليه، والتي، إلى جانب كونها لا تشرف الFIJ، فلا دليل للسيد فيليب لوروث عليها. ولو استطاع السيد بنسامي، قبل لوروث، إثبات أن بوعشرين ومحيطه يضغطون على النساء المستنطقات، لفعل بدل الاكتفاء بإطلاق الكلام في الإعلام. لو كان يونس مجاهد يملك قليلا من الموضوعية وبعض المروءة، لأخبر فيليب لوروث –أساسا- بحالة عفاف برناني التي ذهبت إلى محكمة النقض للاشتكاء من ضابط في الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، فأدينت بستة أشهر حبسا نافذا، بمبرر أن ما نشرته الصحافة تسبب في إهانة للضابط، والحال أن عفاف برناني لم تقدم أي تصريح لوسائل الإعلام التي نشرت الخبر، فكيف أهانت الشابة عفاف هذا الضابط؟ لقد اقتادت الشرطة القضائية عفاف برناني، في الساعة الأولى من صباح يوم الاثنين 11 مارس 2018، إلى مكتب الوكيل العام الذي باشر بحثا قضائيا معها بنفسه، مع العلم أن الوكيل العام لا يباشر الأبحاث بنفسه إلا في الجنايات، طبقا لمقتضيات المادة 49 من المسطرة الجنائية، ولا اختصاص له لمباشرة الأبحاث بنفسه في الجنح، وإنما له فقط أن يوجه تعليماته بشأنها إلى وكيل الملك المختص. إن جر رئيس الاتحاد الدولي للصحافيين إلى إصدار حكم إدانة ضد صحافي، والتضامن مع عينة منتقاة من المستنطقات لا علاقة لأغلبهن بالصحافة، يؤكد ما ذهبنا إليه في مقال سابق من أن النقابة تحولت إلى نيابة. وللحقيقة، فهذه ليست المرة الأولى التي تفعلها فيها؛ ففي الوقت الذي برأت فيه ثلاث محاكم الإسبانية –محاكم وليست نقابات- الصحافي إغناسيو سمبريرو من تهمة الإرهاب، معتبرة نشره شريطا منسوبا لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي عملا صحافيا، أصدرت النقابة الوطنية للصحافة المغربية، وكان يرأسها يونس مجاهد، بيانا يحمل من الإدانة قدر ما يحمل من التضامن مع الصحافي علي أنوزلا الذي توبع في حال اعتقال بالتهمة نفسها التي بُرئ منها سمبريرو، حيث قال البيان الملتبس: «النقابة تعتبر أن حرية الصحافة لا بد أن تمارس في إطار احترام أخلاقيات المهنة، والامتناع عن نشر أو بث أي مواد تتضمن تحريضا على العنف والإرهاب والقتل»! انحياز يونس مجاهد ضد التوجهات الديمقراطية والمستقلة في الصحافة، ومحاولة جر الFIJ إلى ذلك، فاق الحدود المغربية. ففي 2009 حضر مؤتمر نقابة الصحافيين التونسيين، الذي انقلب فيه صحافيو الديكتاتور بنعلي على النقابة الشّرعية للصّحافيين التونسيّين، وقد نوهت إحدى جرائد النظام المخلوع برئيس النقابة المغربية، واصفة إياه ب«أمير الأطلس». في المقابل، اعتبر الصحافيون الديمقراطيون، الشرعيون، حضوره تزكية للانقلاب، كما رفضوا أن يتكلم باسم الاتحاد الدّولي للصّحافيين. أنا متأكد أن السيد فيليب لوروث جُر إلى هذا المستنقع بالثقة العمياء، وأيضا لعدم معرفته بوجود لجنة تتقصى الحقيقة في ملف الصحافي توفيق بوعشرين، مكونة من شخصيات ذات مصداقية حقوقية وأكاديمية عالمية، وأخرى من مختلف الطيف الحقوقي والسياسي المغربي، وهؤلاء لا يمكن أن يقامروا برصيدهم لدعم شخص إذا تبين أنه مغتصب ومتاجر في البشر.