سابقة مثيرة، كلفت كتابة الدولة المكلفة بالتكوين المهني، مكتب دراسات ( C –E)، ظل يحظى بشكل حصري بصفقات الوزارة منذ أكثر من عشر سنوات بمهام افتحاص والترخيص لمؤسسات التكوين المهني الخاص، في الوقت الذي تشير الوثائق والمعطيات التي حصلت عليها "أخبار اليوم" أنه تم الاستغناء عن خدماته إلى جانب ثلاثة مكاتب دراسات استشارية أخرى متخصصة في الافتحاص، ليتضح أنه مستمر في مهام رسمية على الرغم من أنه فشل في الحصول على صفقة المساعدة التقنية المخصصة لإنجاز عمليات الافتحاص وتأهيل شعب التكوين واعتماد مؤسسات، وهو طلب العروض الذي بلغت الاعتمادات المالية المخصصة له 264 مليون سنتيم، وتم فتح أظرفته من طرف الوزارة يوم الخميس 17 ماي 2018. وحسب مصادرنا، فإن مؤسسات التكوين المهني الخاص، تفاجأت بالمندوبيات الجهوية التابعة للوزارة، تخبرها بالجدول الزمني لعمليات التدقيق والافتحاص المخصصة لطلبات الاعتماد، والتي سيشرف عليها مكتب الاستشارات المذكور أعلاه، رغم أنه لم يحصل على صفقة الوزارة. كتابة الدولة المكلفة بالتكوين المهني، كشفت في وثيقة رسمية تتوفر عليها الجريدة، أن صفقتها لم تسر على أي من مكاتب الدراسات الأربعة، التي تقدمت بطلبات عروضها بما فيها مكتب الدراسات ( C –E)، الذي تفاجأت مؤسسات التكوين المهني الخاص بأنه لازال يمارس مهامه، على الرغم من الإعلان عن طلبات عروض جديدة للافتحاص وانتهاء مهامه قانونيا، وهو طلب العروض الذي لم يتم الاحتفاظ به بأي متنافس في المرحلة الأولى لفحص العروض التقنية والإدارية. وعلمت الجريدة، أن مكاتب الدراسات التي شاركت في صفقة الوزارة، طالبت الوزارة في رسائل احتجاج بعثت بها إلى مصلحة المحاسبة والصفقات بتقديم توضيحات والكشف عن الحيثيات القانونية والأسباب التي جعلتها تتراجع عن قبول طلبات أي عرض، ضمن المناقصة التي أعلنت عنها تحت رقم: 08/2018، وكشفت عن نتائجها النهائية يوم 25 ماي الماضي، وما هي الدواعي التي جعلتها تستمر في تكليف مكتب الدراسات الاستشارية أعلاه بمهام التدقيق والافتحاص ومنح الاعتمادات. وحاولت الجريدة استقصاء رأي الوزارة حول الأسباب التي دفعتها إلى تجميد صفقة الافتحاص وتكليف مكتب دراسات انتهت مدة انتدابه، إلا أننا لم نتوصل بأي جواب يذكر. وحسب مصادر الجريدة، فإن الوزارة ملزمة بالكشف عن الحيثيات التي بنت عليها قرارها بعد تفحصها العروض التقنية للمتنافسين، وخصوصا بعد فحص وثائق الملف الإداري والملف التقني، وهي العملية التي تمت في جلسة مغلقة. مصادرنا التي فضلت عدم الكشف عن هويتها قالت إن الوزارة، وبعد مرور حوالي 24 يوما، لم تكلف نفسها عناء الإفصاح عن الأسباب الحقيقية التي أدت بلجنة المتنافسين إلى اتخاذ قرار بإقصاء العروض التقنية التي تقدمت بها مكاتب الدراسات، والتي اعتبرتها الوزارة بأنها غير مطابقة للمواصفات المطلوبة في نظام الاستشارة أو غير المستجيبة للمقاييس المحددة فيه، على الرغم من أنه يجوز للجنة طلب العروض قبل اتخاذ قرارها أن تطلب كتابة من متنافس أو أكثر تقديم توضيحات حول العروض التقنية، أو استشارة كل خبير أو تقني أو تشكيل لجنة فرعية لتحليل العروض التقنية، وهو الأمر الذي لم تؤكده مصادر الجريدة، على الرغم من أن قانون الصفقات العمومية يلزمها بتقييم العروض التقنية. وحسب قرار لوزير التشغيل والتكوين المهني والتنمية الاجتماعية والتضامن رقم 73.02 صادر في (16 يناير 2002)، المتعلق باعتماد مؤسسات التكوين المهني الخاص، تنظم السلطة الحكومية المكلفة بالتكوين المهني بصفة دورية، افتحاصات ميدانية لمؤسسات التكوين المهني الخاص، وذلك من أجل التأكد من احترامها للالتزامات التي مُنح الاعتماد على أساسها. وهو الافتحاص الذي يكون أساسيا في لجنة الامتحان التي يلزم أن تتكون من أربعة أشخاص على الأقل، يتم تعيينها بمقرر من طرف السلطة الحكومية المكلفة بالتكوين المهني وباقتراح من مدير المؤسسة المعنية، إذ يتكون نصفها من المهنيين من خارج المؤسسة ويتكون النصف الآخر من مكونين، ويعتبر ممثل السلطة الحكومية المكلفة بالتكوين المهني أو الشخص المعين من قبلها لهذا الغرض عضوا بلجنة الامتحان بحكم القانون، وهي التمثيلية التي منحت لمكتب الدراسات الذي تم الاستغناء عن خدماته وإقصائه من صفقة الافتحاص التي أجرتها وزارة أمزازي نهاية ماي الماضي. وحسب آخر تقرير للمجلس الأعلى للحسابات برسم سنة 2015، فإن كتابة الدولة المكلفة بالتكوين المهني، تقر بأن الإشراف على عملية الاعتماد، بما في ذلك تمثيل الإدارة في لجن الامتحانات، يتطلب موارد بشرية كبيرة، ونظرا إلى عدم توفر هذه الموارد، فقد لجأت إلى تعيين خبراء، بالإضافة إلى الإداريين، لتمثيلها في لجن الامتحانات التي تقوم بعمل مهم ويستحق الدعم. ووعدت في التقرير، أنه سيتم إجراء تقييم شامل من قبل قطاع التكوين المهني لإعادة تأطير عمل هذه الهيئات واستخلاص الدروس لتضمينها في مشروع تعديل القانون 13.00، كما هو مبرمج في الاستراتيجية الوطنية للتكوين المهني 2021، وفي المخطط التنفيذي المتعدد السنوات الذي تمت المصادقة عليه من طرف لجنة القيادة لتتبع تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للتكوين المهني 2021، والذي يتطلع إلى إعادة النظر في تشكيلة ومهام وطرق عمل أجهزة التنسيق والتشاور على الصعيدين الجهوي والقطاعي، واقتراح كل إجراء يهدف إلى إنعاش التكوين المهني الخاص وتحسين جودة خدماته، وفي مقدمتها مراجعة مساطر التأهيل والاعتماد، وكذا تنظيم الامتحانات والاعتراف بالدبلومات المسلمة من طرف مؤسسات التكوين المهني الخاص، من خلال إرساء نظام جديد لاعتماد المؤسسات يستهدف الرفع من جودة التكوين وتبسيط المساطر. وتشير معطيات تقرير جطو أن عدم إنجاز الدراسة الأولية لطلبات الترخيص بفتح مؤسسات التكوين المهني الخاص، حسب ما تنص عليه مقتضيات المادة 4 من القانون رقم 13.00، يفرض على "الإدارة أن تعتمد وهي تريد منح الاعتمادات الجديدة، على خريطة للتكوين يتم إعدادها سنويا، تحدد حاجات المنطقة من المقاعد البيداغوجية المخصصة للتكوين المهني العمومي والخاص، لضمان توازن مستمر بين العرض والطلب، من جهة، وحاجات سوق الشغل، من جهة أخرى".