بعد أقل من 24 ساعة من إصدار وزارة الداخلية بلاغا يلوح بالخيار الأمني لفض الاحتجاجات، التي تأججت في المدينة، تحولت جرادة، بعد ظهر اليوم الأربعاء، إلى أرض مواجهات بين قوات الأمن، والمتظاهرين، المعتصمين في محيط آبار الفحم الحجري، المعروفة باسم "الساندريات". ووثق نشطاء، بالبث المباشر، المواجهات، التي شهدتها منطقة "فيلاج يوسف"، قبل قليل، بين قوات الأمن، والمتظاهرين، فيما يخوض العشرات من المحتجين في جرادة اعتصامات داخل آبار الفحم الحجري، المنتشرة في المنطقة. ومنذ الساعات الأولى من صباح اليوم الأربعاء، تعيش جرادة ،المدينة المنجمية على صفيح ساخن، بعد استجابة عدد من سكانها لنداء نشطاء "الحراك"، للرد على تلويح الحكومة بالتصعيد، واللجوء إلى المقاربة الأمنية لوقف الاحتجاجات، المشتعلة منذ أزيد من ثلاثة أشهر. ووجهت السلطات، مساء أمس الثلاثاء، تحذيرا إلى المتظاهرين في جرادة، معلنة أنها مستعدة "للتعامل بكل حزم مع التصرفات، والسلوكيات غير المسؤولة". وأضافت الداخلية، في بيانها، أنها "انطلاقا من صلاحياتها القانونية، تؤكد على أحقيتها في إعمال القانون من خلال منع التظاهر غير القانوني في الشارع العام، والتعامل بكل حزم مع التصرفات، والسلوكيات غير المسؤولة". واندلعت حركة الاحتجاجات في جرادة إثر وفاة شقيقين داخل بئر للفحم الحجري، في حادث، تلته وفاة شخصين آخرين في ظروف مشابهة، ما دفع المحتجين إلى الخروج في تظاهرات سلمية، تطالب ب"بدائل اقتصادية" لهذه المدينة، المنكوبة، منذ اقفلت فيها مناجم الفحم في عام 1998. ولا يزال السكان يتظاهرون حتى اليوم، رافعين أعلاما مغربية للتنديد ب"التخلي" عن مدينتهم، والمطالبة ب"بديل اقتصادي" عن "مناجم الموت" غير القانونية، التي يجازف فيها مئات العمال بحياتهم. كما تصاعد التوتر، منذ نهاية الأسبوع الماضي، بعد أن اعتقلت السلطات ثلاثة شبان من قيادات "الحراك"، ما تسبب في اضراب عام، ومسيرة احتجاجية، وتظاهرات كبرى للمطالبة باطلاق سراحهم، على الرغم من تأكيد السلطات أن التوقيفات غير مرتبطة بالحركة الاحتجاجية، وإنما "بحادث سير"، واعتداء على الأملاك العامة، والتسبب بأضرار مادية.