"لا تقف أبدا موقف المتفرج من الظلم أو الغباء.. القبر سيوفر متسع من الوقت للصمت" الكاتب البريطاني / الأمريكي كريستوفر هيتشنز الحدث الذي لازال يثير اهتمام الصحافة الوطنية والدولية هو اعتقال الصحافي والصديق توفيق بوعشرين، الذي يتابع باتهامات جنائية خطيرة، في الوقت الذي سجل العديدون تخوفات جدية من فرضية استهداف توفيق بوعشرين الصحافي، عن طريق قوانين لا علاقة لها بمدونة الصحافة والنشر، أغربها قانون الاتجار بالبشر!! ما يعزز هذا الاحتمال هو انخراط بعض الصحف والمواقع الإلكترونية، التي أصبحت متخصصة في التشهير وتشويه الشخصيات السياسية والأقلام الصحافية المعروفة بمواقفها السياسية الجريئة، فحتى قبل رفع السرية عن محاضر الفرقة الوطنية نشطت الكثير من القصاصات في تحطيم قاعدة "البراءة هي الأصل"، وأصدرت أحكامها الجاهزة ضد توفيق بوعشرين، بل إن خيال البعض لم يتردد في تصوير يومية "أخبار اليوم" وكأنها مجرد غطاء لممارسة الدعارة والقِوادة، وهو ما لا يمكن استساغته بالعقل والمنطق بالنسبة إلى جريدة عرفت بخطها التحريري المعروف بالدفاع عن التحول الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان ومكافحة الفساد وترسيخ قواعد الحكامة الجيدة، ويتعزَّز هذا التخوف بانخراط الإعلام العمومي في عملية التشهير هذه، ما كرس الانطباع بأن الأمر يتجاوز المتابعات القضائية العادية، إلى استهداف مباشر لصحافي معروف بمواقفه المعتدلة والنقدية تجاه الممارسات السلبية للسلطة. ما يمكن ملاحظته بشكل سريع، حسب المعطيات التي كشف عنها دفاع الصحافي بوعشرين، هو أن طريقة اعتقال الصحافي بوعشرين لم تستند في حدود المعطيات المعلنة، على أي مبرر معقول، بل إن طريقة تطويق واقتحام جريدة "أخبار اليوم" بواسطة أزيد من 35 رجل أمن وتفتيش مقر الجريدة بدون التوفر على إذن قضائي، لا تعطي الانطباع بأننا أمام عملية عادية.. ما يثير الانتباه والملاحظة هو توقيت وضع الشكايات وتزامنها، ونوعية التصريحات الصحافية الصادرة عن بعض الصحافيين والصحافيات العاملين بالجريدة أو الذين كانوا يعملون بها، والتي تقدم روايات مخالفة للمشتكيتين، وهي روايات جديرة بالمتابعة والتحليل، بالموازاة مع بعض التصريحات المتناقضة لعدد من المشتكيات أو المصرحات اللواتي جرى استدعاؤهن من طرف الفرقة الوطنية قصد الاستماع إليهن.. ما يثير الانتباه أيضا، هو أن الصحافي بوعشرين لم يعترف في جميع المراحل بالمنسوب إليه، بل إن دفاعه كشف عن معطيات حاسمة تتعلق بعدم وجود أي فيديوهات يمكن الاستناد عليها كأدلة لإثبات التهم الموجهة لبوعشرين… طبعا، من المعروف في قواعد المحاكمة العادلة، هو أن الأدلة التي يجري انتزاعها بطريقة غير مشروعة، لا قيمة لها في نظر القضاء، ولا يمكن الاستناد إليها لمتابعة أي شخص.. ما يثير الانتباه هو التوجه الذي سلكته النيابة العامة بعدم إحالة قضية تحمل اتهامات جنائية كبيرة وخطيرة على قضاء التحقيق، الذي له الإمكانيات القانونية لفك تعقيدات ورموز هذه القضية!!! كل هذه المعطيات تجعلنا أمام فرضية "نظرية المؤامرة" التي تستهدف أحد الأقلام الحرة والمزعجة، وهو ما يبعث بإشارات مقلقة على نوعية الأسلوب المقترح اعتماده لمحاصرة حرية التعبير في المغرب… نحن أمام امتحان استقلالية السلطة القضائية المعول عليها اليوم، لتجاوز مختلف الانتهاكات المُحتملة التي يجري رصدها في هذا الملف منذ البداية، مع التأكيد أيضا على أن ضرورة يقظة المجتمع المدني والجمعيات الحقوقية التي كانت دائما حاضرة في تاريخ المحاكمات السياسية أو ذات الطبيعة السياسية في المغرب . فرّج الله كربتك صديقي العزيز..