كشفت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، أن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، يعمل للسيطرة على شبكة "إم بي سي"، بعدما اعتقل مؤسسها وصاحبها وليد الإبراهيم، مع أمراء ورجال أعمال ووزراء سابقين في فندق "الريتز كارلتون" قبل شهرين. وأشارت الصحيفة إلى أن بن سلمان يخطط للاستحواذ على أكبر شركة تلفزيونية في الشرق الأوسط، ولذلك فإن مسؤولين سعوديين طلبوا من الإبراهيم التخلي عن حصصه مقابل الإفراج عنه. وتُعد "إم بي سي" إحدى أكبر الشركات في العالم العربي، وتسيطر على نسبة 50% من سوق الإعلام في المملكة، ويشاهدها حوالي 140 مليون في المنطقة. وكان الإبراهيم قد أسسها في العام 1991 في لندن، وتُقدر قيمتها بالمليارات. ونقلت الصحيفة عن أشخاص مطلعين – لم تذكر اسمهم -، أن المفاوضات جارية مع الإبراهيم للتخلي عن "إم بي سي"، وأنه لا يزال موجوداً في ريتز كارلتون، بانتظار استكمال السلطات والمستشارين الدوليين لتفاصيل التسوية، وقال أحد المصادر للصحيفة إن "الإبراهيم ينتظر حزم حقائبه". اهتمام قديم لبن سلمان بالشبكة وبيّن تقرير الصحيفة البريطانية، نقلاً عن بعض مستشاري الحكومة، إلى أن التأخير في التسوية ربما جاء؛ لأن الحكومة تريد التأكد من صيغة التسوية، بشكل لا يسمح للمعتقلين التقدم للقضاء ضد الحكومة بعد إفراجها عنهم. ومن العروض التي تلقاها الإبراهيم خلال التفاوض، استمراره في إدارة القناة، بعدما يستحوذ عليها بن سلمان أو أجهزة الدولة السعودية، وعندها سيتعامل مع مجلس يشمل مسؤولين يتعاملون مع ملاكها الجدد. ويبدو بحسب ما ذكره مراسل صحيفة "فايننشال تايمز" أن لدى بن سلمان حلماً قديماً بالاستحواذ على "إم بي سي"، حيث نقل المراسل عن كثير من المطلعين قولهم، إن الأمير محمد لطالما أبدى اهتمامه في الشبكة التلفزيونية، وأنه تفاوض مع الإبراهيم قبل عامين بشأنها، إلا أن الإبراهيم رفض تقييماً قدمه ممثلو الأمير عن الشبكة، وهو ما بين 2 إلى 2 ونصف مليار دولار، في حين كان الإبراهيم يرى قيمتها تتراوح بين 3 إلى 3 ونصف مليار دولار، لا سيما أنها تجذب الكثير من الإعلانات. لماذا يريد بن سلمان إم بي سي؟ وسردت الصحيفة تفاصيل عن الأيام القليلة التي سبقت اعتقال الإبراهيم في العاصمة السعودية الرياض، وقالت إنه "سافر بطائرته الخاصة عندما دعاه أحد مستشاري الأمير محمد للقاء في الرياض، معتقدًا أنه سيستكمل عقد الملكية، وعندما ألغي الاجتماع وحاول العودة إلى دبي، حيث المقر الرئيسي للقناة، قال له المسؤولون في مطار الرياض إن طائرته تعطلت، وإن هناك رحلات تجارية متوافرة إلى دبي". وأضافت الصحيفة: "انتشر اسمه في الليلة ذاتها على وسائل التواصل الاجتماعي بأنه واحد من المعتقلين في قضية محكافحة الفساد، وفي صباح اليوم التالي تم تأكيد لقاء الإبراهيم مع الأمير، وبدلاً من مناقشة عقد نقل الملكية، فإنه اعتُقل". ونقلت "فايننشال تايمز" عن شخص قالت إنه أحد المراقبين للشأن السعودي، أن بن سلمان يريد "إم بي سي" كي يتأكد من تغطية جيدة لخططه التي يعدها للمملكة، "حيث إنه عندما كان قبل أعوام بحاجة إلى دعم شعبي، فإنه كان مستعداً لشرائها، أما الآن وقد أصبح في السلطة فيمكنه السيطرة عليها". مخاوف لدى موظفي الشبكة وكان الإبراهيم قد أدى دور الحاجز لسنوات بين القناة والتدخلات السعودية، خاصة أن شقيقته تزوجت الملك فهد، ويُعتقد أن ابن أخته الأمير عبد العزيز بن فهد يملك حصة فيها أيضاً، وأشارت "فايننشال تايمز" إلى أن الشركة أُنشئت بناء على قروض من الدولة، حيث كان الأمير عبد العزيز بن فهد واحداً من الذين اعتقلوا في حملة مكافحة الفساد. وبحسب تقرير الصحيفة فإن بن سلمان لن يكون الأول الذي يسيطر على قناة تلفزيونية خاصة، "فقبل ثلاثة أيام سيطرت الرياض على قناة العربية، التي كانت جزءاً من إم بي سي؛ لتكون صوتُاً لها ولتمرير رسالة الدولة"، ويضيف التقرير إلى أنه يتم استخدام "العربية" بشكل شرس لمواجهة قناة "الجزيرة" القطرية. وتطرق التقرير إلى خشية العاملين في شبكة "إم بي سي"، ونقل عن صدر قوله: "هذا الخوف سيقتل الشعلة التي أدت إلى ازدهار (إم بي سي) ولسنوات طويلة". وفيما قد يقبل الإبراهيم بالصفقة مع الحكومة، فإن معتقلين آخرين لا يزالون رافضين للدخول في صفقات والتنازل عن ممتلكاتهم، وفي هذه الحالة فإن السلطات تودعهم في السجون تمهيداً لمحاكمتهم، ومن أبرزهم رجل الأعمال السعودي الشهير الوليد بن طلال.