محاكمة كبار الجهاديين المجندين للشباب المغاربة بعد الربيع العربي، من أجل تعزيز صفوف مختلف الجماعات الجهادية في سورياوالعراق ومالي، تكشف معلومات خطيرة عن تحرك بعض هؤلاء في شمال المملكة قبل اعتقالهم، وكيف كانوا يعملون على إلحاق شباب متطرفين بمدارس قرآنية في المملكة قبل إرسالهم إلى تركيا، كما أن خطورة تنفيذهم اعتداءات إرهابية في المملكة كانت قائمة ومرتفعة، هذا ما كشفته صحيفة "الإسبانيول" الإسبانية ومصادر أخرى، بالتزامن من انطلاق محاكمة أكبر مجند للجهاديين المغاربة في السنوات الأخيرة، الإسباني رفائيل مايا مايا، والذي أطلق على نفسه اسم مصطفى مايا مايا بعد اعتناقه الإسلام، لكن يعرف في أوساط الجهاديين المغاربة ب"أبو سفيان"، وهو مقعد (يستعمل كرسيا متحركا) ومتزوج من مغربية. مصطفى مايا مايا، زعيم واحدة من الشبكات الإرهابية في شمال المملكة والجنوب الإسباني التي تم تفكيكها سنة 2014،اعترف، يوم أول أمس الاثنين، خلال جلسة محاكمته بالمحكمة الوطنية بمدريد، أنه ساعد "الكثير من الجهاديين" في تعزيز صفوف الجماعات الجهادية في سوريا وليبيا ومالي، مبرزة أنه أرسل بعض الجهاديين المغاربة والإسبان إلى "داعش" و"القاعدة" وجبهة النصرة. الزعيم المقعد، الذي تطلب النيابة العامة بالحكم عليه ب14 سجنا نافذا، باعتباره "المحرك الرئيس للشبكة"، كشف أن الشباب المستقطب غير المتمكن من المعارف الدينية يقوم باستقدامهم إلى مليلية والبحث لهم عن عمل، وبالموازاة يدرسون القرآن في المدارس القرآنية بالداخل المغربي قبل إرسالهم إلى مناطق النزاع، في هذا يعترف قائلا: "كنت أقترح على الناس (الشباب) الذين ليس لديهم علم جيد بالقرآن القدوم إلى مليلية، والبحث عن عمل، والالتحاق بمدرسة قرآنية في المغرب من أجل دراسة القرآن، وعندما يتعلمون ما تيسر منه أرسلهم إلى مكان آخر"، مؤكدا أن الهدف الرئيس من إرسالهم هو القيام بالجهاد. وتمكن مصطفى مايا مايا من تجنيد أكثر من 200 مقاتل أجنبي لصالح التنظيمين الإرهابيين المعروفين "القاعدة وداعش"، سواء في منطقة الساحل أو في العراقوسوريا، أغلبهم ينحدرون من المغرب وفرنسا، وبدرجة أقل من تونسوتركيا وبلجيكا، فيما كانت وجهتهم سورياوالعراق وليبيا ومالي، حسب صحيفة "إلباييس" ومصادر أخرى. وكان مايا يقيم في منطقة العروي بالناظور رفقة زوجته المغربية قبل أن يهرب إلى مليلية سنة 2012 بعد محاولة الأمن المغربي توقيفه، حيث استمر في متابعة نشاطاته التجنيدية إلى أن تم اعتقاله وتفكيك جزء من الخلية الدولية التي كان يتزعمها في عملية أمنية بين الأجهزة الأمنية المغربية ونظيرتها الإسبانية في مارس 2014. في نفس السياق، كان أفراد الخلية التي كان يقودها مصطفى مايا مايا على استعداد لتنفيذ اعتداءات إرهابية خطيرة في المغرب وإسبانيا. صحيفة "الإسبانيول" كشفت أن أحد المحققين الذي شارك في تفكيك الخلية، أكد أن "خطر تنفيذ الخلية لاعتداء إرهابي بالمغرب وإسبانيا كان مرتفعا"، نظرا إلى الاجتماعات التي كان يعقدها مايا مع هؤلاء الشباب في بيته، حيث كان يستقبلهم قبل السفر. وكان مايا يستقدم المتطرفين الشباب إلى المغرب قبل إرسالهم إلى سوريا في إطار ما سماه "الهجرة قبل الهجرة".