كان الكثيرون ولا زالو عندما لا يتمكن من الفوز بمقعده الانتخابي ؛ يعلنون اعتزالهم الحياة السياسية ؛ فالسياسة عندهم دائما وابدا هي مواقع يتبوؤونها ومكانة يحوزونها حين جلوسهم على كراسيهم الوثيرة ؛ اما ان يعلن رجل اسمه عبد العزيز افتاتي اعتزال الحياة الانتخابية وليس الحياة السياسية ؛ فهو درس ويا له من درس . درس اولى ابجدياته ؛ ان الفعل السياسي هو مرابطة في مواقع النضال ؛ ثبات على الموقف واعلان لها ؛ وذلك حين يصوم عن الكلام الصائمون ويبرر المبررون ويتزلف المتزلفون ؛ ؛ انها السياسة بروح المبدأ والنضال ؛ سياسة هي معانقة لهموم شعب وامة ؛ وانخراط في معاركها الحقيقية ؛ كيفما كان الموقع الذي يناضل منه المرء . لقد ناضل عبد العزيز افتاتي خارج قبة البرلمان كما ناضل داخلها ؛ فكان مقعده البرلماني ليس هو وحده الجالس عليه ؛ بل الجالس عليه هم المغاربة كلهم ؛ اليس النائب البرلماني هو نائب عن الامة ؟! ؛ فكان نائب عن ضمائرها ؛ نائبا عن همومها ؛ نائبا عن آلامها ؛ نائبا عن آمالها ؛ نائبا عن تطلعاتها واحلامها كذلك . احلام وهموم وآلام وآمال؛ ستبقى ساكنة بين جوانح وجوارح الرجل وهو يعلن انه يعتزل العمل الانتخابي ؛ لكنه في المقابل يعلن انه لم ولن يعتزل العمل السياسي ؛ عمل انتخابي كان للبعض ممن احترفه؛ عمل من اجل الاسترزاق ؛ عمل من اجل الدفاع عن مصالح فئات محددة ولوبيات معينة ؛ ممن جعلوا عمل بعض البرلمانيبن اشبه بعمل جماعات الضغط التي تدافع عن مصالح اصحاب النفوذ واصحاب المصالح ؛ الذين لا يتوانون في مراكمة الثروة والسلطة ضدا عن تطلعات شعب وامة بكاملهما. شعب وامة كانوا تواقين ولازالو ؛ الى ان يكون من يمثلهم داخل قبة البرلمان ؛ صوتهم وضميرهم ؛ لكن الحقيقة اليوم تكذب بعضا من هؤلاء الجالسين على المقاعد الوثيرة لبرلماننا الموقر ؛ الا يقول المناطقة ؛ ان فاقد الشيء لا يعطيه ؛ فكيف نطلب من هؤلاء ان يكونوا ضمير امة وشعب ؛ وبعضهم اشترى تزكية حزبه قبل ان يشتري تزكية الناخبين ؛ كيف نطلب من هؤلاء ان يكونوا ضمير شغب وامة ؛ وبعضهم او الكثير منهم ؛ البرلمان بالنسبة اليهم وجاهة وحلم فردي فقط ؛ تلبس حتى ببعض مناضلي الاحزاب ؛ حلم ما ان يتحقق حتى يكون هو المنتهى ؛ لا وسيلة لتحقيق حلم شعب في الكرامة والحرية والعدل . اسمح لي ايها الرجل الواقف بكبرياء دائما ؛ ان اقول لك ؛ لقد اديت الامانة احسن الاداء ؛ واليوم تعلن استكمال المسيرة والمسار . مسار كل الشرفاء الذين بصموا تاريخ هذا الشعب المناضل الابي ؛ مسار سياسيين شرفاء من مختلف التوجهات والاتجاهات ؛ شرفاء كانوا ضمير هذه الامة صوتها روحها وكبرياءها ممن آمنوا بان السياسة هي قول الحقيقة في البدء والمنتهى .