يقال أن الحقيقة عادة ما تخرج من أفواه السكارى والمجانين والحمقى . هؤلاء السابحين في اللامعقول، يظهرون في كثير من الحالات أفضل ممن يحسبون أنفسهم أسوياء . في الجزائر مطربة تلقب ب" الجنية " كان لها سابقا مكانتها في الساحة الفنية. وهي من نفس جيل وطينة الزهوانية والريميتي . كانت ذات مرة تحيي حفلا في إحدى الحانات . شربت حتى الثمالة وخاطبت جموع السكارى قائلة : " كلشي فايت اشمايت " . من ينظر في حال البلد الجار الذي يصر على انتخاب رئيس على شفا حفرة من القبر ،ويعيش شعبه في فقر وحرمان ولا يرى للبترول أثر سيدرك قيمة ما قالته الجنية . في حكاية المرأة الحمقاء للأديب الالماني بيرتولت بريخت تحافظ الزوجة الفاقدة " لعقلها" على شيء ثمين ولا يقدر بثمن في زماننا وهو الإخلاص والحب لزوجها رغم انها تسببت له في مأساة بضياع أملاكه ومنزله ...فرطت في كل شيء إلا الحب ... محمد شكري مفكر وروائي عصامي . أحب قول الحقيقة كما هي دون مساحيق ولا مرهمات لغوية ،فأبدع الخبز الحافي الذي تجاوزت شهرته الافاق.سيرة محمد شكري ارتبطت كثيرا بالحانات .إذا شرب شكري يبدع . و إذا لم يشرب فهو شخص اخر في أواخر الحقبة المعروفة بسنوات الرصاص وأثناء مباراة لكرة القدم ببركان نهض أحمق من بين الجمهور وراح يتلفظ بكلام عنيف في حق الملك الراحل الحسن الثاني. الجمهور حبس أنفاسه خوفا ورجال الشرطة اللذين ارتعدت فرائصهم أجبروا الأحمق على مغادرة المكان معمر القذافي أشهر مجنون وأحمق عرفته السياسة الدولية المعاصرة .تارة يظهر ثائرا وتارة ملكا للملوك وتارة أخرى يلبس جبة المثقف العبقري. القذافي حكم الملايين من العقلاء بل وكان ينال الإعجاب حتى خارج بلده . فم القذافي لا فرامل له . يقول ما يدور في خلده أو ما يشعر به دون أن يضرب حسابا لعواقب كلامه . كما نقول بالدارجة" فمو خانز" .لذلك كان بعض الحكام العرب يتحاشونه ويخشونه بشدة لأنه قد" يبهدلهم " على مرأى ومسمع من العالم كله وهو ما فعله مرة للملك عبد الله عاهل السعودية. بوتفليقة وحده من كان يفهم القذافي حيث أجابه في إحدى القمم العربية بعدما أمطره بأفكاره الثورية : سيدي العقيد أنا متفق معك . وسأفعل ما تقوله ، لكن فقط لو لم أكن رئيسا للجمهورية . من الطرائف التي تحكى عن القذافي انه في إحدى زياراته لأحد البلدان الإفريقية المجاورة لليبيا ، وبعدما استقبلته الجماهير بحفاوة وترحاب راح يخطب في الحشود الواقفة أمامه: " أنتم أيها السود بالأمس فقط كنتم مستعمرين من طرف فرنسا ، واليوم تتكلمون الفرنسية . يجب عليكم التكلم بالعربية ... الكاتب المسرحي الشهير يوجين يونيسكو كتب مسرحية ساخرة سماها الخرتيت . في هذه المسرحية نعيد اكتشاف ذواتنا وكيف تحولنا إلى حمقى ومجانين .وكيف صرنا خراتيت لا تنظروا بسخرية إلى الحمقى ولا تشفقوا على السكارى فكلنا حمقى بدرجات ومخدرون دون أن ندري