لقد رحل الزعيم المكافح نيلسون مانديلا من أرض النفاق إلى دار الحق بعد سنوات طوال من المقاومة المبدئية لسياسة الميز العنصري بجنوب إفريقيا، فبعد 27 سنة وراء قضبان السجن تحقق حلمه في انعتاق شعبه من قبضة العبودية إلى رحاب الحرية. وهذا الحلم راوده منذ انطلاق الشرارة الأولى لثورة المستضعفين إلى أن كسب الرهان، وبما أننا بصدد حلم الثوار وكذا الشعوب التواقة إلى غد أفضل، فلا بأس من التعريج على حلم "الديكتاتور" أليست له أحلام كذالك؟ المهم الله يخرجها على خير أو خلاص. وسنعود إلى نموذج من هذه الأحلام بعد الحديث عن حفل التأبين الضخم الذي أقيم بجوهانسبورغ تكريما لهد الرجل، حيث حضر أزيد من 90 رئيس دولة. وتخيلوا معي حضور الجنرال السيسي شخصيا مراسيم التأبين ولم يكتفي بالحضور بل طلب كلمة -تذكروا أننا في حلم فقط- المهم بعد أخد ورد مع المكلفين بالبروتوكول سمح ل "السيسي" بالكلام المباح، وبعد التحية وذكر مناقب الفقيد قال السيسي: "...إنني جد متأثر بفقدان زعيم الحرية الإفريقي مانديلا، الذي قاوم بطش العسكر. ولقد اعتبرته نموذجا لي منذ اشتغالي بالسياسة ببلدي مصر ثم سكت عن الكلام المباح.." وعند هذه اللحظة سكت الجنرال وجحظت عيناه وسط ذهول الحاضرين. ماذا حدث؟ إنه نيلسون مانديلا ينتفض من نعشه فيقوم واقفا، ثم يلتفت يمينا ويسارا بحثا عن صاحب الكلمة، وبابتسامة ظريفة قال: " ألا تخجل يداك لازالت ملطخة بدماء المصرين وسجونك تغص بالمعتقلين المطالبين بالحرية، طلبة، عمال، وفلاحين...أغرب عن وجهي قبح الله مسعاك إرحل..". بعد هذه المداخلة عاد الزعيم إلى نعشه، ثم تعالت أصوات الحاضرين، إرحل، إرحل...، لقد كان الوفد المصري جد محرج، حيث غادر الجنرال السيسي مطأطأ الرأس وسط وابل من الشتائم "السياسية" (مكان التأبين هذا فقط خيال سياسي). ولنعد إلى حلم السيسي بالفعل، والذي بثته قناة "الجزيرة" القطرية قبل أيام ضمن تسريبات خاصة بالجنرال الذي بالمناسبة كثرت تسريباته مع اقتراب الاستحقاقات، لقد شاهد حلما والعهدة على القناة ولم يذكر تاريخ الرؤية المهم كما نقل عنه، أنه شاهد في منامه:" الرئيس السادات ودار حوار بينهما، تنبأ فيه السيسي بأنه سيصبح رئيسا لمصر.. ورأى كذالك أنه يحمل سيفا مكتوب عليه باللون الأحمر لا إله إلا الله.." المهم الله يخرج "هذ الحلمة على خير"، فالرئاسة لم تحسم بعد. أما الرؤية السيف تحقق منها الكثير "الله يحد الباس". وفي نظري تفسير رؤيا الجنرال تحتمل وجهان؛ الأول حديث النفس كما قال ابن سيرين، والوجه الثاني وهذا أميل له، أضغاث أحلام فربما ملأ الجنرال "كرشه" بكمية كبيرة من الفول المدمس، أو أكلة المحشي بالعنب.. ثم نام وهكذا تسلط عليه شيطان السياسة فوسوس له بانقلاب مثلا. هذا حلم الجنرال فماذا عن حلم الشعب المصري المقموع؟ إن الجماهير المصرية الثائرة ستفسر للجنرال الحلم الحقيقي عما قريب إن شاء الله، ليستفيق على كابوس السجن. والآن قارنوا بين كلام الديكتاتور عندما طالب من المصرين منحه تفويض لذبح المعارضة، وخطاب المناضل مانديلا بعد تنصيبه رئيسا لجنوب إفريقيا في 10 ماي 1994، حيث قال:" أبدا، أبدا، أبدا لن تشهد هذه الأرض الجميلة قمع شخص لآخر.. فلتسد الحرية، وليبارك الرب إفريقيا..". ولكم أن تقارنوا بين الخطاب الدموي وخطاب الحكمة والتسامح.. شتان بين جنرال يريد كرسي الحكم ولو جاء على بحر من الدماء، وزاهد في الكرسي، فمنديلا حكم لولاية واحدة فقط ولو أراد الاستمرار لفوضه الشعب لكنه آثر مصلحة شعبه على شهوة الخلود فوق الكرسي كما قال العلامة الريسوني. وابا لمعطي أش ظهر ليك؟ "أنا ولدي كنقول اللي ركب دابا ينزل، أوليلعبت المعزى في قرون الجبال تخلصو في دار الدباغ.." عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.