يُدشن الملك محمد السادس اليوم، الأحد، زيارة للملكة العربية السعودية، هي الأولى بعد وفاة الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، واعتلاء أخيه سلمان بن عبد العزيز سدة الحكم بالمملكة في 23 يناير الماضي. فقد أفاد بلاغ لوزارة القصور الملكية والتشريفات والأوسمة أن الملك محمد السادس "سيقوم بزيارة عمل وأخوة إلى المملكة العربية السعودية الشقيقة يوم الأربعاء"، وسيلتقي بنظيره السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز وعددا من كبار المسؤولين السعوديين خلال هذه الزيارة التي من المنتظر أن تستغرق يوما واحدا. وحسب ما يدل عليه بلاغ وزارة القصور الملكية، فإن الزيارة الملكية للمملكة العربية السعودية تجمع بين طابعي "الأخوة" و"العمل"، وهذا يعني أن الزيارة فيها تجسيد وتأكيد على استمرار العلاقات الأخوية بين العائلتين الملكيتين المغربية والسعودية، الممتدة عبر التاريخ، بالإضافة إلى كونها زيارة عمل من المنتظر أن تركز على تمتين التعاون الأمني والاقتصادي بين المملكتين. وتأتي زيارة الملك محمد السادس للعربية السعودية، الأولى بعد اعتلاء سلمان بن عبد العزيز العرش، أياما قليلة بعد إعلان التحالف العربي وقف عمليته العسكرية "عاصفة الحزم"، التي شارك فيها المغرب، ضد مواقع مقاتلي جماعة الحوثي الشيعية والموالين للرئيس السابق علي عبد الله صالح في اليمن، دعما للشرعية المتمثلة في الرئيس اليمني المنتخب، عبد ربه منصور هادي، والتي قال المتحدث باسمها إنها حققت أهدافها. ويتوقع مراقبون من هذه الزيارة الملكية للسعودية في هذا التوقيت بالذات أن تجعل الملف "الأزمة في اليمن" من ضمن أهم الملفات التي ستوضع على طاولتي اللقاء بين العاهلين المغربي والسعودي، ضمن ملف أوسع هو الملف الأمني ومواجهة الخطر الإرهابي. المتابعون للشأن السياسي العربي يتوقعون أن يحضر الملف الليبي أيضا في لقاء لملك محمد السادس والعاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز، على اعتبار أن المغرب، احتضن جولتين من الحوار بين الفرقاء السياسيين الليبيين، وحقق تقدما وُصف بالكبير على بمدينة الصخيرات. من جانب آخر، يُتوقع أن يحظى التعاون الاقتصادي بين البلدين الشقيقين بجزء هام من زيارة الملك محمد السادس للمملكة العربية السعودية، خصوصا ما يتعلق بتدعيم الاستثمارات السعودية بالمغرب ودعم الاقتصاد الوطني وتبال الخبرات بين البلدين في مختلف المجالات الاقتصادية. ويرافق الملك محمد السادس وفد هام يضم إلى جانب الأمير مولاي رشيد، مستشارون ملكيون وأعضاء من حكومة عبد الإله بنكيران، مما يتوقع معه أن يتم التوقيع على اتفاقيات شراكة وتعاون جديدة بين البلدين في مجالات استشارتيجية. ويرى محللون سياسيون أن لقاء الملك محمد السادس مع نظيره السعودي تجسيد ل"الانسجام في المواقف" والتنسيق والتشاور المستمر، والذي ظهرت تجلياته في أكثر مناسبة، خصوصا تلك التي عبر فيها المغرب عن وقوفه "اللامشروط" مع المملكة العربية السعودية في "عاصفة الحزم" باليمن ووضع المقاتلات المغربية المتواجدة بالإمارات العربية المتحدة تحت تصرف السعودية خلال هذه العملية العسكرية. ثم إن السياسة الخارجية للبلدين تُوصف بكونها "متوازنة ومعتدلة" جعلت منهما فاعلين أساسيين في محيطهما الإقليمي والعربي والدولي، زيادة على اتصاف علاقتهما بطابع "الاستثناء" الذي ظهر جليا في الدعوة التي وجهتها دول مجلس التعاون الخليجي من العاصمة السعودية الرياض إلى المغرب، في قمة قادة دول مجلس التعاون الخليجي، من اجل الانضمام إلى المجلس وما تلا ذلك من لقاءات بهدف إقامة شراكة استراتيجية بين دول المجلس والمغرب. لذا يُتوقع أن تكون زيارة الملك محمد السادس للمملكة العربية السعودية مثمرة، رغم أنها لن تستغرق سوى يوم واحد فقط، على مختلف الأصعدة، وتزيد من متانة الروابط السياسية والاقتصادية بين البلدين.