"امتحانات غير مسبوقة"، "لحظة تاريخية"، "انتصار في تحدي النزاهة"، هي وغيرها عبارات استعملت من قبل المسؤولين القضائيين ونقباء هيئات المحامين الذين حضروا إلى عين متابعة الوصفة الجديدة التي يقترحها المصطفى الرميد، وزير العدل والحريات، للخروج بامتحانات الأهلية لولوج الامتحانات من دائرة الأحكام المسبقة، التي لطالما ارتبط النجاح فيها بالمحسوبية… " كنت مشرفا مراحل عديدة على هذه الامتحانات، وكنت أجد حرجا كبيرا في منع المحامين والنقباء وحتى القضاة من الدخول إلى قاعات ومدرجات الامتحانات، كانت الفوضى هي المنتصر الوحيد لدورات وأنا شاهد على ذلك" يعبر أحد نقباء هيئة المحامين، مضيفا أن ما وصلت إليه وزارة العدل والحريات غير مسبوق بإطلاق. وصفة الرميد: الوصفة التي اقترحها الرميد للخروج من واقع امتحانات المحامين وما كانت تعرفه من فوضى ومحسوبية تهدد المهنة، وتجعل المساواة بين أبناء المغاربة شبه مستحيلة، هو إخراج هذه الامتحانات من الاشراف الأحادي لهيئات المحامين، والتي كان حضور وزارة العدل والحريات فيها رمزيا، ثم إدخال عناصر جديدة في عملية الإشراف. عين الوزير أعضاء اللجنة المشرفة على الامتحان المذكور بمركز الدارالبيضاء، وهم بالإضافة وزير العدل والحريات، بصفته رئيسا، مدير الشؤون المدنية، والرؤساء الأولون والوكلاء العامون للملك بمحاكم الاستئناف بكل من الدارالبيضاءوالجديدة وسطات وبني ملال ، ورئيس المحكمة الإدارية بالدارالبيضاء، ونقباء هيئات المحامين بكل من الدارالبيضاء وسطات والجديدة، بصفتهم أعضاء، ووجهت دعوة إلى هيئة الشفافية والنزاهة، والهيئة الوطنية لحماية المال العام. ولم تخل الحراسة المباشرة للامتحانات من تدقيق، وتم تكوين اللجان المشرفة على حراسة قاعات ومدرجات الامتحانات بإشراف أسماء من مديرية الشؤون المدنية ومديرية الموارد البشرية، إضافة إلى أفراد من حراس إدارة السجون، وموظفي الوزارة بالمديريات الفرعية. التسريب… حقيقة أم إشاعة؟ بحسب ما عاينته "الرأي" فإن طريقة إدارة الإمتحان كانت خطرة ودقيقة، ولم تكن تحتمل الخطأ، إذ فرض وزير العدل والحريات عدم وضع اي أسئلة في مقر الوزارة بالرباط ، ولم يوضع سؤال كل مادة إلا لحظات قبل بداية الامتحان بشأنها، بدأت اللجنة اجتماعها المغلق على الساعة السابعة والنصف، وخرجت بسؤال مكتوب بيد وزير العدل والحريات، طول السؤال فرض اللجوء إلى آلة الطباعة التي تعطلت لدقائق قبل أن تعاود الاشتغال، بسبب العدد الكبير للممتحنين بالدارالبيضاء والذي يقارب 4 آلاف ممتحن في مركز الدارالبيضاء لوحده. أدى تأخر لدقائق إلى قيام فرد بأحد المدرجات بإشاعة تسريب الامتحان، وبعد اكتشاف الممتحنين لسؤال آخر غير ما ادعاه مثير الاشاعة، ربط بعضهم بين الاشاعة وكتابة السؤال باليد، وهو ما أكدت المعطيات تفنيده، إذ خرج السؤال من اللجنة المشرفة بخط يد وزير العدل والحريات، فتقدم الوزير لشرح ما وقع للممتحنين، الذين تفهموا الأمر. محامون وقضاة خارج مراكز الامتحانات أسرت مصادر عليمة ل"الرأي" أن مسؤولي وزارة العدل والحريات المشرفين على مراكز الامتحانات تلقوا تعليمات صارمة بمنع جميع القضاة والمحامين من ولوج هذه المراكز، مضيفا أن هذه التعليمات ادت إلى منع أحد النقباء السابقين بمركز وجدة، وبالرغم من استعانته بالهاتف واتصاله بالعديد من النقباء الذين أكدوا له أن الأمر محسوم من قبل وزير العدل والحريات. وفي جميع المراكز لم يلج المحامون والقضاة إلى قاعات ومدرجات الامتحانات بعد تسريب أخبار عن توجيهات صارمة لوزير العدل والحريات، تؤكد منع كل من لا يحمل شارة "بادج" من ولوج مراكز الامتحانات. صورة مع الوزير في نهاية الامتحانات سادت أجواء غير معهودة، فقد أصر الممتحنون على أخذ صور مع وزير العدل والحريات، بعد تأكيدهم على النزاهة غير المسبوقة، والتي جعلت جميع الممتحنين متساوين في الحظوظ. بالرغم من اليوم الاستثنائي قام الوزير بالوقوف إلى كل الذين طلبوا صورة مع الوزير، صورة لذكرى، وامتحان للذكرى وللتاريخ… أو هكذا عبر أحد الوكلاء العامين للملك.