"الرأي" من العيون تتميز المائدة الرمضانية في الصحراء بالبساطة التي تعكس طبيعة الحياة الصحراوية بكل تجلياتها لأنها تتشكل في الغالب الأعم من مواد وأطباق توافق هذه الطبيعة التي يغلب عليها الطقس الساحلي الصحراوي حيث الارتفاع الكبير في درجة الحرارة. فطبيعة الصحراء والإنسان الصحراوي والتضاريس والطقس كلها عوامل ومعطيات تجعل المائدة الرمضانية في الصحراء تطغى عليها السوائل بمختلف أشكالها والتي تتفنن المرأة الصحراوية في إعدادها من مواد وخلطات محلية لتقدم على مائدة الإفطار خلال هذا الشهر الفضي، باعتبارها تعوض الجسم عن كل ما فقده خلال يوم الصيام من سعرات حرارية وكذا لقيمتها الغذائية. ومن بين الأطباق الأساسية التي لا غنى للصحراويين عنها طيلة شهر رمضان ما يسمى بشراب "النشا" وهي عبارة عن شوربة محلية تتكون من نوعين نوع أحمر مُعد من دقيق الشعير ونوع أبيض معد من دقيق القمح المخلوط بالسكر والذي يتم طهيه على نار هادئة قبل أن تضاف إليه كمية من الزيت والحليب ليقدم عند وقت الإفطار، ويقوم هذا الشراب "النشا"، والذي يتكون من مادتي الشعير والذرة بإعطاء الجسم حيويته ويكسبه سعرات حرارية مهمة لاستئناف النشاط بعد يوم كامل من الصيام. وإلى جانب " النشا " يتناول الصحراويون في مائدتهم الرمضانية مادة سائلة أخرى هي " ْزريك" و هو عبارة عن خليط من " اللبن الرايب" والماء والسكر والذي يقدم كمادة أساسية لإفطار الصائم. كما لا تخلو مائدة الإفطار خلال هذا الشهر من مادة التمر، ويتم أثناء تناول وجبة الإفطار إعداد الشاي "أتاي" والذي يعتبر أساسيا وضروريا في المائدة الرمضانية، وبعد الإفطار بمدة يتم تقديم الطبق الرئيسي يكون في الغالب عبارة عن شواء من لحم الإبل مرفوقا بكؤوس الشاي، بينما يكون السحور عبارة عن وجبة خفيفة يقدم خلالها في أغلب الأحيان طبق من الأرز أو أكلة "البلغمان"، وهي أكلة تحضر من دقيق الشعير المحمص على النار، قبل طحنه ليصير دقيق وهو ما يعرف بالمكلى، حيث يتم وضع دقيق الشعير المقلي على النار والمطحون، في إناء خاص يسمى الكدحة، أي القدح، بعد ذلك يمزج مسحوق دقيق الشعير المسخن والمجفف بالماء الساخن والسكر. ومع التحولات التي عرفها المجتمع الصحراوي في السنوات الأخيرة بدأت تظهر على المائدة الرمضانية مواد ووجبات جديدة لم تكن تحظى بالقبول في السابق كالسمك وبعض المعجنات الأخرى. كما بدأت الأسر الصحراوية تؤثث موائدها بأطباق وأصناف جديدة من الحلويات مثل "الشباكية" وشربة "الحريرة" إلى جانب أطباق أخرى استطاعت أن تفرض نفسها، وذلك بفعل مجموعة من العوامل التي ساهمت في إدخال أنماط غذائية جديدة على الوجبة الرمضانية بالصحراء. ومن بين العادات والتقاليد التي لا يزال الإنسان الصحراوي يحافظ عليها خلال شهر رمضان الكريم صلة الرحم حيث يعمد الكثيرون خلال هذا الشهر الفضيل إلى الإكثار من زيارة الأهل والأقارب وعيادة المرضى و الإفطار بشكل جماعي و تكثر الولائم. كما تقام حفلات للذكر في العديد من المنازل بعد أداء صلاة العشاء والتراويح، فيسارع الناس إلى الاجتماع والالتقاء لتبادل أطراف الحديث. وهنا يبرز "الشاي" الصحراوي بجيماته الثلاثة (الجماعة، الجر، والجمر) بينما ينظم آخرون جلسات للتسامر بالقيام بمجموع من الألعاب التي تنتشر في هذا شهر مثل لعبة السيك بالنسبة للنساء و لعبة ضاما و الدومينيو بالنسبة للرجال.