هل تعطينا نوال المتوكل الأمل ؟ علقت، وتذكرون ذلك جيدا، آمالا كبيرة على تنصيب السيدة نوال المتوكل وزيرة للشباب والرياضة على عهد حكومة السيد عباس الفاسي والتي جددت ربط قطاع الرياضة بالشباب بعد فصال إستمر على طول ولاية حكومة السيد إدريس جطو، وكنت مدفوعا في ذلك، بما يوجد من مطابقة تامة وكاملة بين شخصية ومرجعية السيدة نوال المتوكل وبين رهانات المرحلة وانتظارات الشعب الذي لا نختلف على أنه شغوف بالرياضة، بل إن الإنجازات الرياضية ذات طبيعة أولمبية أو قارية تمثل له حافزا معنويا ومصدر فخر دائم·· وأكدت لي الحركية الكبيرة التي شهدها المرفق الرياضي الوطني منذ مجيء السيدة نوال المتوكل صحة ذاك التفاؤل، على الأقل عندما ننظر إلى ظاهر الأشياء· إنبرت نوال المتوكل لوجود معرفة سابقة وعميقة بحقيقة الوضع إلى إعمال النقد الذاتي، اعتبارا إلى أن أي إصلاح أو تقويم للمشهد الرياضي الوطني ينطلق أساسا من تشريح موضوعي، فجاءت الدعوة إلى مناظرة وطنية حول الرياضة من منطلق مقاربات جديدة وحديثة، وبرزت أهمية هذه الوقفة الإستراتيجية لمساءلة الواقع بتراكماته الحالية وأيضا برهاناته المستقبلية، عندما جاءت الرسالة الملكية الموجهة إلى المناظرة بالعديد من الإشارات القوية، التي منها أن هناك إرادة ملكية لتخليق المشهد الرياضي الوطني وحثه على إعمال الإحترافية في التدبير، وهو ما كان يجب استثماره على الوجه الأكمل· وكان الرهان الصعب، بعد كل هذا الطريق الذي قطعته الرياضة الوطنية بإشراف السيدة نوال المتوكل في الإعتراف على النفس بالأخطاء المتراكمة، وأيضا في التوافق على خارطة الطريق التي يجب إتباعها في تقويم المشهد الرياضي وتأمين إحترافية تدبيره، هو تفعيل مضامين الرسالة الملكية وأيضا توصيات المناظرة الوطنية حول الرياضة، برغم أن كثيرا منها كان موجها·· إلى الآن يخيفنا ما نحن عليه من بطئ شديد في تفعيل هذه المضامين وفي تطبيق التوصيات، فالأوراش التي كان من الضروري أن نفتحها على عجل ومن دون تأخر لمباشرة إصلاحات هيكلية، مازال أغلبها معطلا، وليس لذلك من تفسير سوى أن وزارة الشباب والرياضة إرتبكت في وضع الأولويات لمباشرة الإصلاح والتقويم الشاملين، واهتمت أكثر بجزئيات صغيرة غير ذات تأثير، وفتحت بذلك جبهات للمواجهة هي في غنى عنها، خاصة ما تعلق بتركيع بعض الأطر والخبرات التي لا تتفق مع فلسفة السيدة الوزيرة تحث ذريعة أن هناك لوائح ونظم إدارية لا يعلى عليها·· كان ضروريا أن تأتي منظومة الإصلاح وهي المدعومة بإرادة ملكية معبر عنها، متكاملة في المبنى والمعنى، تتحرك عموديا وأفقيا لصياغة مشهد رياضي وطني جديد، يتأسس على قاعدة قانونية هاجسها تعبيد الطريق لبلوغ الإحترافية في تدبير الأندية والمؤسسات الرياضية بكل ما يعنيه ذلك من تحديث وإعادة هيكلة، ويتأسس أيضا على إرادة جماعية لقطع الطريق أمام مشاهد الإرتزاق والتهجين التي باتت للأسف مألوفة في رياضتنا الوطنية· وكان ضروريا أن تتحرك الوزارة بقوة الوصاية في اتجاه تحديث الجامعات الوطنية بمختلف تخصاصاتها وحثها على أن تعصرن أسلوب التدبير وتنزع نحو شفافية أكبر لدمقرطة جهازها وكل المؤسسات التي تعمل معها·· ثم كان لزاما بموازاة ذلك أن تنكب الوزارة بكامل النزاهة لحماية الفكر الرياضي وأيضا لتخصيب مجال التكوين على إحداث منظومة جديدة لتكوين الأطر بكامل تخصصاتها، يراعى فيه ما بلغته الرياضة عالميا من درجة في استثمار التقدم العلمي والتكنولوجي· هذه وغيرها أوراش تقف في صدارة الإهتمامات، صحيح أن السيدة نوال المتوكل بمعية وزارتها قد باشرت العمل في بعضها، إلا أن بطئ الحركة وما يظهر أحيانا مبطنا من نوايا للإجهاز على أشخاص وجهات معينة يتركنا مرتعشين ومتخوفين من أن نكون بصدد إهدار الفرص في زمن قلت فيه الفرص·