سيكون لانتقال البرازيلي نيمار الى نادي باريس سان جرمان الفرنسي في صفقة قياسية بلغت 222 مليون اورو، تأثير بالغ على سوق الانتقالات الصيفية "المجنونة" أصلا قبل الصفقة الخيالية. في صيف 2016، أنفقت الأندية في البطولات الأوروبية الخمس الكبرى (إنكلترا، إسبانيا، إيطاليا، ألمانيا وفرنسا) 3,3 مليارات اورو، وفقا لشركة "ديلويت" المتخصصة بالشؤون المالية والاقتصادية. وبما ان باب الانتقالات الصيفية لهذا الموسم سيبقى مفتوحا حتى 31 غشت، فذلك يعني ان الأندية ستتجاوز هذا الرقم، لاسيما وانها باتت قريبة جدا منه بحسب الموقع المتخصص بالانتقالات "ترانسفرماركت"، ولا يزال أمامها وقت لإجراء المزيد من التعاقدات. ويؤكد إقدام سان جرمان المملوك من هيئة قطر للاستثمارات الرياضية، على دفع البند الجزائي لفسخ عقد نيمار (25 عاما) مع برشلونة (222 مليون اورو، 263,5 ملايين دولار)، المنحنى "الجنوني" الذي تسلكه الأندية في سوق الانتقالات. ولعل أبرز دليل على هذا التوجه هو ما قاله المدرب البرتغالي لمانشستر يونايتد الإنكليزي جوزي مورينيو "لا أعتقد أن 200 مليون جنيه استرليني مبلغ مرتفع بالنسبة الى لاعب مثل نيمار". وكان مورينيو حطم العام الماضي الرقم القياسي للانتقالات، بضمه الفرنسي بول بوغبا من يوفنتوس الايطالي مقابل 105 ملايين اورو. وتابع المدرب البرتغالي "نيمار هو أحد أفضل اللاعبين في العالم، بالتالي هو قوي جدا من الناحية التجارية (اعلانات ومبيعات) لكن المشكلة ليست نيمار، المشكلة هي العواقب". لم يكبح يوناتد جماحه في سوق الانتقالات هذا الموسم، اذ أنفق نحو 150 مليون جنيه استرليني، بينها 75 مليونا لضم البلجيكي روميلو لوكاكو من ايفرتون في صفقة هي الأغلى بين فريقين إنكليزيين. وفي حين ان الرقم القياسي العالمي بات في حوزة سان جرمان، الا ان الاندية الانكليزية تتصدر الانفاق هذا الصيف، معتمدة على عائدات ضخمة تنالها بموجبها اتفاق حول حقوق البث التلفزيوني. ولم يكن يونايتد الفريق الانكليزي الوحيد الناشط في سوق الانتقالات، اذ ان غريمه اللدود وجاره سيتي، المملوك من الاماراتي الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، دفع حتى الآن أكثر من 200 مليون جنيه استرليني لتعزيز صفوفه، محطما في طريقه الرقم القياسي لاغلى مدافع في العالم مرتين في غضون أيام، أولا بضم كايل ووكر من توتنهام هوتسبر، ثم الفرنسي بنجامان ميندي من موناكو. أما بطل انجلترا تشلسي، فلم يقف مكتوف اليدين، بل دفع حوالي 150 مليون جنيه لضم لاعبين مثل الإسباني ألفارو موراطا والألماني انطونيو روديغر والفرنسي تييموي باكايوكو. وتمضي الفرق الانكليزية نحو تحطيم الرقم القياسي الذي حققته العام الماضي في سوق الانتقالات، والبالغ مليار جنيه استرليني. ووصلت حمى الانتقالات الى إيطاليا، لاسيما ميلان الساعي مع ادارته الصينية الجديدة الى استعادة امجاده، إذ أنفق الفريق أكثر من 100 مليون اورو حتى الآن لتعزيز صفوفه، بينها 40 مليون اورو للمدافع الدولي ليوناردو بونوتشي من غريمه يوفنتوس. الا ان أندية أوروبية أخرى تعرف دائما كيف تنفق أموالها دون أن تثقل كاهلها بالديون، وفي مقدمها بايرن ميونيخ بطل المانيا الذي أكد رئيسه أولي هونيس أن فريقه لن يدخل في حرب الصفقات القائمة حاليا، واصفا ما يحصل ب"الجنون". وقال هونيس لوكالة "سيد" الألمانية الرياضية التابعة لفرانس برس "لا أريد شراء لاعب مقابل 150 أو 200 مليون اورو، لا اريد أن أشارك في هذا الجنون. هذا أمر نرفضه تماما في بايرن". وأبقى بايرن على تحفظه في سوق الانتقالات هذا الصيف، وضم صانع الألعاب الكولومبي خاميس رودريغيز من ريال مدريد على سبيل الاعارة لعامين، وأنفق 47,5 مليون اورو للتعاقد مع لاعب الوسط الفرنسي كورنتان توليسو (22 عاما) من ليون. وحذر هونيس من تداعيات الإنفاق المبالغ به، مضيفا "اتساءل إذا كان المشاهدون سيوافقون على هذا الأمر على المدى الطويل، وعلى المدربين ايضا التساؤل إذا كان ما يحصل منطقيا". أما مدرب نادي أرسنال الانكليزي، الفرنسي أرسين فينغر الذي لطالما انتقده المشجعون بسبب تقشفه في سوق الانتقالات، فرأى أن صفقة نيمار "تتجاوز الحسابات والمنطق"، معتبرا انها من "هي تبعات المالكين (القادمين من خارج أوروبا) الذين غيروا المشهد الكروي بأكمله الأعوام 15 الأخيرة". ورأى رئيس نادي توتنهام هوتسبر الإنجليزي دانايل ليفي ان مستويات الانفاق الحالية "غير مستدامة". لكن في مشهد كروي تعاني فيه البطولات الأوروبية الأخرى للتنافس مع الأموال الهائلة التي تحصل عليها وتنفقها أندية البطولة الممتازة، قد يعد انتقال نيمار دفعا كبيرا لكرة القدم الفرنسية. وقال رئيس نادي ليون جون-ميشال اولاس الذي لطالما انتقد باريس سان جرمان ومالكيه القطريين، انه "على رغم أن قدوم نيمار يطرح تساؤلات بشأن التكلفة الحقيقية، نحن جميعا نهنىء ناصر (الخليفي رئيس سان جرمان) وباريس سان جرمان". أضاف ان انضمام نيمار "أمر هائل بالنسبة لشهرة البطولة الفرنسية". وفي حالات الاندية التي تحظى بدعم "دول"، تتعدى غايات صفقات الانتقال الضخمة، كرة القدم او حسابات الربح والخسارة الصرفة. ويقول الخبير الاقتصادي الرياضي جون-فرونسوا بروكار "من خلال استقطاب كبار اللاعبين، ستتمكن الأندية من الفوز بالألقاب وتعزيز شهرتها، لكن هذه الانتقالات لن تكون مربحة على صعيد مبيعات التذاكر أو السلع".