ما طار نسر وارتفع إلا كما حلق وقع، هذا الواقع يلخص في الشكل والمضمون حقيقة مؤلمة يعيشها فريق كبير إسمه الرجاء البيضاوي، حقيقة تلخص قتامة مشهد لا يبشر بالخير وينذر بهزات وعواصف لن تقف عند الحدود التي صار الجميع على بينة واطلاع عليها. الصرح العالمي يئن ورجاء الألقاب تنزف والأنصار يترقبون بحسرة ما يدور في فلك فريقهم المحبب وصبابة العشق التي ضربتهم جعلتهم يطلقون صرخات الوجع كي ينتهي هذا الوضع وقريبا. في الملف التالي نعرض لتجليات الأزمة بكل سخافاتها الساخرة سخرية سوداء لتضع الرجاويين في صورة ما يعيشه فريقهم من تخبط وصراعات. الصرح يتهاوى غريب جدا أن يتهاوى هذا الصرح الكروي الكبير والعملاق و ي ظرف وجيز بهذه الصورة المقززة وبهذا الشكل الدراماتيكي ودون أن يمر على الرجاء 3 سنوات معلنا نفسه عالميا في مونديال الأندية الشهير ومسيئا استثمار الإنجاز بسبب الرعونة التي واكبت التدبير اللاحق لهذا الإنجاز. عالمية الرجاء ومداخله وإقبال الرعاة والمحتضنين عليه والتسويق الذي أخذ تجليات وأبعادا كبيرة سيتضح فيما بعد أن بعضها كان مرتبطا بأشخاص (محمد بودريقة) ولم تكن مشروعا لخدمة علامة النادي وتاريخه، لذلك توقفت برحيل بودريقة، كل هذه المكاسب والإنجازات ضاعت في الزحام وصارت مجرد ذكرى اليوم والفريق ينزف دما ويمر من واحدة من أسوإ فتراته عبر التاريخ بسبب تكالب ظروف وصراعات مثيرة وضعته في غير الرواق الذي يتطابق ومرجعيته. إذهبوا عند بودريقة ولئن كان محمد بودريقة وهو يترجل عن صهوة الفريق ويعلن ذهابه ورحيله بالطريقة التي يعرفها الجميع، سواء كانوا رجاويين أم لا، قد خلف وراءه إرثا تباينت الأرقام والمعطيات وحتى إسهال التصريحات في تحديد قيمته، قبل أن تدخل الجامعة على خط الإفتحاص وتؤكد أنه في حدود 3 مليار سنتيم وليس كما ظل حسبان يردد في تصريحاته وندواته الصحفية باستعراض أرقاما مالية مرعبة (16 مليار سنتيم). وكي تتضح قتامة المشهد أكثر ويرتفع مؤشر الضغط لدى اللاعبين والطاقم التقني فإن حسبان سيحيل كل هؤلاء على بودريقة ليتوصلوا بديونهم ويركد لهم أنه في حل منها وكونه معني بتصريف أزمة الرجاء منذ اليوم الذي عين فيه رئيسا وليس بأثر رجعي، الأمر الذي تسبب في انفصال التيار بين كل هذه الأطراف. الرئيس محاصر إضراب اللاعبين لأكثر من مرة في فترة الذهاب وآخرها 5 أيام متتالية من دون تمرين، الأمر الذي لم يكن مسبوقا في تاريخ أي من الأندية الوطنية ورفض اللاعبون الجلوس مع سعيد حسبان للتفاوض بشأن مستحقاتهم على انفراد ولا حتى إبداء أي رغبة لتقديم التنازلات بشأن قيمة المنح والعقود، وآخر هذه الصور رسالة احتجاج تلاها اللاعبون أمام وسائل الإعلام عرت عن ما سموه كذب ووعود رئيسهم التي لم تتحقق. وإذا انضاف لكل هذه الصور الكاريكاتورية الغريبة فعلا والتي تترجم واقع العلاقة بين الرئيس ولاعبيه دعوى قضائية ضد حسبان من الطاقم الطبي وموظفي الفريق ومنخرطين إتهموه بالإبتزاز، فإن المحصلة تلخص محاصرة حسبان في ركن ضيق والغريب أن يبدي رئيس الرجاء صمودا قويا ورفضه الإنحناء أمام هول هذه العواصف. الملعب معضلة إضافية لخص محمد فاخر مرارا مأساة الرجاء ومتاعب الرجاء وعددها فيما هو مالي محظ وفيما هو لوجيستيكي هم غياب ظروف التحضير المثالية والتي اضطرته مرارا الإجتهاد والبحث عن حلول فردية، وليكن الإبتعاد عن مركب محمد الخامس وكثرة التنقلات وماراطونيتها أيضا سبب في زيادة متاعب الفريق تقنيا بتأثيرها على نتائج النسور وماليا بضرب مداخله في الصميم ولو مع ما أظهره أنصار الفريق من تضحيات ومقاومة، كل هذه التيارات والتنقل سواء في الديربي أو الكلاسيكو وبأعداد طيبة لدعم الفريق ماليا ومعنويا. وليكن قرار الإبقاء على استمرار غلق مركب محمد الخامس حتى إشعار آخر خبرا سيئا نزل كقطعة ثلج باردة على فاخر وحسبان وأربك خطط الإنعتاق والخروج من عنق زجاجة أزمة تلتف خيوطها وتتشابك كلما اعتقد أهل الرجاء أنها اقتربت من الحل. المصالحة هي الحل يدرك الرجاويون أكثر من غيرهم أن الأزمة الحالية هي أزمة صراعات وتصفية حسابات بين من هم محسوبون على صف بودريقة وبين من يوالون حسبان والمقصود بهم بطبيعة الحال هيأة الحكماء والتي تملك الحل ولو أرادت تنحية حسبان لكان لها ذلك وبنصف خطوة. الحكماء يتخوفون من رحيل حسبان الذي سيفتح الباب أمام عودة بودريقة المستعد لتقديم الحلول المالية وهم لا يرغبون في هذه العودة مهما كان الثمن حتى ولو كانت الرجاء هي من سيسدد الفاتورة. لذلك هي المصالحة التاريخية ونكران الذات وتغليب مصلحة الرجاء على ما سواها، هي مصلحة الفريق الأخضر وهو ما يسعى خلفه حاليا محمد أوزال الواثق أن امتصاص غضب بودريقة الذي أغاضته تصريحات حسبان ومبالغة الأخير في استعراض حجم الديون، هو الكفيل بأن يجنب الخضراء كل هذا الهوان والذل الذي لا يليق بها.