هي صفقة معلقة كشفت فصولا مثيرا عن حرب باردة بين اللاعب الأفضل ببطولة الموسم المنصرم مع المدرب الأفضل كذلك، على نحو غير متوقع بعد شكل الإثنان الثنائية المربحة للفتح الرباطي. إنتهى الميركاطو الصيفي ولم يلحق بطنا بأحد الأندية الأوروبية كما كان متوقعا، ولتتشابك الخيوط بخصوص من المسؤول عن المقاربة الفاشلة لرحيله. الأمور لم تقف عند هذا الحد، بل تطورت لتصل ترشاقا مفضوحا وهمزا متبادلا بين لاعب يصر على الرحيل ومدرب يضيق الخيارات أمامه ويحددها في اتجاه واحد (إما خارج البطولة أو العودة للعش بشروط)، تابعوا تفاصيل وكواليس إجهاض صفقة انتقال أفضل منتوج بالبطولة. نهاية سعيدة لموسم أنطولوجي لو حلم بطنا بموسم يحالفه فيه النجاح والتوفيق ما كان ليحلم بموسم كالذي انتهى ومثل الذي وقع عليه وهو يحوز الإعجاب وتنهال عليه الإشادات من كل حدب وصوب، بل أن هناك من رأى فيه مساما فعلا و كبيرا في نتائج الفريق (البطولة ونهائي كأس العرش وقبلها لقب الكأس الفضية أمام نهضة بركان). أرقام بطنا الفردية التي قربته من لقب الهداف الذي دان للاعب النغمي وبفارق هدف عن صانع ألعاب الفتح مع استحضار معطى جد هام كون بطنا لعب 7 مباريات أقل من النغمي وهو ليس برأس ربة صحيح، وإسهامه الرائع مع ناديه جعله محط أنظار ومتابعة ليتوج في عديد الإستفتاءات والتقديرات بلقب الأفضل بالموسم وبالإجماع. «المنتخب» وهي تستقرء أراء النقاد والتقنين نهاية الموسم أمكنها أيضا أن تصل لنتيجة كون بطنا كان الأكثر تميزا من خلال الأداء الباهر الذي وقع عليه وكذا لأنصهاره الجميع الرائع وذوبانه في منظومة فريق الفتح والمدرب الركراكي ليعلن الأفضل على الإطلاق ومن دون منازع أيضا. لقب للبطولة إذن وصافة لكأس العرش ووصافة للقب هداف الموسم ولقب أفضل لاعب محلي، بهذا أسدل بطنا الستارة على موسم متعب لكنه راهن على جني ثمار التعب باحتراف يحسن الأداء والوضع الإجتماعي أيضا. بطنا ليس هو الفتح في وقت ساد فيه الإعتقاد وذهبت أغلب للتحليلات لمنح وشاح الشرف للاعب بطنا وكونه كان طرفا مساهما وبقسط كبير ووافر في إنجازات الفريق العاصمي باستحضار الفترة التي غاب فيها عن مباريات الفريق بداعي الإصابة بين نهاية ذهاب الموسم المنصرم لغاية الدورة 20، ومقارنتها مع الدورات التي ظهر فيها بقميص الفريق، أمكن بلوغ هذه الحقيقة التي جرحت الركراكي ولم ترقه بالمرة وظل يرد عليها كون ما بلغه الفريق هو ثمرة عمل جماعي ولا وجود فيه للإسهامات الفردية. تحين الركراكي الفرصة ووضع في الإختبار الصعب والمحك الأكثر جلاء وقياسا للقدرات، بأنه همش بطنا وأخرجه رسميا من حساباته واستجاب لمطلبه بأن منحه طيلة الصيف فرصة مناقشة العروض التي تصله خاصة تلك القادمة من الخارج وليقرر إقصاءه من لائحة الفريق الذي شارك في سلسلة طويلة من لقاءات كأس الكاف. لم يكن إقصاء رسميا وعلى الورق وإنما إقصاء شمل إخراجه من المنظومة الخططية، وبالتالي الحكم على نتائج الفريق من دون بطنا، ليربح وليد الرهان ويظهر الفريق لحمة واحدة لم يتزعزع ولو قيد أنملة بغياب هذا اللاعب. هنا تأكد الجميع وخاصة أنصار الفتح وهم يواكبون المسار اللامع لناديهم قاريا على أن بطنا ليس الكل في الكل وليس هو الفتح في مطلق كل الأحوال بدليل النتائج التي تحققت. هل أخطأ اللاعب بقراره؟ ونحن نتحرى في فشل مقاربة احتراف بطنا بالشكل الذي كان مرجوا ومؤملا، أمكننا بلوغ العديد من الحقائق المذهلة التي سنأتي إلى ذكرها لاحقا وتفصيلها تفصيلا مملا. من بين الأخطاء التي رافقت فشل الصفقة هو طريقة إعلان اللاعب نهاية الموسم المنصرم تحديد مستقبله وتأكيده على أنه أدى الدور المنوط به ولن يلعب للفتح الموسم المقبل، ويتطلع لتجربة احترافية. شعر الركراكي وحتى مكتب الفتح هنا بالخطأ الذي ارتكبه اللاعب والذي كان حري به ترك زمام الأمور والمبادرة للمكتب المسير ولإداريي الفريق لتدبير وجهة بطنا بالطريقة الصحيحة، لا أن يتحمل اللاعب وحده متاعب عرض نفسه وبطريقة مثيرة على وكلاء أعمال وأندية مختلفة بشكل أستاء لقيمته التقنية وبخسه حق النجومية التي اكتسبها على امتداد سنوات بالبطولة. خطأ بطنا إذن هو على مستوى تحمل قرار ومبادرة الرحيل ليجد ردا مرنا من مدرب الفريق ومسؤولي النادي الذين أخبروه ومنذ لقاء مولودية وجدة الذي توج الفتح بأول درع في تاريخ الفريق، أنه ما عاد له مكان بالمجموعة الفتحية ورموا بورقة الضغط لمعتركه ليتدبر أمره لوحده؟ الأفضل بالبطولة لا يساوم إنتظر الجمهور الفتحي أن تصله أصداء على رحيل اللاعب صوب وجهة من الوجهات التي جرى الترويج لها خاصة على الصعيد الأوروبي، إذ كان الركراكي قد تعهد والفتح يحارب على جبهتي البطولة والكأس أن يعمل جاهدا بما تسنى له من شبكة علاقات واتصالات على دعم اللاعب ليبلغ مراده باللعب لناد أوروبي يساهم في صقل موهبته وتحسين أدائه. المفاجأة تمثلت في انتقال لاعب آخر من الفتح وفي هدوء تام وهو مروان سعدان للعب بفريق ريزي سبور التركي، وليظل بطنا هنا ولا أحد ساومه من الفرق الأوروبية إلا فيما نذر وبمقترحات وليس عروض رسمية. تواجد الفتح بإسبانيا لخوض دورة دولية ودية شكل مناسبة للتعريف باللاعب حتى وإن لم يكن ضمن لائحة من حضروها، وهنا راج إسم فريق ألافيس الصاعد حديثا لليغا دون أن يرتقي العرض عاليا وللشكل المؤمل منه. تم ربط بطنا بفرق بيسكطاش وفنرباتشي وآخر الأتراك الذين تم ربطهم ببطنا كان هو فريق قاسم باشا، وفي نهاية المطاف أسدل الستار على فاصل الميركاطو بأوروبا، وبطنا أيضا، ليتواجد بأرض أوروبية أي مع منتخب الأسود الذي واجه ألبانيا وديا وليس للتوقيع لناد أوروبي كبير؟ من يحارب من؟ بعد غلق سوق الإنتقالات الصيفية بأوروبا دون تجسيد لرغبة وحلم اللاعب بالإحتراف بفريق أوروبي، وبعد أن عبر الركراكي مرارا وبجرأة معتادة عن موقفه من عودة اللاعب لصفوف الفتح وتأكيده أن الأمر مشروط بالتمديد ووفق الرؤية التي يريدها المدرب والذي يبدو أنه مفوض من إدارة الفتح بالموضوع وإلا ما تكلم بهاته الثقة، وبما أن العروض المحلية موصدة بوجه بطنا لاعتبارين، منها المطالب المالية الكبيرة للفتح من جهة وثانيا لقرار الركراكي المسنود من إدارة الفتح بطبيعة الحال بألا يبيع لاعبه إلا لفريق أوروبي ويستحيل عليه حمل قميص فريق من فرق البطولة. لكل هذا يبدو وضع بطنا غامضا، فلا اللاعب استعد مع الفتح ولا هو يرغب في البقاء وإن ظل بالفريق فالفتح ليست قادرة على تلبية مطالبه المالية على مستوى منحة التوقيع التي لها سقفها داخل الفريق الرباطي ولا التعويضات هي وفق ما يشتهي، لنكون أمام سيناريو معقد وخيوط متشابكة طالما أن اللاعب يرى أن هناك حلولا بديلة من بينها اللعب بالخليج أو حتى حمل قميص فريق كبير بالبطولة قادر على تسديد المكافآت التي يطالب بها. مدرب الفتح واثق من كون بطنا تم التغرير به، وتصريحاته كلها فيها نبرة تهكم وكأنه بلغه أن هناك من أبلغه أن أحدا ما يحاول جر وسحب اللاعب لمعترك الوداد، لنكون إزاء معركة فصولها فيها الكثير من الضرب تحت الحزام واللاعب هو الضحية. في فترة سابقة إقترب بطنا من اللعب بالعين الإماراتي وأجهضت صفقته بخبث كبير واليوم اللاعب في وضع معقد في ظل إصرار الركراكي على أنها معركة ولا بد فيها من منتصر، حتى لو كلفه ذلك الإبقاء على اللاعب عاطلا لموسم بأكمله، في حين هناك من يرى أن اللاعب بإمكانه الرحيل بخياري التصعيد (الشرط الجزائي أو انتظار نهاية الموسم ليرحل بالمجان في صفقة انتقال حر) وبين هذا وذاك الوضع لا يليق بمقاربة تسويق أفضل لاعب بالبطولة؟