كلما أعلن لاعب من لاعبي المنتخب المغربي قراره بشد الرحال وحمل المتاع باتجاه الخليج إلا وارتفع مؤشر القلق والحيرة ليضرب هيرفي رونار ويدخله مدن الأحزان، كيف لا والرجل قال بلسانه أنه زاهد في لاعبي هذه البطولة علا شأنهم أو انخفض واستدل بحالة الغاني أساموا جيان لما انتقل للإمارات تاركا سندرلاند. يوسف العرابي المشهور عنه أنه يخطئ المرمى كثيرا، يضع رونار هذه الأيام داخل دوامة حيرة لا منتهى لها وما إن يلبس مهاجم الفريق الوطني قميص لخويا القطري، حتى يعلن رسميا اعتزاله عرين الأسود والقول قول الناخب وليس قولنا. كنت بصدد الحديث مع مسؤول جامعي يقترب هذه الأيام من القفز من سفينة الجامعة وأطلعني على سر مثير كشف منه الغطاء على مواقف السيد رونار من لاعبي الخليج، وأكد أمامي أن أكثر من غير قناعات رونار وجعله يتورط في تصريحاته السابقة التي أصبحت مثل السيف المسلط على رقبته، هو موقفه من اللاعب عصام العدوة الذي كان أول ضحايا قدوم رونار لا لكونه حل بالخليج وإنما لوشايات كاذبة ولتقارير محرفة وصلته عن اللاعب واختار الأخير الرد عليها عبر تصريح صادم من الإمارات. رغبة رونار في استبعاد العدوة لدواعي غير تقنية يعلمها الجميع، بعد أن أدى اللاعب فاتورة وضريبة خلافات على الهامش ارتبطت بما تداعى من صراع وخلاف بين الزاكي وحجي، جرفت في الطريق كلا من محسن ياجور وعبد الرزاق حمد الله، ستضع العرابي في خندق ضيق ومظلم وستصيب رونار بكل أنواع وأشكال الحرج البالغ. رونار لا يريد استبعاد العرابي إن تأكد إلتحاقه بنادي لخويا، لأنه راهن على أنه الرقم الأول والمميز بخط هجوم الأسود، ولا يوجد بديل مثالي له في الوقت الحالي بعد أن خاب ظن الناخب الوطني في بوطيب الذي حاول أن يلبس قميصا أوسع من حجمه في نزالات الرأس الأخضر وليبيا والكونغو وديا. في حياة وقرارات المدربين لا يوجد موقف أبدي كما لا توجد صداقة أو عداوة دائمة كما هو الحال في السياسة، لذلك ما سبق وقاله رونار لا يمثل إلتزاما شنق به نفسه باستبعاد لاعبي الخليج، وقد لا نتفاجأ إن هو وضع العرابي ضمن زمرة الإستثناء وخانة المحصنين ليستدعيه للفريق الوطني ويكسر ما بدا للبعض إلتزاما وقناعة لا تتغير، وباسم مصلحة الفريق وحاجته لمهاجم قد نلتمس له آلاف الأعذار فيستدعي هداف غرناطة السابق كي لا ينتحر في نهاية المطاف باسم الإنتصار للمبدأ. الحقيقة الساطعة هي ما اعترف به العدوة وبأخلاق الفرسان وبشهامة ألفناها في هذا اللاعب الخلوق والفذ والمحترف بمعنى الكلمة، من كونه مستعد لتقديم تصريح يؤكد من خلاله أنه لا يضره الأمر في شيء إن كسر رونار الوعد ليستدعي حمد الله والعرابي وأن لا يأخذ الإثنين بإثم وذنب لم يرتكباه. إصرار رونار على الإطاحة بالعدوة منذ اليوم الأول لتعيينه للأسباب التي سيكشفها المستقبل ولربما سيميط رونار اللثام عنها بعد مغادرته، والتي لا يصدق عليها ما قاله وبرره من أمور مرتبطة بضعف الإيقاع والتنافسية والإندفاع والحماس، ولها صلة بجزئيات أخرى هامشية بلغته من حجي ومقربين منه بحتمية تصفية تركة الزاكي التي يمثل العدوة رأس الحربة فيها، رغم أن الحقيقة الهاربة والعارية التي لا يعلمها رونار كون العدوة ما كان في يوم من الأيام من المقربين من الزاكي ولا من المفضلين لديه، وقاوم التيارات والإرهاق النفسي في كثير من المرات كي يتفادى مقصلة الزاكي نفسه. أمام كوت ديفوار التي سبق للعدوة وأن واجهها وصد فيلتها مرارا على عهد الطوسي وغيرتس وحتى مع الزاكي وديا، وأمام مالي والغابون وباقي الوحوش الذين وضعتهم القرعة في مجموعة الأسود، سيكون من الحكمة والرزانة لو يغلب رونار العقل على ما سواه، وأن يصل للحقائق كما اكتشفها هو لا كما حملها له مستشاروه والمقربون من دائرته وأيقن أنها حملت مغالطات كثيرة. كلنا تابعنا اليورو بفرنسا ووقفنا على ما فعله فايس لاعب منتخب سلوفاكيا المحترف بالغرافة القطري وهو يسجل مرة ومرتين، ولا نعتقد أن مدرب سلوفاكيا أغبى من رونار ولا اليورو أقل قيمة ومستوى من الكان. أكثر ما جنى على منتخب إسبانيا في المونديال واليورو الأخير وعلى الزاكي مع الأسود، عاملان هما غباء ديلبوسكي وعاطفته وعناد الزاكي، لأنه حين يغيب العقل والمنطق وتحضر العاطفة وباقي الحسابات الأخرى، فانتظر نهاية كالتي عصفت بالماتادور وضربت أمجاد ديل بوسكي والإحترام الذي حظي به بالأصفار الممكنة وهو ما لا نتمناه لرونار.