الشوهة والرحيل قال غيرتس قبل مباراة غامبيا والكوت ديفوار أنه يتمنى جمع أربع نقط من النزالين ليظل في الصدارة مع الفيلة مقابل أن يدرس المرحلة المقبلة بالتروي والقناعات الخاصة لاستعادة الغائبين من الرجال الذين صنعوا الأدوات التي انساقت مع نهجه العقيم.. لكنه لم يقل أنه سيقاتل في هاتين المباراتين لانتزاع ست نقط حتى في الإكراهات التي واجهته تباعا مثل سقوط أوراق الشجر في الخريف.. ومن يقول بجني أربع نقط، فهو مدرب غير واثق من قدراته كرجل يضع المعجزة حتى مع منتخب منقوص كثيرا من ثوابته، لكن غيرتس سقط في الأرقام أصلا وإلى أدنى مستوياتها بنقطتين معذبتين من جحيم المعاناة والأخطاء الكبيرة في الدفاع والنهج المشين في مقارعة الأقوياء.. والكوت ديفوار الصارمة شوهتنا في بعض اللحظات المريرة، وكادت تفوز برعبها لأن الأسود تركت لها المساحات الفارغة لتفعل ما شاء، وتركت لها الفجوات لكي تمر وتسجل بالسهولة أولا، والصلابة والنضج التكتيكي ثانيا، وبالحرفية الأوروبية ثالثا، ولو كان الزاكي صاحب الإعجاز المغربي عام 2004، هو مدرب المنتخب لوضع الكوت ديفوار في محنة التفكير في دفاعه، لا يتركه يجول ويصول في شوارع خاصة مع غيرتس ولوضع له نهجا صارما برجاله وبثوابته مع ملح إضافات قد يفرضها زمن الطوارئ، ولفاز على غامبيا بذات اللائحة الحالية.. ولو كان الزاكي رجل المرحلة، لما أقصي الأسود بالذل في كأس إفريقيا الأخيرة، ولوضع أهدافا محددة هو أقدم عليها بالقول والفعل والكاريزما الخاصة به لأنه لا يبيع كلامه ولا اختياره على أنقاض ما يريده الشعب والمحللون والهدّارة، ولآمن بفريق عمله وقوة شخصيته في بناء منتخب كبير.. وغيرتس الذي إختارته الجامعة، عليها أن تتحمل مسؤولية هذا السقوط المريع للمنتخب المغربي في أحلك صوره الهجينة.. وعليها أن تصرف له ميزانية استحقاقه الفاشل بمالها الخاص، وتودعه من الباب الصغير مثلما عليها مغادرة الباب الصغير كجامعة فاشلة.. ولست أدري ما الذي يجعل الجامعة لا تشعر بالعار وعار العالمية التي وضعتها في سياق أول مدرب في تاريخ المغرب بهذه الصفة غير المتوفرة فيه كناخب وليس كمدرب فريق عادي.. ولست أدري كيف لا تنحني إجلالا لاحتجاج الجمهور المغربي الذواق والشغوف لمنتخب بلاده حتى تقبل إحتجاجه برحيل غيرتس ورحيلها هي أيضا.. ولست أدري ما الذي يدع الرجل في موقعه التقني من دون إدانة ولا توبيخ بنتائجه وهو الذي يغتني براتب شهري فاق كل التصورات، و(بأقل وبأقل وبأقل) منه ما تقاضاه الزاكي محققا أفضل الإنجازات.. هذه الجامعة يجب عليها أن تحاسب عن اخيتار البلجيكي كرجل مرحلة، وهي من توهمت رصيد الرجل مع أنها غير خبيرة بالكرة، وهي المسؤولة عن رحيل الرجل من يومه الإثنين، ومسؤولة أيضًا عن صرف مستحقاته من جيبها الخاص من دون أن نستأذن أي كان، لأن هذا هو الأصل في إراحة الناس من عذاب الإنتظار وتواصل الأخطاء.. وإلى متى سنظل نتعذب في البحث عن الألقاب بعد أن ماتت الأجيال بلا أفراح لسنين طويلة من الكوارث الكروية؟ وإلى متى سيزول غم ومصيبة هذه الجامعة في بيع الحزن للمغاربة، مع أنها لا تشعر مطلقا بالحزن، وتستمر في تدبيره رغما عن أنف الكل؟ أصل الكلام وفصل المقال مختصر جدا في اجتماع سري مع غيرتس، وتسلمه الجامعة مفاتيحه السرية المتبقية في صندوقها المالي، وتقول له وداعا، قبل أن تودع نفسها في جحيم معاناة المغاربة إجتماعيا واقتصاديا، ولن يزيدها البقاء إلا الكارثة وبقاء غيرتس بالضربة الموجعة مع أنها تعرف جيدا أن جميع المغاربة لا يريدون غيرتس الجامعة، ويريدون الزاكي من جامعة جديدة ومنتخبة بالقانون والديمقراطية. اليوم.. لنا نقطتان وأهدرنا أربع نقط، ومن يدري فقد تكون عودة الزاكي ميلاد الحلم من قعر البئر رغم أنه مستحيل أن تخسر الكوت ديفوار في لقاء ما، لكنه حلم مشروع يتأسس على بناء فريق وطني لكأس إفريقيا 2013 وهو موجود، وقد يكون أقوى في كأس إفريقيا 2015 التي سينظمها المغرب.. والدليل أن جامعة اليوم أسمعها الجمهور الكبير بمراكش إسم الزاكي كرسالة واضحة ولا نقاش فيها لمن يكره الرجل الناجح والذي استأصل من مهامه عام 2005 لحسابات عدوانية من وجوه حرصت على إقالته، دون أن تشعر بالخراب الذي وظفته منذ ثمان سنوات من كوارث الإقصاءات كعدوّة للنجاح، الآن وبعد هذه المهازل الغيريستية ومهازل الجامعة مطلوب من الطرفين توقيف هذه المهزلة وإنهاء التعاقد معا ومع الشعب، ولا نريد من الآن إلا جامعة جديدة ومدرب جديد لكأس إفريقيا 2013، مع أن هذا التدوين الكلامي يبقى مجرد استغاثة، ولن يسمعه أحد، وسيظل غيرتس والجامعة حبايب في صنع ظلامية النتائج ونحن جميعا من يؤدي ضريبة هذا الصدام التاريخي في أقسى وأتعس أيام المنتخب الوطني بصوره القاتمة والمشوهة.