نحمد الله أن هذا العالم ما زال لا يمنعنا من أن نحلم ولا نؤدي على أحلامنا أي ضريبة، ولربما هو الملاذ والمرتع الذي يرفه على بني البشر ويزرع في نفسيتهم بذرات من الأمل والحماس والإرتياح·· وفي واقعنا الكروي المزري الذي نالت منه الإخفاقات ونهشت من جسده الكبوات والمشاكل، لم نجد بدا من أن نجنح ونهرب من واقع كروي ظلامي يعيش تحت وطأة الكوابيس لنتشبت بالحلم مجددا عله يقودنا إلى واقع كروي رائع تتحقق فيه الغايات المنشودة وتعود من خلاله البسمة للجمهور الكروي الذي تعذب وذاق مرارة الإخفاق وما أكثرها في الفترة الأخيرة· حلمنا ذات يوم مع التغيير الذي شاب جامعتنا أننا سنتجرد من المشاكل التي ضربت أطناب كرتنا، وأن مسؤولينا الجدد ستكون لهم الجرأة للسيطرة على حال الكرة المشتت، حلمنا مع الإجراءات والتدابير التي اتخذها علي الفاسي الفهري رئيس الجامعة أن زمن الإرتجالية قد ولى في إتخاذ القرارات، خاصة على مستوى المنتخب المغربي، وأن الإحترافية ستذوب كل أشكال الهواية التي ضربت أطناب كرتنا لفترة طويلة· حلمنا مع الطاقم التقني أو ما بات يصطلح عليها بالتركيبة الرباعية والمشكلة من أربعة مدربين (حسن مومن عبد الغني الناصري جمال السلامي الحسين عموتا) أننا سننسلخ من نزوات روجي لومير الرعناء واختياراته العشوائية ومحدودية خططه التقنية·· حلمنا مع أبناء جلدتنا من المدربين أن نغمة الإنتصارات ستعود، وأن غيمة الكبوات والهزائم المخيبة ستزول، بيد أن هذا الطاقم التقني بعقوله الأربعة التي دبرت أمور المنتخب المغربي لم تكن كافية لإعادة التوازن للأسود، بل زادت من غرفة· حلمنا مع لاعبينا أن الروح الوطنية ستعود وأن زمن التمردات قد ولى، حلمنا أنهم سيحترمون قدسية القميص الوطني وتشبعوا بمبادئ التضامن والإلتحام وروح الجماعة ورمى جانبا الأنانية وحب الأنا·· حلمنا أن لاعبينا سيتحولون في مواقع المباريات إلى رجال شجعان، يرفعون راية الفوز والإنتصار مهما كانت الظروف· ثم إننا حلمنا بأسود الأطلس قبل إنطلاق التصفيات وهم يحجزون مكانا لهم بجنوب إفريقيا للمشاركة في المونديال بعد أن أضعناها في الدورتين الأخيرتين بكوريا الجنوبية واليابان 2002 وألمانيا 2006، وعشنا على صور خيالية وغير حقيقية ولاعبونا فوق البساطات الخضراء لملاعب >البافانا بافانا<· مع الأسف أن واقعنا كذبنا والمنتخب الوطني خذلنا، فلا الجامعة نجحت حتى الآن في إيجاد الأقراص الكفيلة لرفع الداء والأغراض والأورام من كرتنا، ولا الطاقم التقني برغم من ثقله العددي والمكون من أربعة مدربين وليس بثقله على مستوى الحنكة والكفاءة والتجربة استطاع أن يعيد هيبة الأسود، بل زاد من تأزيم وضعه وخدش كبريائه، ولا اللاعبين نجحوا في تأكيد حبهم وتعلقهم بالقميص الوطني وأهليتهم بحلم صفة الدولية· حلمنا وأسهبنا في الحلم، ولربما أخطأنا لأننا غالينا في أحلامنا، وكنا بحاجة لمن يفسر هذه الأحلام المزيفة لأننا استفقنا على كابوس ودفعنا غاليا ثمن مغالتنا بعد أن أوهمتنا المساحيق الجميلة لمسؤولينا وللطاقم التقني واللاعبين، والظاهر أنه لم يعد من حقنا حتى أن نحلم ما دام هذا الحلم لن يزيد إلا من حزننا، ما دام واقعنا الكروي بات مشؤوما ولم يعد هناك أمل ولا يستحق هذه الأحلام الجميلة الكاذبة·· فإلى متى سنظل نكذب على أنفسنا وعلى كرتنا؟