بماذا تلزمنا مساحة الأمل المتبقية، وقد أسكنتنا تعادلاتنا الثلاثة أمام الكاميرون والطوغو وهزيمتنا أمام الغابون هنا بالدارالبيضاء في المرتبة الأخيرة بثلاث نقاط، وبفارق أربع نقاط كاملة عن الكاميرون المتصدر؟ وعندما أتحدث عن المساحة المتبقية في جغرافية الأمل التي أصبحت تضاريسها معقدة ومسالكها وعرة، فإنني أفصل هنا بين الأمل في بلوغ نهائيات كأس العالم والأمل في بلوغ كأس إفريقيا للأمم·· لا بد أن منكم من إنتفض لذكر كأس العالم، فهل بقي لأسود الأطلس من أمل ليكونوا بين كبارا العالم في حدث كروي كوني يقام لأول مرة على أرض إفريقية غير أرضنا، نحن من تجرأنا باعتراف التاريخ على أن نفتح عيون صناع القرار داخل الفيفا على أن إفريقيا هي قارة مظلومة وأصبح لزاما أن نرفع عنها هذا الظلم؟ هل بقي لفريق الوطني أمل ولو بنسبة واحد بالمائة ليكون حاضرا بجنوب إفريقيا؟ إن كان على الأرقام والمعادلات، فمازال هناك أمل، قليله بين أيدينا وكثيره بيد غيرنا، وتلك هي الطامة الكبرى·· كيف ذلك؟ ببساطة شديدة يقوى أملنا في العودة للمنافسة على البطاقة المونديالية في حال فوزنا على الغابون هناك بليبروفيل بشرط أن يحقق الطوغوليون مفاجأة من العيار الثقيل بالتعادل على أرض الكاميرون ولا شيء غير التعادل، ففي هذه الحالة فقط سيرتقي منتخبا المغرب والطوغو إلى المرتبة الثانية ليشاركا منتخب الغابون بست نقاط، ويظل منتخب الكاميرون متصدرا للمجموعة بثمانية نقاط· وطبعا ستكون آخر جولة في مشوار التصفيات المجنون حاسمة في تسمية المؤهل، إذ يقودنا الفوز هنا بالمغرب على الكاميرون لتصدر المجموعة بتسع نقاط، وهو رصيد يقود الفريق الوطني حتما إلى جوهانسبورغ في حال ما إذا انتهى اللقاء الآخر بين الغابون والطوغو متعادلا، لطالما أن فوز أحدهما سيضعنا معه في صدارة المجموعة، وتحسم النسبة العامة في المتأهل·· وطبعا إذا كان الوصول إلى كأس العالم يحتاج بلغة كرة القدم اصطلاحا وليس معنى إلى معجزة، فإن الوصول في أسوإ الحالات إلى كأس إفريقيا للأمم بأنغولا يحتاج هو الآخر إلى حسبة معقدة، أفضل ما فيها أن يحقق أسود الأطلس الفوز هناك بليبروفيل على فهود الغابون، لطالما أن الوصول إلى النقطة السادسة سيقربنا كثيرا من المونديال الإفريقي، ولربما إحتجنا في آخر مباراة أمام الكاميرون هنا بالمغرب إلى نقطة التعادل فقط· يبدو المشترك القوي في كل المعادلات أن يفوز فريقنا الوطني على الغابون السبت القادم، فهل هو قادر على ذلك؟ والقدرة هي قدرة نفسية وتقنية وتكتيكية، ما يعني أن الأسود ملزمون بالإهتمام بأنفسهم قبل الإهتمام بخصمهم الذي يقع تحت ضغط رهيب إن لم يحسن تصريفه دمره تدميرا كاملا·· وعندما أصر كما في السابق على أن نهتم بحقيقة قدرات فريقنا الوطني ولاعبينا، فلأنني مثلكم أقف على حقيقة أننا ما وصلنا هذه الحالة الموصوفة بأنها حالة يأس لا تبقي ولا تذر على أي أمل، لأننا أسأنا تقدير أنفسنا، ففي أي من المباريات الأربع التي خضناها إلى الآن لم نهزم من خصومنا ولم نجرد من النقاط لقوة خصومنا، بل نحن من هزمنا أنفسنا ونحن من تركنا عمدا أو بغير عمد النقاط تضيع منا، لذلك أرى أن الفريق الوطني لو تعافى كليا من سقمه النفسي، ولو تخلص لاعبوه من عقدة الذنب، وآمنوا بالمطلق بقدراتهم لأمكنهم الفوز هناك بليبروفيل أمام الغابون· ولست أدري لماذا أبدو هذه المرة متفائلا بتحقيق الفوز على الغابون بمعقله هناك بليبروفيل· ربما كان ذلك لما رأيته من منتخب الكاميرون وهو يركع الغابونيين ويعيدهم إلى حجمهم الطبيعي، ربما كان ذلك لما عليه لاعبونا من جاهزية، تدل عليها مبارياتهم الأخيرة مع نواديهم في البطولات الأوروبية وقد أصبحت في أرجلهم مباريات كثيرة· وربما كان ذلك لسبب أكثر وجاهة من كل الأسباب التي ذكرت، فالفريق الوطني ذاهب إلى الغابون مفرغا هذه المرة من كل الضغط، أو هكذا يجب أن نهيء اللاعبين على أن ليس لهم ما يخسرونه هناك في الغابون، في وقت يعيش منتخب الفهود بمدربه، بلاعبيه وبجماهيره حالة من الخوف العميق الذي يرمي بنذوب كثيرة على النفسيات، الخوف من هزيمة ثالثة تهدد المنتخب الذي كان مرشحا بعد فوزين حققهما في أولى جولتين من التصفيات للوصول إلى كأس العالم، بالخروج من مولد التصفيات بلا حمص، أي لا تأهل لكأس العالم ولا تأهل لكأس إفريقيا للأمم· ولست بحاجة إلى القول أن التدبير العاقل للقدرات الفردية والجماعية للفريق الوطني سيضعنا هذه المرة أمام الوجه الحقيقي للأسود، وجه طالما بحثنا عنه، وجه فريق غدرت به الظروف وهزمته جزئيات صغيرة أكثر ما هزمه خصومه·· دعواتنا بالتوفيق الكامل لفريقنا الوطني··