أجمل خاسر هي المستديرة المجنونة التي أبت بمركب مولاي عبدالله إلا أن تبتسم للمغرب الفاسي بعد أن عانق الكأس الفخرية على حساب النادي المكناسي بهدف للاشيء من توقيع البرازيلي جيفرسون، هدف كان يعني صعود النمور الصفر على منصة التتويج والفوز بكأس العرش، حيث كان على الفريق الفاسي أن ينتظر أكثر من 23 سنة من أجل أن يتصالح مع هذه الكأس الغالية، إذ فاز به في آخر مرة عام 1988 وبالتالي تكون هذه الكأس هي الثالثة للفريق الأصفر بعد كأسي 1981 و1988. الماص إذن فك عقدة هذه الكأس وطرد النحس الذي طارده لعدة سنوات كفريق لعب 11 نهاية وفاز فقط في ثلاثة، ما يعني أن المغرب الفاسي ضيع أكثر من فرصة ليزين خزينته، لكن المغرب الفاسي لم يكن وحده من طرد النحس الذي لازمه على مستوى هذه المنافسة، بل إن المدرب رشيد الطوسي هو الآخر عاش ضغطا من نوع آخر، ضغط كان نتاج لخسارة نهايتين مع المغرب الفاسي، الأولى كانت أمام الجيش والثانية في الموسم الماضي كانت أمام الفتح، بيد أن الثالثة كان ثابتة فقد كانت أرضية المجمع الأميري رحيمة بهذا المدرب الذي لم تضع جهوده وعمله المضني للفوز بكأس إنتظرها كثيرا. النادس المكناسي الذي وصل إلى المباراة النهائية بعد أن تنقل بين تضاريس هذه المنافسة بهدوء وفي صمت كان يمني النفس أن يحقق اللقب الثاني في مساره بعد أن فاز به عام 1966، كما أن المدرب عبدالرحيم طاليب كان يمني النفس أن يفوز بالكأس للمرة الثانية في تاريخه كمدرب، لكن ليس كل ما يتمناه المرء يتحقق لأنه في الأخير سيكون هناك فريق خاسر وآخر مزهو بالفرح، لكن فرح الماص لم يكن بلوغه سهلا، حيث غلفت هذا النهائي الصرامة التكتيكية، لأننا كنا ندرك أن عبدالرحيم طاليب كان سيعد العدة التكتيكية المعجونة بالصرامة التكتيكية، حيث وضع الحواجز والعراقيل في وسط الميدان وملأه بأكبر عدد من اللاعبين، لذلك شعرنا أن لاعبي الماص شعروا باختناق كبير ومعاناة من أجل فرض أسلوب لعبهم الذي يعتمد بالأساس على الإنفتاح الهجومي ويعذب دفاعات الخصوم ويصل بسهولة إلى المرمى، هكذا وجد عبدالرحيم طاليب صعوبات من أجل فرض أسلوبه التكتيكي وأدرك أن على لاعبيه أن يجتهدوا كثيرا في الوسط والهجوم إن هم أرادوا تحقيق مرادهم. لقد نجح النادي المكناسي كثيرا في أسلوبه، والأكثر من هذا أنه امتلك بعض الفرص من أجل مباغثة الفريق الفاسي، خاصة في الجولة الثانية، لذلك بدا ظاهرا أن خطة النادي المكناسي كانت تسير وفق ما خطط له عبدالرحيم طاليب الذي كان يدرك خطورة لاعبي المغرب الفاسي، لذلك كان لزاما عليه أن يهيء الطبخة التكتيكية المناسبة نظير الفوارق الكثيرة، أكان على مستوى التجربة أو ما هو تقني ناهيك أيضا على الثقة التي يتمتع بها الماص بعد تتويجه الأخير بكأس الإتحاد الإفريقي، لذلك كان واضحا أن كفة المغرب الفاسي كانت مرجحة على الورق، لكن على أرضية الملعب كان هناك صراع تكتيكي كبير، وبالتالي كان من الطبيعي أن تبقى هذه المواجهة رهينة بضربة ثابتة أو خطأ دفاعي من أجل حسمها، وهو ما كان عندما استغل البرازيلي جيفرسون شرود الدفاع المكناسي وسجل هدف الفوز وهدف التتويج الغالي. وما تتويج المغرب الفاسي إلا استمرارية لفصول أخرى من التألق والتوهج، حيث سيكون على هذا الفريق أن يستثمر هذا الإنجاز التاريخي أو بالأحرى الفترة الذهبية التي يمر منها، لا أن ينام في عسل إنجازاته الأخيرة لأن العديد من الأندية جنت بعد فوزها بالألقاب المشاكل والإخفاقات لأنها لم تدبر هذه المراحل بعقلانية واحترافية، أما النادي المكناسي فيستحق هو الآخر كل التشجيع والتنويه كفريق أعطى العبر والدروس في الإجتهاد والحماس رغم ضياعه هذا اللقب، لذلك إستحق أن يكون أجمل خاسر.