أين أخطأ أبرون وما الذي يجعله مصمما على الإستقالة؟ وصف "إف.سي تطوان" بالفريق الشبح وقال أن المؤامرة يحيكها رجال السياسة وتجار المخدرات إضراب اللاعبين النقطة التي أفاضت كأس الأزمة
هي المآسي تأتي تباعا، ومن كان وثيق الصلة بفريق المغرب التطواني، يخبر كل تفاصيل حياته، سيقف لا محالة على حالة غير طبيعة، حالة متقدمة من المعاناة وحالة من الإحتباس الشديد المفضي إلى كارثة رياضية وشيكة، وإلا بماذا نفسر إصرار الحاج عبد المالك أبرون على تقديم إستقالته من رئاسة المغرب التطواني وهو الرجل الذي أعطى الإنطباع على الجرأة والجسارة لمواجهة الأعاصير؟ بماذا نفسر هذا الذي يتداعى من تهم صريحة بوجود مؤامرة كبيرة تحاك بخيوط سياسية للإطاحة بالفريق؟ وبماذا نفسر إنتفاضة اللاعبين الذين بمجرد عودتهم من الدارالبيضاء غداة مواجهتهم للرجاء الأربعاء الماضي حرروا وثيقة بخط اليد يقولون فيها أنهم قرروا مقاطعة التداريب أو خوض أية مباراة إذا لم تصرف لهم كل مستحقاتهم من منح التوقيع إلى منح المباريات؟ مقاولة منغلقة على نفسها أعطانا الحاج عبد المالك أبرون منذ أن إعتلى رئاسة المغرب التطواني قبل ست سنوات وقد صعد إلى القسم الوطني الأول بتضحيات كبيرة لرئيسه السابق محمد الناصر الذي سيتوارى وكل رجالاته خلف الستارة في ظروف مشينة وباعثة على الإستفهام، قلت أعطى أبرون الإنطباع على أن المغرب التطواني سيأخذ معه مسارا آخر يصبح فيه التدبير مقاولاتيا، ويصبح التسويق له نمطية جديدة، وأمكن فعلا أن نتلمس هذا الخيط الرفيع الذي كان يفصل بين زمنين، زمن الريع الذي يتوقف على أريحية الأشخاص وقوة نفوذهم وزمن العمل بفكر المقاولة، برغم أن الحاج أبرون وهو يضع الفريق تحت جبة مقاولته حكم على فريقه بنوع من العزلة، إذ تم تضييق الخناق على فعاليات إقتصادية ورياضية، فلم تجد لها موطئ قدم وانسحبت تباعا بحجة أن الحاج عبد المالك أبرون حصر المغرب التطواني تسييريا في أفراد عائلته وفي أشخاص لهم نوع من التبعية التي هي أقرب منها للأبوية.. ومع ما كان يبذله الحاج أبرون بمعية طاقم عمله من جهد كبير لتصدير صورة منقحة عن المغرب التطواني كفريق يعمل بنظام مقاولاتي، ويرصد ما يستطيعه من مبالغ ليستقدم لاعبين ومدربين من المستوى العالي، طموحه في ذلك الوصول بأقصى سرعة إلى لقب أو إنجاز يبرر ثورته إعتبارا إلى أن المغرب التطواني ليس في حوزته أي لقب، مع كل هذا الذي كان يعطي الإنطباع على أن المغرب التطواني فريق ميسور ولا حاجة له أن يمد يده للتسول، فإن الحاج عبد المالك أبرون كان يطل بين الفينة والأخرى ليستنكر ما يمارس عليه وعلى المغرب التطواني من إستفزازات، ثارة بمماطلة المجلس البلدي في ترميم المنصة الشرفية وهو ما ألحق بالفريق ضررا ماليا، وثارة بالتغييب الممنهج للدعم المادي. بداية الجفاء والحقيقة أن ما تبناه الحاج أبرون كنهج في مقاربة الأشياء وفي تحديد نوع العلاقة التي تربطه بالهيئات المنتخبة خلق نوعا من الجفاء، فعلى قدر إرتفاع صوت أبرون بشكل تدريجي لاستنكار الحصار المضروب على المغرب التطواني الذي يبدو ظاهرا على أنه فريق المدينة ويقع تحت مسؤولية المدينة ويبدو في العمق فريقا مملوكا للحاج أبرون على قدر ما كانت الأطياف السياسية الحاضرة في صلب القرار السياسي للمدينة تتشنج من التصدير الخاطئ للحقيقة، وتزايدت حدة الجفاء إلى أن تحولت بشكل خفي إلى كسر العظم، برغم أن السلطات المحلية تتبرأ جملة وتفصيلا من كل الذي تنعث به من حجب المساعدة عن المغرب التطواني. وبعد أن طفت على السطح نقط توثر كثيرة تفيد بوجود نوع من شد الحبل بين فريق المغرب التطواني الذي يقول البعض أنه بات مملوكا بالكامل لعائلة الحاج عبد المالك أبرون وبين فعاليات سياسية ورياضية بالمدينة، زادت حدة خطاب الحاج أبرون، بخاصة لما شاع في المدينة خبر تأكد فيما بعد، يقول بأن بعض الذين صدت أبواب المغرب التطواني في وجوههم، وكانوا على استعداد كامل لدعمه ماديا ويئسوا من معاودة الإلتحام بالفريق أنشأوا نادي إف.سي تطوان ليكون فضاء رياضيا بمثابة متنفس جديد لكل التطوانيين. حرب طاحنة وجرت حرب طاحنة في الكواليس بخاصة بعد أن صعَّد نادي إف.سي تطوان من اللهجة، وكان قريبا من شراء نادي رجاء الحسيمة ليتحول به إلى فريق ممارس بالمجموعة الوطنية الثانية، لولا أن قوة الحظر جاءت من الجامعة بوحي من القوانين العامة، قال أناس إف .سي تطوان في سرهم أن الحاج أبرون هو من أجهض هذا الميلاد السريع.. وطبعا كان من تداعيات هذه الحرب المكولسة أن الخناق قد ضيق على الحاج أبرون، فضاق ذرعا بحسب قوله من ممارسات وصفها بغير المسؤولة، إلى أن كانت ندوته الصحفية وإجتماعه بالمنخرطين ليقول تصريحا وليس تلميحا أنه قرر الدعوة إستثناءا لجمع عام يوم 22 أبريل الحالي يقدم خلاله إستقالة مختومة بالشمع الأحمر. إستقالة يربطها الحاج عبد المالك أبرون ربطا كاملا بكل هذا الذي أوردته من حوادث تواثرت يُسأل عن ملابستها الحاج عبد المالك أبرون قبل أن يسأل عنها هؤلاء الذين يصفهم بالمتحرشين والمفسدين وقبل أن يسأل عنها أصحاب القرار السياسي داخل مدينة عريقة وكبيرة مثل تطوان. إستقالة يربطها بغياب الدعم المالي، إلى درجة أنه صرح بأنه صرف على المغرب التطواني ما يزيد عن مليار ونصف المليار سنتيم من ماله الخاص (وهذا رقم مهول موجب للسؤال وللإستغراب أيضا)، وربطها بانقطاع الثيار بينه وبين أصحاب القرار، وربطها وهنا مربط الفرس بمؤامرة قال أنها تحاك ضد الفريق وقال أن من يقف وراءها أشخاص منتخبون وأشخاص مشتبه في مصادر أموالهم، في إشارة واضحة إلى تجار المخدرات ممن قضوا عقوبات حبسية.. أبرون يتحدث عن مؤامرة المؤامرة التي تحدث عنها الحاج أبرون والتي قال أنها تدبر من أشخاص أصدر هو نفسه أحكاما في طبيعتهم وهويتهم ومصادر أموالهم، ربطها بإنشاء فريق إف.سي تطوان الذي وصفه بالفريق الوهمي والذي قال أن أصحابه وظفوا لإنشائه مبلغ 700 مليون سنتيم، إلا أنهم بعد فشلهم في تثبيت فريقهم «الشبح» على حد قوله بسبب مقاومة كبيرة من «الجامعة» ومن بعض وسائل الإعلام، بدأوا باختراق المغرب التطواني من الداخل، فوصل الأمر إلى تسخير من يفاوض أبرون، وكانت الصفقة هي أن يحصل على 400 مليون سنتيم مقابل التنحي عن رئاسة المغرب التطواني.. ولأن الحاج أبرون إعتمد مبدأ المباشرة لرسم معالم، بل ومضمون المؤامرة، فإنه لم يتورع في ذكر الأسماء، وقال أن المحرك على الفتنة سياسوي وانتخابي. وقد نقتنع بطرح بعد المالك أبرون الذي لم يتورع عن تقديم الحجج الدامغة على صحة ما يذهب إليه، إلا أن ما من شيء يقول بأن فريق المغرب التطواني الذي أراد أبرون إدارته بأسلوب المقاولة كان يجب أن لا ينعزل عن محيطه وأن لا توصد أبوابه، وأن يخيل إلى كل التطوانيين أيا كانت طبيعتهم وانتماءاتهم السياسية أنهم مرفوضون داخله، فما ضيق الخناق على الفريق هو أنه إبتعد كثيرا عن أهله، وما جناه الفريق من هذه العزلة هو أن الذين أغتصب حقهم في الإنتماء بأي صورة للفريق ثاروا بالشكل الذي ثاروا به إلى الدرجة التي بات معها أبرون مصمما على الإستقالة. تمرد اللاعبين وإذا كان هذا هو حال المغرب التطواني مع محيطه الداخلي، فإن حاله مع المحيط الخارجي ومع لاعبيه ليس أفضل، فإلى اليوم هناك حالة من الجفاء الكبير بين المغرب التطواني والرجاء البيضاوي على خلفية وثيقة سرقت من مقر نادي الرجاء تثبت حقه في صفقة بيع المغرب التطواني اللاعب الحواصي المجلوب من الرجاء للوكرة القطري، وإلى اليوم هناك حالة من الإحتقان الشديد داخل الفريق نفسه، فمع عودة الفريق من الدار البيضاء، حيث نازل الرجاء مساء الأربعاء الأخير وإلتحاقه بفاس لتحضيرمباراة أمس الأحد أمام المغرب الفاسي صعد اللاعبون من حدة الإحتجاج على عدم وفاء المكتب المسير بالتزاماته، بخاصة ما تعلق بصرف منح التوقيع ومنح المباريات ومنح منافسات كأس العرش وكأس دوري المستقبل الذي بلغ الفريق نهايته. الإحتجاج وصل حد الإنقطاع عن التداريب ورفع عريضة بهذا الموضوع تحمل توقيع 24 لاعبا.. المثير في الأمر أن المكتب المسير لما أبلغ بالأمر من قبل المدير الإداري بادر إلى عزل تسعة لاعبين هم مصطفى الحداد، ياسين لكحل، بيير كوكو، خالد سباعي، يوسف بوشتي، عبد الرزاق لمناصفي، كامارا، محمد أبرهون والميموني بحجج مختلفة، فأقنعهم بترك الفندق الذي كان يقيم فيه الفريق والإنتقال لفندق آخر، بعد كان قد طالب أربعة لاعبين هم هشام العمراني، أحمد الطالبي، عبد اللطيف ند لحسن وأحمد جحوح بالعودة رأسًا إلى تطوان.. وهو قرار قال الكاتب العام للمغرب التطواني أنه كان إجراء عاديا، بحكم أن هشام العمراني موقوف لمبارتين بسبب جمعه للمرة الثانية لأربعة إنذارات وجحوح لطرده أمام الرجاء، ولأن المدرب لم يكن بحاجة لكل من الطالبي وند لحسن، برغم أنه شدد على أن اللاعبين تقاضوا راتبهم الشهري وأن المنح تصرف لهم تباعا، واتفق على أن منافسات كأس العرش ستصرف خلالها للاعبين منحة 20 ألف درهم في حال الوصول إلى نصف النهاية ومنحة 30 ألف درهم في حال الوصول إلى المباراة النهائية، أما منحة دوري المستقبل فستصرف حال توصل الفريق بالمكافأة المالية المخصصة للدوري من قبل الجامعة. زلزال آخر يوم 22 أبريل وكان مزلزلا أن يتحدث اللاعبون المحتجون حتى لا أقول المضربون عن اللعب، على ممارسات منافية للأعراف، فهشام العمراني عميد الفريق تحدث عن تسويف لا مبرر له في صرف المستحقات المالية إلى درجة أنه قال بأنه نادم على تجديد العقد، كما تحدث عن مداهمات لبيوت اللاعبين من قبل رجال الأمن في ساعات متأخرة من الليل بتحريض من المكتب المسير، وهو ما أكده الكاتب العام للمغرب التطواني السيد أزواغ عندما قال أن المكتب المسير بادر إلى هذا الإجراء بعد أن بلغته من سكان العمارات التي يقطن فيها اللاعبون شكاوى بوجود حالات منافية للأخلاق.. حالة من فقدان الثقة ومن الترهيب ومن الإنفلات الذي يضع للكارثة ألوانها القاتمة.. والخوف كل الخوف أن تكون تداعيات كل هذا الذي يحدث داخل المغرب التطواني خطيرة، فترمي بالفريق إلى غياهب القسم الثاني ولو أن هناك هامشا من الأمان، إذ أن الفريق قريب جدًا من تأمين بقائه بالقسم الأول والبطولة على بعد خمس دورات من نهايتها.. أكيد أن المغرب التطواني بكل مكوناته، بمن يملك اليوم ناصية تسييره وبمن يقفون في الضفة الأخرى سيحبس أنفاسه، فأكيد أنه مع حلول يوم 22 أبريل ومع انعقاد الجمع العام الإستثنائي سيطل فجر يوم جديد على الحمامة البيضاء.