نعرف جميعا أن قانون التحكيم في كرة القدم يقضي بطرد كل من حصل على إنذارين، أو طرد مباشر في أي مباراة، ونعرف ضمنيا أن الإنذار الأول هو تنبيه تلقائي لما هو آت من تهور أو استهتار يلقي بظلاله إلى الصفراء الثانية وبعدها المغادرة تحت الضغط ونار الهيجان. وكثير من اللاعبين يسقطون في وحل الضغط وينالون الجزاء ومع ذلك يحتجون لجنحة ظاهرة. وهذه القرينة الإنذارية هي التي سادت في قالب وباء كورونا القاتل ولا زالت تسود بمحمل جدي يرتقي جزئيا بالمخالطة المكثفة كما هو مسجل يوميا بتعاظم الأرقام المهولة. وعندما كنا ننبه تحسيسيا في شقنا الكروي بعد عمومية التحسيس الشعبي، بدت خيوط هذا الإكراه تتناسل بقوة الخوف داخل الأندية وإن لم تكن على حدتها في جميع الفرق، ولكن جزئيا في بعض البؤر التلقائية والأكثر تضررا بارتفاع الأرقام اليومية. ونذكر أن الوباء أنذر اتحاد طنجة أوائل يوليوز الماضي بثلاث إصابات بعد مسح خاص وخضوع للتحاليل المخبرية من بينهم اثنين من المكلفين بالأمتعة الرياضية، إضافة إلى لاعب واحد فقط. وهذا الإنذار الذي لاح في أفق العلياء بعد شفاء المعنيين، لم يكن إنذارا عاديا، بل محفزا للوصول إلى قناعة الطرد في مباراة كرة القدم، وقناعة الإستهتار بالوباء، وما دامت المصيبة عامة في البلاد وبأضعاف الوفيات والإصابات المهولة، فنطاقها داخل الأندية يتعاظم ويتفاقم على الرغم من الإحتراس والإحتراز والمسح الطبي والتحليلي الدائم، والدليل أن ما حدث باتحاد طنجة هو نسخة طبق الاصل لما يسري بالبوغاز عاصمة الحداثة والجمال، ولا يعقل أن تتكدس الأرقام المهولة بالفريق الى 16 لاعبا ومدرب الفريق وأفراد ادارة النادي وعضو من الطاقم الطبي ومكلف بمعدات الفريق على الرغم من الإحترازات الوقائية التي خضع لها الفريق واحترامه لطقوس مراسم النظام الصحي. مثلما لا يعقل أن يكون الإنذار الأول سحابة عابرة غير معتد بها قبل أن يكون الإنذار مجسما للورقة الحمراء والصعقة الواقعية لأحداث عاثت بالفريق من دون أن يدري أي عنصر من الأطراف المصابة كيف أصيب، ومن أين تلقى العدوى، وهل شعر بأعراضها ؟ وكيف خالط اللاعبين ؟ على الرغم من الخدمة الصحية التي يتلقونها وفق مراسم النظام الصحي الصارم. وإن كنا واقعيين في الأمر، فالتحريات عادة ما تنبش في عمق الجزئيات الصغيرة للوصول إلى الحقيقة الراعية أصلا من المخالطة أو عدم مراعاة النظافة الكاملة أو أي جزئية بسيطة تؤدي عادة الى تضخم المصيبة، ولا يعقل على الإطلاق أن تصاب كل مكونات الفريق دفعة كاملة إلا إذا كان هناك تصافح أو عناق تمر منه الطلاسم الوبائية على المكشوف، وربما هناك أيضا عناصر خارجية أخرى تستلطفك بالمناصرة وأخرى تدخل بيوت المعسكر للتنظيف وغيرها من أدوات التواصل الإجتماعي أو أي شيء يدعو إلى الشك في ملامسة حقيقة الأماكن المفترض أن تلمس عنوة ومر عليها آخرون من دون إشعار. ولذلك، فالتحري البوليسي أصبح ضرورة في الكشف عن مكمن الوباء، والتحري يعني الدخول إلى مكان معين بالتعقيم المنهجي، فلا غطاء النوم ولا حاجيات بيت النوم في الفندق أو أي شيء معني بسؤال التعقيم والبروطوكول الصحي لمن يقوم بوظيفة التنظيف، هذا أولا، ولكن هل فكرنا ثانيا كيف للمدرب بيدرو بنعلي أن يأتي من معسكر أكادير مع الفريق وقد تحدث لزميلنا منعم بلمقدم أنه بعد العودة إلى طنجة، فقد لحاستي الذوق والشم وبعدها سيشعر بوهن شديد وارتفاع في درجة الحرارة ليتحسس رأسه موقنا أنها كورونا الأمر الذي تأكد بعد مسحة السبت. فإما أنه أصيب هناك بمعية مكونات الفريق بعد المسح الطبي والاختبارات المسبقة الخاصة بمراسم النظام، أو أنه اصيب بعد العودة الى طنجة راعية الوباء على الرغم من التحاليل المفروضة، أو أن الإصابة جاءت من مسببات خارجية بعد التحاليل السريعة، ومع ذلك، لا يمكن أن نشكك إطلاقا في الخصوصيات الطبية لأنها لازمة وضابطة قضائية بهذا المعنى. ولذلك، فإصابة مدرب اتحاد طنجة ومن معه، لا يمكن أن تكون قضية عنصر عدوى واحد، بل عناصر متلاصقة في التجمع والمخالطة وغيرها من سرعة انتشار الصدمة، وقلت أن أشياء دخيلة وأخرى ظاهرة في الأفرشة واللوجيستيك، لكنها غير محمية من اللمس الخارجي لعناصر خارجية، وأكثرها طرحا هو العناق والتصافح و «ماح ماح» والتواصل القريب والمجالسة بين اللاعبين من دون كمامات إلى غير ذلك من أبسط الجزئيات في شرب المياه من كؤوس واحدة ووووووو « واش نزيد ولا باراكا»، وأرجو الله أن يحمي لاعبينا من صدمة الإستهانة بأبسط الأشياء التي تهز القلوب جميعا وقلوب عائلات اللاعبين ومكونات أي فريق كان. آمل من الله عز وجل أن يذهب عنا الداء والوباء بهذا الدعاء الصادق «اللهمّ إنّا نسألك من عظيم لطفك وكرمك وسترك الجميل أن تشفي ملكنا الهمام وأمتنا وسائر اقطارنا وتمدّنا بالصحّة والعافية، اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى وبصفاتك العلا وبرحمتك التي وسعت كلّ شيء، أن تمنّ علينا بالشفاء العاجل، وألّا تدع فينا جرحًا إلّا داويته، ولا ألمًا إلا سكنته، ولا مرضًا إلا شفيته، وألبسنا ثوب الصحة والعافية عاجلًا غير آجلًا، وشافِنا وعافِنا واعف عنا، واشملنا بعطفك ومغفرتك، وتولّنا برحمتك يا أرحم الراحمين.»