أعياد ميلاد حزينة عندما كان لاعب الرجاء البيضاوي لانسيني كوني يستعد للإحتفال بعيد ميلاده الثلاثين، ويزين صالون شقته ببالونات الفرح الملونة، تلقى مكالمة هاتفية من أبيدجان اعتقد أنها تحمل تهاني برائحة البارود، قبل أن يخبره مخاطبه بنبأ وفاة شقيقه كوريبا كوني الذي قتل برصاص ميليشيات الرئيس الكاثوليكي غباغبو، في إطار إبادة جماعية ضد المسلمين الموالين لحسن واتارا. حمل موقع الرجاء البيضاوي خبر الوفاة وعبارات تعزية حزينة تلتها مباشرة تهنئة بحلول العام الميلادي الجديد، حينها اختلطت التهاني بالمواساة وأصبح الجميع تائها في دوامة مشاعر متناقضة. نفس مشاعر الحزن عاشها لاعب الرجاء بلال الدنكير، في يوم عيد ميلاده، فقد تلقى خبر إقصائه من لائحة المنافسات الإفريقية، في الوقت الذي كان هاتفه المحمول بصدد تسديد رسائل تهاني نصية للأهل والأحباب، قبل أن يتوقف عن زف التهاني ويقرر إجراء طقوس عيد الميلاد بالوي كلو. نكبة الوداديين كانت أكبر، فاللاعب خالد السقاط عاش في يوم عيد ميلاده السابع والعشرين، نكبة حقيقية، إذ غادر الملعب مكرها بعد شوط واحد هو الأطول في تاريخه الكروي. غادر السقاط الملعب وأغلق هاتفه المحمول وأقسم بأغلظ الإيمان على عدم حمل قميص الوداد مهما كانت الظروف، لكن يبدو أن الفريق في حاجة على الأقل في الوقت الراهن لبديل قادر أولا على تحمل الضغط الجماهيري الرهيب، وإكمال دقائق المباريات مهما حصل، وهي خاصية يفتقدها كثير من لاعبي الجيل الحالي الذين ينهارون لمجرد شتائم متطايرة في المدرجات. كثير من لاعبي الوداد قضوا ليلة عيد الميلاد في أجواء من النكد، أغلبهم أجل الإحتفال بعيد ميلاده المتزامن مع أعياد ميلاد المسيح، لأن بابا نويل لم يكن رحيما بهم ولم يقدم لهم في مباراة تادلة هدية العيد. جويعة حزين لأن إسمه معروض في سوق المقايضة، والوالي العلمي هرب بجلده إلى مراكش ليحتفل مع من ساهم في انتدابه بعيد ميلاده بعيدا عن فورة غضب الوداديين، وقس على ذلك ممن صادفت أعياد ميلادهم حالة النكد. ومن مكر الصدف أن يحتفل نتالي كارزيطو بعيد ميلاده في جو من الحزن والغضب، بعد أن تلقى من المكتب المسير أسوأ هدية عبارة عن رسالة نصية تدعوه لإعطاء شبر من التيساع للوداد على غرار والده دييغو الذي سيحتفل بعد أسبوعين بعيد ميلاده الواحد والستين، في لحظة لم يندمل فيها جرح الإقالة المفاجئة. يتذكر الوداديون حفل عيد الميلاد المصادر، والذي هيأ فيه المكتب المسير كعكة وشمعا، وحولوا مستودع الملابس إلى غرفة أفراح، استعدادا لمفاجأة سارة للمدرب الزاكي الذي صادفت مباراة الكاك عيد ميلاده الواحد والخمسين، لكن تعادل الفريقين ألغى الحفل وحول التهاني من المستودع الأحمر إلى مستودع الخضر. أغلب الأندية المحترفة تضع أعياد ميلاد لاعبيها في الحسبان، تفاجئ الجميع بكعكة العيد قبل المباراة من أجل رفع المعنويات، لكن مسؤولي أنديتنا لا علم لهم بهذه الطقوس، بل إن كثيرا منهم يجهلون أعياد ميلاد أبنائهم، فالتاريخ المدون في ذاكرتهم هو يوم الجمع العام الذي يمدد من عمرهم ويمكنهم من الجلوس لفترة أطول على كرسي المسؤولية. أما احتفالات الأندية بأعياد ميلادها فتلك حكاية أخرى لا يقيم لها وزنا رؤساء فرقنا، إذ غالبا ما تمر الذكرى مرور اللئام، كأن الفرق بلا شواهد ميلاد كالأطفال المتخلى عنهم. ولأن المناسبة شرط لا يسعنا إلا أن نهنئ اللاعبين الذين احتفلوا سرا أو علانية بأعياد ميلادهم، ونرثي لمن أطفأ الشموع بقطرات الدموع.