العسكري وأشياء أخرى.. ما حدث خلال لقاء الجيش الملكي هو ما مهدنا له بالحرف من خلال توطئة المباراة القبلية باعتبارها قمة الغرب التي تثير الرعب وكفيلة بقلب المعطيات الرقمية والورقية رأسا على عقب.. ما حدث هو العصي عن الفهم إذن، ليس في فوز الكاك المستحق على العساكر في عقر الدار وإنما في الأحداث الغريبة التي رافقت الصدام. فيلوني أجزم إنك لساحر قد تتكرر المصادفات الضاحكة والحظ الوردي في حياة المرئ مرة ومرتين بل ثلاث، لكن أن يحالف التوفيق شخص ما مرات متعددة فإن المسالة إما أنها مرتبطة بالكفاءة والجدارة والقدرة على تطويع الأشياء أو بعوالم خفية وغيبيات تفعل فعلتها وكائنات تسخر لبلوغ المرامي والأهداف.. فيلوني المدرب الذي تنطق التيجان والتوشيحات أكثر مما تنطق السجلات بكونه عبقري هذا الزمان الذي لا يقل عن السير فيرغيسون إلا في المسميات والأندية التي يرتبطان بها ولغة الأصفار التي تفرقهما، مرة أخرى يفلح في سرقة الأضواء حتى وهو بعيد عن دكة البدلاء مطرودا خلال نوال الرجاء الذي أبلى فريقه خلاله البلاء الحسن و اغتيل برصاصة غادرة في الزمن العاصف الذي لا يتيح فرصا للتدارك والتعويض، منقوصا فريقه من خدمات بنمويح وهرواش وكردي والعروي وغيرهم كثير أمام منافس مزهو بترويض البطل بملعبه والداهية الأرجنتيني يبادر بتعديلات صنفت من قبيل المخاطرة الخرقاء أو الحمقاء أو حتى المجنونة (كردود بوكري بورحيم) عناصر الفتوة تظهر أمام الجلمود الكبير بالبطولة لمنازعته نقاط اللقاء أليس الأمر فعلا لا يأتيه غير الحمقى أو السحرة ؟ العسكري يخرج من التاريخ بدأ الجيش الملكي لقاءه وهو يحمل صفة البطل أمام مناصريه الذين صنفوا تعادل البيضاء بالطريقة التي حصل بها ضمن خانة استثنائية، قديوي الوافد الجديد على المنتخب الوطني يفتح شوارع مع الإنطلاقة ويمهد للباسل كي يصعق الضيوف برصاصة مبكرة، لكن الأخير يفتقد لخاصية التركيز وهدف محقق يضيع على الجيش، دون كثير مقدمات قديوي ذاته في الدقيقة الثانية يمهد هذه المرة لوادوش والأخير بيسراه يقنبل المرمي لكن بمحاذاتها، شاهدنا عشر دقائق كلها اكتساح للجيش ورد فعل الزوار في صورة خجولة إلا من تسديدة لأبرباش في الدقيقة 14 بعيدا عن مرمى العسكري، ثم رد فعل مماثل من طرف قديوي في الدقيقة 15 وتسديدة راعدة تابعها العروبي بمآقيه. سيناريو على هذا النحو كان لابد وأن يترك فراغات في خط ظهر الجيش لتاتي الدقيقة 40 بالحدث التاريخي الكبير الذي تناقلته المحطات العربية والدولية مجددا وهذه المرة بصيغة مثيرة عما سبق، كرة من فلاح بالرأس للخلف والشاهيري يتركها للعسكري غير أن المكتوب بمداد التعاسة طبيعي جدا أن يكون مصيره كالذي حدث، خالد حارس الجيش الملكي على طريقة الكولومبي هيغيتا يحاول مراوغة بلال بيات والأخير يستل الكرة منه وهدف تاريخي ليس لطبيعته بل لما سيعقبه، هذيان هلوسة وهيستيريا حارس الجيش تقوده وهو المشنوق بوقع اللحظة والمتشنج مما حدث لترك الملعب مزيلا القميص وموحيا بإشارة الوداع والإستسلام والإنقياد للمصير صوب مستودع الملابس تاركا آلاف الأسئلة خلف ما حدث وكيف حدث ولم حدث ؟؟؟ غير أن القنيطريين لم يعبأوا بغير فصول الفرحة لم تكن فرصة الباسل لتغير من واقع الصدمة شيئا في شوط خرج فيه العسكري من التاريخ بعدما دخله قبل أسبوعين. طوفان سبو جرف العسكر انتظر الجميع أي ردة فعل سيأتيها الجيش بإيحاء من مهندسهم عزيز العامري بعد نهاية شوط الإثارة الأول.. وما حدث أوحى للكل أن العساكر بقوة ذهنية كبيرة لن تنال منها حركة العسكري.. قديوي وكأنه يريد تحمل الفاتورة وإصلاح ما حدث يشق أخذوذا آخر في دفاع القنيطريين والعروبي بالمرصاد.. ضغط جارف تحصل من خلاله الجيش على جزاء مشروع للعودة في المباراة وصاحب الإختصاص الموكول له مهمة التعديل وريادة سبورة الهدافين وادوش تعانق كرته السحاب مكرسا نظرية المصائب التي تهل مجتمعة حدث هذا في الدقيقة 56 وهنا تأكد أن معصم فيلوني وضمادته لن تسهل مهمة الجيش في ليلة الكآبة هاته.. أبرباش كاد يزيد المتاعب من خلال تسديدة صدها الشادلي وانفراد لاحق لبلال رفض نفس الحارس ترجمته.. سيل عرم من فرص الجيش التي تضيع ببشاعة جزاء صنف بالكاو للزوار كاد يضع خاتمة سيئة لبداية الجيش الألمعية بالبطولة قبل أن يضيعه بورواس تاركا ما تبقى من دقائق تؤكد أن الليلة فعلا ليست ليلة العامري ورجاله وانتصار تاريخي للكاك هو الأول لهم بالبطولة وخسارة جرف من خلالها سبو الكتيبة العسكرية وأدخلها دائرة المتاعب في منعرج حاسم سيصعب الخروج من بركته ما لم تحضر العزيمة وأشياء أخرى.