في الاصطلاح هو الابتداء في الأفعال باليد اليمنى والرجل اليمنى والجانب الأيمن، ومن السنة النبوية الشريفة التيمن عند دخول المسجد بالبدء بالرجل اليمنى، وفي الوضوء بالبدء بغسل اليد اليمنى، ثم اليسرى، وكذلك الشأن في غسل الرجلين، وفي الغسل بالبدء بالجانب الأيمن ثم الأيسر، وفي الأكل والشرب واستحباب الصلاة عن يمين الإمام.. وقد ثبت في سلسلة من الأحاديث النبوية الشريفة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب التيمن في كل ممارساته وسلوكاته اليومية، فعن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال"إذا أكل أحدكم فليأكل بيمينه، وإذا شرب فليشرب بيمينه، فإن الشيطان يأكل بشماله، ويشرب بشماله"[1]، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمين وإذا نزع فليبدأ بالشمال ليكن اليمنى أولهما تنعل وآخرهما تنزع"[2]. وقد أظهرت مجموعة من الدراسات الإحصائية أن أغلب الناس يستعملون الأطراف اليمنى في حياتهم وأن نسبة الأشخاص الذين يستعملون الأطراف اليسرى محددة في نسبة 5 و10%، فهل هناك اختلاف فسيولوجي بينهما؟ وما هي الوضعية السليمة لراحة الأعضاء وسلامة القلب؟ فقد بينت مجموعة من الأبحاث والدراسات أن الحركات الصادرة من الجانب الأيمن للجسم تابعة لنصف المخ الأيسر، وأن الحركات الصادرة من الجانب الأيسر تابعة لنصف المخ الأيمن. أي أن نصفي الكرة المخية وإن كانتا متماثلتين من حيث الشكل فهما مختلفتين من حيث الوظيفة. فنصف الكرة المخية اليسرى تعتمد التحليل والمنطق والحساب والتركيز ودقة التفاصيل، في حين أن النصف المخي الأيمن يعمل بمفهوم الشمولية والعاطفية والحدس والمرئي والفضائي.. كما بينت هذه الأبحاث طرق سيطرت طرفي أحد جانبي الجسم على الآخر، محاولة منها لفهم ومعرفة هذه الظاهرة بتفصيل دقيق. وتبين أن الجسم الثفني -le corps calleux- يضم مجموعة من الألياف العصبية التي تصل نصفي الكرة المخية، وهي أكبر حجما لدى الأشخاص اللذين يستعملون اليد اليسرى في ممارساتهم اليومية، وأن من بين الأسباب الرئيسية لذلك، ترجع إلى مجموعة من العوامل الكثيرة والمتداخلة ومن أهمها الوراثة والهرمونات، وترتيب الولادة، وعوامل بيئية متشابكة.. ومن جانب آخر فقد تبين أن الأشخاص اللذين يستعملون اليد اليسرى في ممارساتهم اليومية، يعانون أكثر من مشاكل عاطفية وسلوكية وعسر التعلم والقراءة، ويميلون أكثر إلى العمل في الميادين التي تتطلب أقل مهارة معرفية، كما اكتشف الأطباء مؤخرا أن الجزء المسؤول عن العنف والشر يوجد في الجزء الأيمن من المخ وأن استخدام الجانب الأيسر من الجسم يقوي دافع الشر والعنف. وفي ذكر أهمية التيمن في الحياة اليومية نجد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحث على الاضطجاع على الشق الأيمن، فعن البراء بن عازب قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الأيمن"[3]، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي اللفه عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا مُضْطَجِعًا عَلَى بَطْنِهِ فَقَالَ: "إِنَّ هَذِهِ ضِجْعَةٌ لَا يُحِبُّهَا اللَّهُ"[4]. فالاضطجاع على البطن يعرض النائم لضيق التنفس؛ لأن الصدر يكون مثقلا بحمل الظهر، كما تؤدي هذه الوضعية إلى انثناء العمود الفقري. وتجعل القلب تحت ضغط الرئة اليمنى وهي الأكبر، وقد يتأثر بضغط المعدة إذا كانت ممتلئة مما يضعف قوته ويقلل نشاطه. كما وجد العلماء أن هذه الوضعية تشكل خطورة على الأطفال فقد لوحظ أن هناك ارتفاع ملموس في نسبة وفيات الأطفال، وتصل هذه النسبة إلى ثلاثة أضعاف عندما ينامون على بطونهم.. أما النوم على الشق الأيمن فهي الوضعية السليمة لراحة القلب ومختلف الأعضاء. في ما يسبب النوم على الظهر مجموعة من الإصابات ساء على مستوى التنفس الفموي الذي يعرض صاحبه إلى كثرت الإصابة بنزلات البرد والتهابات الفم واللثة.. المراجع 1. الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار، كتاب صفة النبي صلى الله عليه وسلم، باب النهي عن الأكل بالشمال، مسألة: 1712- 1713، ص: 252. 2. غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب، مطلب في آداب الأكل، مطلب في كراهة مباشرة الأذى باليد اليمنى، ج: 2، ص: 97. 3. سنن أبي داود، أبواب النوم، باب ما يقال عند النوم، مسألة: 5046، ص: 316. 4. مسند أحمد بن حنبل، ج: 2، ص: 287. 5. محمد السقاعيد، موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة، دار اليقين، الطبعة الأولى 2009م. 6. Georges Abraham, un conflit interhémisphèrique, Revue Médicale, Suisse..p296, 1er février 2012. 7. P.Khosravizadeh, S.Teimournezhad, Handedness and Lateralisation of the Brain, BRAIN (Broad Research in Artificial Intelligence and Neuroscience, Vol 2, Issue 1, January 2011). 8. Joshua Goodman, The wages of sinistrality: Handedness, Brain structure and Human Capital Accumulation, Faculty Research Working paper series, Harvard Kennedy School, RWP12-002, January 2012.